دراسة لـ«فاروس»: تنامي المخدرات في وسط وغرب إفريقيا

وسط وغرب إفريقيا.. مرفأ انتقال المخدرات من أسيا إلى أوروبا وأمريكا

يوسف بنده
غينيا بيساو

تحولت منطقة وسط وغرب أفريقيا إلى بؤرة لشبكة كبرى نشِطة في تجارة المخدرات، فالجماعات الإجرامية بالمنطقة تنخرط بدرجة كبيرة في شحن الهيروين من الدول الآسيوية إلى أوروبا وأمريكا.


تُعدّ تجارة المخدرات وتعاطيها في منطقة وسط وغرب إفريقيا ظاهرة مقلقة تُشكل تهديدًا لأمنها، وتُلقي بظلالها السلبية على مختلف جوانب الحياة الاجتماعية والاقتصادية.

وحسب دراسة لمركز فاروس للاستشارات، يرجع تنامي تجارة وتعاطي المخدرات في تلك المنطقة لمتغيرات عدة، أبرزها الحياة القبلية، وانتشار الفقر والبطالة، وغياب الرؤية السياسية والاقتصادية والتنموية.

سياسة الكوكايين

منطقة وسط وغرب أفريقيا إلى بؤرة لشبكة كبرى نشِطة في تجارة المخدرات

احصائيات مرتفعة

تُشير إحصائيات مكتب الأمم المتحدة للمخدرات والجريمة (UNODC) إلى ازدياد مضبوطات المخدرات في وسط وغرب أفريقيا بشكل ملحوظ خلال السنوات الأخيرة. على سبيل المثال، تضاعفت كمية الكوكايين المضبوطة خلال الفترة (2019-2021)، حيث وصلت إلى 57 طنًا، ويتم تهريب ما بين 40 و50 طنًا من الكوكايين سنويًا من غرب إفريقيا إلى أوروبا.

كما ازدادت كمية المخدرات المضبوطة في غرب أفريقيا بشكل ملحوظ خلال السنوات الأخيرة، ففي عام 2022، تمّ ضبط 214 كجم من الكوكايين في النيجر، بينما وصلت الكمية المضبوطة في بوركينا فاسو إلى 115 كجم، ومالي 33.9 كجم، والرأس الأخضر 16.6 طن، والسنغال 4.7 طن، و بنين 3.9 طن، و كوت ديفوار 3.5 طن، وجامبيا 3 طن، و غينيا بيساو 2.7 طن.

وتُشير التقديرات إلى أنّ كمية الكوكايين المهربة عبر غرب أفريقيا أكبر بكثير من الكميات المضبوطة، وقد ارتفعت كمية الكوكايين المضبوطة في غرب أفريقيا خلال الفترة (2019-2022) لحوالي عشرة أضعاف، وتُعدّ فئة الشباب الأكثر عرضة لمخاطر المخدرات، حيث تشير الدراسات إلى أن 41% من متعاطي المخدرات في المنطقة هم من الفئة العمرية بين 15 و34 عامًا.

تهريب الكوكايين غينيا بيساو

منطقة وسط وغرب أفريقيا إلى بؤرة لشبكة كبرى نشِطة في تجارة المخدرات

شبكات إجرامية

لقد تحولت منطقة وسط وغرب أفريقيا إلى بؤرة لشبكة كبرى نشِطة في تجارة المخدرات، فالجماعات الإجرامية بالمنطقة تنخرط بدرجة كبيرة في العمل في مجال تهريب المخدرات، وشحن الهيروين من الدول الآسيوية إلى أوروبا وأمريكا؛ وتقوم هذه المجموعات الإجرامية بشحن الكوكايين أيضًا من أمريكا الجنوبية إلى أوروبا وجنوب أفريقيا.

وهذه المجموعات تقوم بإدارة شبكة من الفساد داخل المنطقة معتمدة على الصلات الكبيرة التي تربطها بالشخصيات السياسية والعسكرية الكبرى في المنطقة، فهي تقدم فرصًا ممتازة للربط الشبكي مع الخريجين.

على سبيل المثال، تتبجّح أخوية الفايكنج العليا بنيجيريا بأن 12 عضوًا في مجلس نواب ولاية ريفرز أعضاء ضمن صفوفها، وفي مدينة “لاجوس”، توجد فئة “أولاد المنطقة”، وهي مجموعة من الأشخاص شكلت عصابات منظمة تعمل في الإتجار بالمخدرات، ويبدو أن أعمال عنف العصابات في لاجوس كانت ولا تزال على أشدها، إذ أسفرت عن مقتل 273 مدنيًا و84 رجل شرطة خلال 10 أشهر فقط.

غينيا بيساو 1

أسباب تنامي المخدرات

جاء تفشي ظاهرة تجارة وتعاطي المخدرات في وسط وغرب أفريقيا نتاج متغيرات عدة، ساهم في تشكّلها وظهورها تفاعل عدّة أسباب اجتماعية وسياسية واقتصادية.

إلى جانب غياب الدولة الوطنية في أفريقيا وتشكّل الحياة القبلية التي يغلب فيها الولاء للقبيلة على الولاء للوطن، خصوصًا أنّ بعض القبائل المستوطنة في وسط وغرب أفريقيا لها امتدادات عابرة للأوطان، مثل قبائل الهوسا، مما أدى لضعف الدولة، الأمر الذي جعل من تلك المنطقة القائمة على أنقاض مخلفات الاستعمار لم تنجح في تبني سياسات أمنية قادرة على مواجهة العصابات التي تعمل في تجارة المخدرات.

كما أن منطقة وسط وغرب أفريقيا تُعدّ نقطة عبور رئيسية للمخدرات من أمريكا الجنوبية إلى أوروبا، ممّا يجعلها عرضة لعمليات التهريب والإتجار.

إلى جانب تفشي الفقر والبطالة، وهما من العوامل الرئيسية التي تدفع البعض إلى الانخراط في تجارة المخدرات أو تعاطيها، إذ يُشكّل الفقر عاملًا آخر مهمًّا في تفشي ظاهرة تعاطي وتجارة المخدرات في وسط وغرب أفريقيا.

غينيا بيساو

البطالة والفقر

ترجع أسباب هذه الظاهرة إلى عدة عوامل، نذكر منها: الجفاف الناتج عن قلة الأمطار، والتصحر الذي ضاعفه قطع لغابات، فضلًا عن غزو الجراد، وضعف الأداء الاقتصادي، أي الاعتماد على آليات قديمة في الإنتاج الزراعي.

وكذلك الاعتماد على المحاصيل التصديرية الموجهة للخارج على حساب المحاصيل الزراعية الاستهلاكية، وقد لاحظ برنامج (nigerian security tracker)، وهو مشروع تابع لمجلس العلاقات الخارجية في برنامج أفريقيا، أن العديد من الشباب يلجأون إلى تجارة وتعاطي المخدرات نتيجة لانتشار الفقر والاضطهاد وغياب العدالة في توزيع ثروات المنطقة.

للاطلاع على التقرير الأصلي، اضغط هنا

ربما يعجبك أيضا