حرب عملات في الأفق.. العالم ماضٍ نحو الكساد

حسام عيد – محلل اقتصادي

على مدى يومين اجتمع قادة مجموعة العشرين في مدينة أوساكا اليابانية، بآمال إنقاذ الاقتصاد العالمي من المخاطر التي تحدق به، لكن يبدو أنهم عجزوا عن التوصل لأية حلول، واكتفوا فقط بالتحذير والدعوة لمناخ تجاري حر ونزيه.

الواقع اليوم يشير إلى تسارع وتيرة النزاع التجاري بين الولايات المتحدة الأمريكية والصين، والذي قد يتطور إلى حرب عملات على المدى القريب، والتي بطبيعة الحال ستلقي بتداعيات سلبية على اقتصادات العالم.

هدنة تجارية قبل الكساد العالمي

في بيان صدر في ختام قمتهم التي انعقدت على مدى يومين في أوساكا بغرب اليابان، قال القادة إن النمو الاقتصادي العالمي لا يزال ضعيفًا، وإن الاحتمالات تتجه للأسوأ مع تصاعد التوترات التجارية والجيوسياسية.

وقال البيان “نسعى جاهدين لتوفير مناخ تجاري واستثماري حر نزيه غير منحاز وشفاف ومستقر يمكن التكهن به وإبقاء أسواقنا مفتوحة”.

وعند صياغة بيان القمة حرصت اليابان التي ترأس الاجتماع على إيجاد أرضية مشتركة بين الولايات المتحدة التي تعارض لغة التنديد بالحماية التجارية والدول الأخرى التي تسعى لتحذير أقوى ضد التوتر التجاري.

وهزت التبعات واسعة النطاق للحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين الأسواق واختبرت عزيمة أعضاء المجموعة إزاء توحيد جبهتهم لتفادي كساد عالمي.

واتفقت الولايات المتحدة والصين على استئناف محادثات التجارة ما يعطي بعض الأمل في إمكانية تسوية أكبر اقتصادين في العالم للنزاع المرير بينهما. لكن استئناف الحوار هذا بين أكبر اقتصادين في العالم لم يترافق مع أي جدول زمني.

وكانت وكالة فيتش للتصنيف الائتماني خفضت توقعاتها لنمو الاقتصاد العالمي، بسبب الحرب التجارية بين الصين والولايات المتحدة الأمريكية، بعد أن فرضت الأخيرة تعريفات جمركية نسبتها 25% على باقي الصادرات الصينية إلى أمريكا والبالغ قيمتها 300 مليار دولار.

وأشارت إلى أن تلك الضريبة قد تخفض الناتج المحلي الإجمالي العالمي بنحو 0.4% في 2020.

وخفضت الوكالة توقعاتها لنمو الاقتصاد العالمي إلى 2.7% و2.4% خلال العامين الجاري والمقبل، مقارنة بتوقعاتها السابقة عند 2.8% و2.7% على التوالي.

“فيتش” توقعت أن يخسر الاقتصاد الصيني 0.6%، من ناتجه المحلي الإجمالي وأن يتقلص الاقتصاد الأمريكي بنسبة 0.4% في 2020.

حرب عملات في الأفق

منذ وصول دونالد ترامب إلى البيت الأبيض في يناير عام 2017، يطغى شبح سيناريو حرب عملات على العالم.

وفي الوقت الراهن، أوضحت وكالة “فيتش” أن فرض تعريفة جمركية على كافة السلع التي تصدرها الصين إلى الولايات المتحدة، إذ ما نفذ ترامب تهديداته، سيؤدي إلى انتقال التوتر من الحرب التجارية إلى حرب العملات؛ إذ من المتوقع أن تخفض الصين أسعار الفائدة بنحو 50 نقطة مئوية بما يسمح بتراجع اليوان بنحو 5%، وهو ما سيتبعه قيام الفيدرالي الأمريكي بتخفيض سعر الفائدة أيضا.

حربا كهذه ستكون مدمرة، ومن شأنها أن تخل بمنظومة التجارة الدولية بأكملها.

فكما قالت الدكتورة ماجي كريس، أستاذة التجارة الدولية في جامعة أكسفورد، فهي لن تشمل حرب عملات المتنافسين الاقتصاديين فحسب، بل ستندلع بين الحلفاء أيضا، فاتهام الرئيس ترامب للاتحاد الأوروبي أكبر شريك للولايات المتحدة، بأنه يتلاعب عمدا في سعر صرف اليورو، يعني عمليا أن هذا النوع من الحروب سيكون شديد الشراسة، وسيصعب تصور أي تحالفات فيه، إذا ما انحدر إليه الاقتصاد العالمي، ومن ثم ستكون التكلفة الكلية شديدة الارتفاع.

وأضافت، “ربما تكون الاقتصادات الناشئة الخاسر الأكبر، وربما تتشكل بعض التحالفات بين الاقتصادات المتطورة بهدف توجيه ضربات قاسية للاقتصادات الناشئة”.

وبالفعل، فإن إضافة الولايات المتحدة سنغافورة وماليزيا وفيتنام إلى قائمة المتلاعبين المحتملين بالعملات، أثار مخاوف أغلب المسؤولين الاقتصاديين في تلك البلدان، بل وقلق الكثير من الشركات الدولية.

حرب العملات تحدث عادة عندما تشتري دولة عملات أخرى على نطاق واسع، كالدولار على سبيل المثال، من أجل الحفاظ على نقدها بمعدل منخفض للغاية، وبالتالي تعزيز القدرة التنافسية لصادراتها. وفي هذه العملية، تتفاعل الدول الأخرى من خلال تقليدها، فينجر العالم إلى دوامة من التخفيضات التنافسية التي لا يكون فيها فائز.

ربما يعجبك أيضا