خاص| أبعاد عودة سوريا إلى الحاضنة العربية في أعين الخبراء

محمد النحاس
عودة سوريا لجامعة الدول العربية

مجددًا تعود سوريا لمقعدها في الجامعة العربية، فما أبعاد هذه الخطوة؟ وهل تضع حدًّا للأزمة السورية؟ وما علاقتها بالتغيرات الدولية والإقليمية؟


أعلنت جامعة الدول العربية استعادة سوريا لعضويتها، واستئناف مشاركتها في اجتماعات مجلس الجامعة، بعد غياب لأكثر من عقد، في خطوة طال انتظارها.

ولا يعني هذا تطبيعًا كاملًا للعلاقات بين دمشق والعواصم العربية، باعتبار أن استعادة الصلات بمستوياتها المختلفة قرار سيادي لكل دولة بمفردها، إلا أن أن الخطوة تعد “لبنة أولى” في سبيل عودة العلاقات العربية السورية.. فكيف يرى الخبراء الأمر؟

خطوة مهمة

تاريخيًّا، كانت الجمهورية العربية السورية في صدارة المشهد العربي بكل تجلياته وجوانبه، لذلك كانت الدعوات كثيرة من التيارات ذات التوجهات “العروبية” إلى إعادة سوريا لمقعدها في جامعة الدول العربية، حسب خبراء تحدثوا إلى “شبكة رؤية الإخبارية”، وأضافوا أنه “من منطق برجماتي بحت، كان الموقف يقتضي إعادة سوريا إلى محيطها العربي”.

وفي خطوة إيجابية تجاه تطبيع العلاقات السورية العربية، قرر مجلس جامعة الدول العربية استئناف مشاركة وفود حكومة جمهورية سوريا العربية في اجتماعات المجلس، وجميع المنظّمات والأجهزة التابعة لها، وفق بيان من الأمانة العامة للجامعة العربية.

جاء ذلك خلال اجتماع وزراء الخارجية العربية في دورته غير العادية، الأحد الماضي 7 مايو 2023، التي انعقدت في مقر الجامعة بالقاهرة، وذلك بعد غياب دمشق لما يقرب من 12 عامًا عن الجامعة.

جانب قانوني

من الجانب القانوني المتعلق بطبيعة تمثيل الدولة السورية في الجامعة، قال الباحث في العلاقات الدولية محمد ربيع الديهي: “لقد أثيرت الكثير من التساؤلات حول عودة سوريا، وهذا ما حدث أيضًا وقت تعليق عضويتها في الجامعة العربية، لكن قبل الحديث عن مستقبل وتداعيات عودة مقعد سوريا، لا بد من الإشارة إلى أن القانون الدولي يتعامل مع الدول وليس الأفراد”.

ويتابع الديهي مفسرًا خلال حديثه مع “شبكة رؤية الإخبارية”: “في هذه الحالة يعد النظام السوري الممثل الشرعي للدولة السورية، لذلك وجب أن يكون هو صاحب مقعد سوريا في الجامعة العربية”.

البعد الإقليمي

عودة سوريا إلى الجامعة العربية تأتي في ظل متغيرات إقليمية ودولية بارزة، كانت عاملًا في المضي قدمًا بهذا الملف، لا يمكن إغفاله، وإن كان ليس عاملًا رئيسًا.

وفي هذا الصدد يرى المحلل السياسي محمود أبو حوش، أن “هذه الخطوة كانت ضرورية وإن تأخرت، بل إنها (عودة عضوية سوريا بالجامعة العربية) جاءت في توقيت مهم للغاية، في ظل ما تشهده المنطقة من تحولات كبرى تستدعي تنسيق موقف عربي موحد”.

ومن جانبه، لفت الديهي إلى أن “هذه الخطوة تأتي في ظل تحولات إقليمية مهمة، أولها حالة التهدئة في الملفات العربية عمومًا، وثانيها المصالحات العربية مع الجوار الجغرافي الذي قد يمثل تهديدًا من وقت لآخر على بعض الدول العربية”.

الصعيد الدولي

في سياق أكثر اتساعًا، يمثل عامل التغيرات الدولية “نقطة محورية” في معادلة عودة سوريا إلى الجامعة العربية، بالنظر إلى أن كثيرًا من مناطق العالم باتت أمام ضرورة لإعادة دمج الدول في محيطها الإقليمي، وفقًا للديهي.

ويوضح باحث العلاقات الدولية أن هذا التوجه العالمي يهدف إلى تحقيق نوع من التكامل والتشارك على الصعيد الإقليمي، في ظل الأزمات المتتالية التي يعيش العالم على وقعها.

هل تأتي الخطوة بحل للأزمة السورية؟

حسب محمود أبو حوش، لا تعني عودة دمشق إلى الجامعة العربية بالضرورة حل الأزمة السورية، لكنها خطوة على طريق التوصل إلى اتفاق سياسي شامل، يسمح بعودة اللاجئيين والبدء في حل إشكالية إعادة الإعمار.

ويتابع الباحث السياسي: “عودة عضوية سوريا بالجامعة يعطي مؤشرًا إيجابيًّا بشأن مستقبل الأزمة السورية، وفرص صياغة اتفاق لدعم ومساندة الموقف العربي الموحد تجاه الأزمة السورية”، مشددًا على أهمية إدراك أن “هذه الخطوة تمهد الطريق لتسوية شاملة للأزمة السورية”.

تداعيات ابتعاد سوريا عن الجامعة

بشأن تداعيات ابتعاد سوريا عن محيطها العربي، سواء على مستوى الجامعة أو على صعيد الدول، يرى أبو حوش أن استمرار النأي السوري عن المحيط العربي، يعني استمرار تغلغل قوي معادية للمنطقة العربية في سوريا.

ويتفق الديهي مضيفًا أن المزيد من اندماج سوريا في إقليمها العربي، يعني المزيد من التهدئة والقدرة على مواجهة التحديات، لا سيما استمرار نشاط المجموعات الإرهابية بالمنطقة.

لجنة اتصال وزارية

جاء في قرار الجامعة أن الأردن والسعودية والعراق ولبنان ومصر ستشكل مجموعة اتصال وزارية للتواصل مع الحكومة السورية، والبحث عن حلول “تدريجية” للأزمة، ما يشي بجدية الجامعة وبترجمتها القرارات التي اتخذتها إلى إجراءات فعلية وفق آليات تنفيذ واضحة.

ويتركز دور لجنة الاتصال الوزارية على متابعة تنفيذ اتفاق عمّان، والاستمرار في الحوار المباشر مع الحكومة السورية، للتوصل إلى حل شامل للأزمة السورية يعالج جميع تبعاتها.

كانت الجامعة العربية علقت مشاركة سوريا في اجتماعاتها ومنظماتها المتخصصة يوم 16 نوفمبر عام 2011، بناء على قرار من مجلس الجامعة على المستوى الوزاري، عقب اجتماع طارئ إثر اندلاع أحداث العنف في سوريا.

اقرأ أيضًا| بعد غياب 12 عامًا.. سوريا تشغل مجددًا مقعدها بالجامعة العربية

اقرأ أيضًا: انتهت سنوات القطيعة.. أبعاد وتداعيات عودة سوريا للجامعة العربية

ربما يعجبك أيضا