خبير عسكري لـ«رؤية»: إرسال منظومة «باتريوت» لأوكرانيا «حتمي» لمواجهة الدعم الإيراني لروسيا

أعلنت أمريكا عن حزمة مساعدات جديدة لأوكرانيا بـ1.85 مليار دولار، بالتزامن مع زيارة الرئيس الأوكراني، فلاديمير زيلينسكي، واشنطن، الأربعاء الماضي 21 ديسمبر 2022.

وتشمل المساعدات منظومة “باتريوت” الدفاعية المتطورة للمرة الأولى، التي تمتلك القدرة على “إسقاط صواريخ كروز، والصواريخ الباليستية قصيرة المدى”، وفق ما جاء في بيان لوزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن.

سبب الإرسال

حسب تقرير لمركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، ترسل الولايات المتحدة منظومة “باتريوت” إلى أوكرانيا لـ3 أسباب، وهي المساعدة في صد الهجمات الصاروخية الروسية، والتعبير عن الدعم السياسي القوي لكييف، ولأن واشنطن لا تملك الكثير من الدفاعات الجوية الأخرى لترسلها.

وفي هذا الشأن، تواصلت شبكة “رؤية” الإخبارية مع زميل أكاديمية ناصر العسكرية والأستاذ الزائر بالأكاديمية العسكرية الملكية ببروكسل، اللواء الدكتور سيد غنيم، الذي رأى أن السبب الرئيس لإمداد أوكرانيا بمنظومة “باتريوت” هو مواجهة الصواريخ إيرانية الصنع التي تستخدمها روسيا في أوكرانيا.

وقال غنيم: “هذا الإمداد خطوة حتمية أمام تزويد روسيا بصواريخ باليستية إيرانية، وذلك نظرًا إلى فعالية صواريخ باتريوت الأمريكية في التعامل مع هذه النوعية من الصواريخ”.

مواجهة الدعم الإيراني

في أكتوبر الماضي، أوردت تقارير أن إيران وافقت على تزويد روسيا بصواريخ أرض-أرض، والمزيد من المسيرات لاستخدامها في حربها ضد أوكرانيا.

وفي هذا الصدد، قال اللواء غنيم إن “منظومات باتريوت ستؤثر إيجابًا في التصدي للصواريخ الجوالة والمسيرات الإيرانية”، موضحًا أن مدى فعاليتها “سيتوقف على عدد البطاريات، التي ستصل إلى أوكرانيا، ومخزون الصواريخ التي ستُخصص لها”.

التصدي للهجمات الروسية

في الآونة الأخيرة، كثفت روسيا ضرباتها الصاروخية على البنية التحتية المدنية وشبكات الطاقة الأوكرانية، ما تسبب في خروج نصف البنية التحتية للطاقة عن الخدمة، وعزز مطالبة أوكرانيا بمنظومة “باتريوت”.

ولهذا، توقع الأستاذ الزائر بالأكاديمية العسكرية الملكية ببروكسل، أن تنشر أوكرانيا منظومة “باتريوت” في محيط كييف، لتأمين البنية التحتية، التي تستهدفها الضربات الروسية، لافتًا إلى أن هذه الخطوة ستخفف الضغط الروسي، الذي يهدف إلى كسر إرادة الشعب الأوكراني.

وقال غنيم: “حال استخدام القوات الأوكرانية المنظومة جيدًا، ستجبر صواريخ “باتريوت” القيادة الروسية على استهلاك أكبر قدر من الذخائر، خاصة في الهجمات التي تستهدف عمق أوكرانيا، ما سوف يقلص مخزونها على المديين المتوسط والبعيد”.

توعد روسي

في تصريحات للصحفيين، الخميس الماضي 22 ديسمبر، انتقد الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، إرسال منظومة “باتريوت” إلى أوكرانيا، متهمًا واشنطن بمحاولة إطالة أمد الصراع.

وحسب ما أوردت وكالة “تاس” الروسية، قال بوتين إن منظومات “باتريوت” التي ستقدمها أمريكا إلى أوكرانيا “بالية ولا تعمل بنفس كفاءة منظومات “إس-300″ الروسية”. وحذر بوتين من أن قواته ستجد طريقة لمواجهة المنظومة الأمريكية، وقال: “سندمر صواريخ باتريوت”.

وأضاف الرئيس الروسي أنها “ليست سوى محاولة لإطالة أمد الصراع”. وفي سياق متصل، حذر السفير الروسي بواشنطن، أناتولي أنتونوف، من أن “الأعمال الاستفزازية الأمريكية في أوكرانيا ستؤدي حتمًا إلى التصعيد، ما يسفر عن عواقب لا يمكن تصورها”.

ماذا ستفعل روسيا؟

رأى اللواء سيد غنيم أن الخطوة الأمريكية ستدفع موسكو إلى اتخاذ بعض الخطوات، منها أن روسيا “ستضطر إلى استخدام قدر أكبر من الصواريخ المضادة للرادارات، بهدف تشتيت جهود منظومات باتريوت وإسكاتها”.

ومع احتمالية ارتفاع نسب التصدي الأوكرانية، رجح الزميل بأكاديمية ناصر العسكرية أن تستنزف روسيا قدراتها من الذخائر الدقيقة، المتمثلة في الصواريخ الجوالة، والصواريخ الباليستية والمسيرات الانتحارية.

ولفت غنيم إلى أن روسيا قد تضغط على الصين، لإمدادها ببعض الذخائر الموجهة على نحو كامل، أو مكوناتها، على أن يجري تجميعها داخل روسيا. وأضاف كذلك أن روسيا ستسعى بقوة لاستيراد ذخائر مضادة من كل من إيران وكوريا الشمالية.

تحدٍّ حقيقي

أبدى عدد من الخبراء تشككهم في فعالية منظومة “باتريوت” في أوكرانيا لعدد من الأسباب، منها أنها تغطي مناطق محدودة، ولأن البطارية الواحدة تحتاج إلى 90 جنديًّا لتشغيلها، وتستغرق شهورًا لتدريب الجنود على تشغيل نظامها المعقد، علاوة على كلفتها الباهظة، التي تتراوح من 3 إلى 5 ملايين دولار للصاروخ الواحد.

وفي هذا السياق، قال اللواء غنيم إن التحدي الحقيقي الذي يواجه منظومة “باتريوت” في أوكرانيا “يتمثل في احتمالية إهدارها أمام المسيرات”، لافتًا إلى أن تكلفة صاروخ “باتريوت” الأمريكي تبلغ عشرين ضعف متوسط تكلفة الطائرات المسيرة.