داعش.. طموحات جديدة مع تفشي “فيروس كورونا”

جاسم محمد

رؤية ـ جاسم محمد

إن قضية استغلال التنظيمات المتطرفة للأزمات، وفراغ السلطة، بات معروفًا للمعنيين في قضايا التطرف والإرهاب، والتكهنات تقول: إن  “فيروس كورونا المستجد” يمكن أن يعطي فرصة جديدة لهذه الجماعات للتحرك ميدانيًّا أو على شبكة الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي، لا يوجد شك في أن هذه التنظيمات تسعى لاستغلال “ظروف” فيروس كورونا” الحتمية، لتسجل ظهورًا جديدًا.

في ظل انشغال دول العالم بمكافحة انتشار فيروس كورونا المستجد، يبدو أن الجماعات المتطرفة -وفي مقدمتها تنظيم “داعش”- قد جددت طموحاتها للعودة للمشهد واستقطاب عناصر جديدة، حيث دعا تنظيم “داعش” عناصره لاستغلال تفشي وباء فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19) لتنفيذ عمليات إرهابية في العالم.

وكانت مجموعة الأزمات الدولية قد حذرت، في وقت سابق، من التهديدات التي يشكلها فيروس كورونا على التضامن العالمي في الحرب ضد الإرهاب، حيث أكدت في تقرير لها أن فيروس كورونا سيعيق جهود الأمن الداخلي والتعاون الدولي لمكافحة داعش، مما يسمح لهم بالتخطيط لهجمات إرهابية ضخمة بشكل أفضل.

الجماعات المتطرفة استغلت فيروس كورونا وانشغال الحكومات بمكافحته في نشر إصداراتها والأخبار الكاذبة، وحث عناصرها على تنفيذ عمليات على غرار الذئاب المنفردة.
مضيفًا: الجماعات الإرهابية قد تنجح في تنظيم صفوفها ولكن على نطاق ضيق، وذلك لأن خطط هذه التنظيمات أصبحت محدودة، وقد تكشّفت لدى أجهزة الاستخبارات خاصة في أوروبا، التي اعتمدت على الجيوش أكثر من الاستخبارات لمواجهة وباء كورونا، الأمر الذي يشير إلى أن الاستخبارات الأوروبية تُبقي الجماعات المتطرفة في صدارة أولوياتها.

التنظيمات المتطرفة حاولت أن تنشط في بعض المجتمعات بعد التطورات الأخيرة إلا أن اختراقاتها ليست كبيرة بسبب حالة الاستعداد الأمني، وخلو معظم شوارع المدن من المارة بسبب حظر التجوال
مؤكدًا هناك حالة تراجع واضح في نشاط التنظيمات المتطرفة حتي قبل انتشار فيروس كورونا، سواء فيما يتعلق بالتجنيد أو بإعادة الانتشار في بعض المناطق.

وفي تطور آخر، حذرت مجلة “فورين بوليسي” في 28 مارس 2020 من أن العزل الصحي الذاتي قد يكبح جماح فيروس كورونا، إلا أنه سيذكي شدة التطرف في العالم، وذكرت المجلة أن  الجماعات الإسلاموية المتطرفة وجماعات اليمين المتطرف يستغلون حالة الارتباك والخوف المستشرية على نطاق واسع لنشر الكراهية، وسارع “المتطرفون والإرهابيون” لاقتناص الفرصة ليتواصلوا مع جمهور آخر غير الذين درجوا على الوصول إليهم.

قوات التحالف الدولي تعيد التموضع في العراق

انسحبت قوات بعثة التحالف الدولي الذي تتزعمه الولايات المتحدة الأمريكية ضد الإرهاب، 29 مارس 2020، من أبرز قواعدها العسكرية في العراق. وأعلنت قيادة العمليات المشتركة العراقية: “بناء على نتائج الحوارات المثمرة بين الحكومة العراقية، والتحالف الدولي، جرى إعادة الموقع الذي كانت تشغله بعثة التحالف داخل معسكر K1 في محافظة كركوك، شمالي البلاد، إلى القوات العراقية”.
الجدير بالذكر، أن قاعدة k1 تعرضت لهجمات بعشرات الصواريخ نوع كاتيوشا، عدة مرات خلال الأشهر الماضية.

وفي ذات السياق أكد الجنرال سكوت ميلر -قائد قوات حلف الشمال الأطلسي “ناتو” في أفغانستان، يوم 19 مارس 2020- أن البعثة التي تقودها أمريكا في أفغانستان أوقفت مؤقتًا تحركات قواتها تزامنًا مع عمل مسئولين أمريكيين على منع تفشي فيروس كورونا.

داعش يستعيد حركته عند الحدود العراقية السورية

التنظيم خسر معاقله في سوريا والعراق، خلال شهر نوفمبر عام 2017، وخسر أيضًا معقله الأخير في الباغوز خلال شهر أبريل من عام 2019، وجاء مقتل زعيمه أبوبكر البغدادي،  شمال سوريا خلال شهر أكتوبر 2019، ليسدل الستار على مركزية هذا التنظيم.

الحديث لا يتعلق فقط بتنظيم داعش ولكن أيضًا بتنظيم القاعدة، والمجموعات المتطرفة الموزعة على جغرافية واسعة عبر العالم، لكن تبقى الحدود العراقية السورية في الوقت الحاضر، موضع اهتمام المعنيين في مكافحة الإرهاب، مع تعليق القوات الأمريكية، قوات التحالف الدولي، عملياتها في زمن فيروس كورونا، ومغادرة بعض قواعدها.

الجماعات المتطرفة، معروفة باستغلالها الفراغ السياسي، وهي دائمًا تظهر في المناطق، التي تغيب فيها “السلطة” بمعناها الإيجابي، وهذا يعني تعليق عمليات قوات التحالف والقوات الأمريكية، ويعطي لهذه التنظيمات فرصة للظهور مجددًا، التنظيمات يمكنها استغلال الفراغ السياسي في الوقت الحاضر، انتقال قيادات وعناصر التنظيم، ربما أكثر من تنفيذ عمليات إرهابية.

المشهد “الجهادي” في أوروبا

المشهد في أوروبا، يختلف عن الحدود العراقية السورية، كون وحدات مكافحة الإرهاب والتطرف مازالت فاعلة، ورغم  فيروس كورونا، فإنها ما زالت لديها القدرة في متابعة هذه الجماعات المتطرفة، بشكل مباشر ميدانيًّا، وكذلك عبر تقنيات، منها تطبيقات الهواتف الذكية (GPS) أو التنصت والدخول إلى أجهزة كمبيوتر الجماعات الخطرة، ورصد أنشطتها، عبر الإنترنت، بعد ـن منح القضاء صلاحيات إضافية في التحري وتفكيك الخلايا الإرهابية.

لذا بات متوقعًا، ألا يكون هناك تغيير في “المشهد الجهادي” في أوروبا، لكن دون شكك، تسعى هذه الجماعات إلى توظيف “فيروس كورونا” بالترويج إلى نفسها عبر الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي. وإن نجحت بتنفيذ عمليات، فتكون محدودة جدًّا، مثل الطعن بالسكين، وإنّ قدرة هذه الجماعات المتطرفة، في أوروبا باتت محدودة جدًّا، بسبب الجهود التي بذلتها دول أوروبا خلال السنوات القليلة الماضية.

ربما يعجبك أيضا