درع دجلة والتركيبة التركية.. خطوات أردوغان بعد تمرير التعديلات الدستورية

أحمد عبدالصبور

تقرير- أحمد عبدالصبور

اليوم الصعب في تاريخ تركيا الحديث، 16 أبريل يتجه الشعب التركي نحو المشاركة في سابع استفتاء شعبي في تاريخه، تعديلات دستورية أثارت الجدل داخليًا وخارجيًا، استفتاء وصفته أوروبا بـ” الديكتاتورية “، بينما وصفه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وحزبه بـ” الإيجابية”.

نتيجة الاستفتاء غير متوقعه حتي الأن، ولكن رفض التعديلات الدستورية في ظل الحملة الدعائية القوية التي استخدمت فيها كل الوسائل من جانب أردوغان، تجعل من رفضها أمر صعب.

كروت أردوغان لتمرير التعديلات الدستورية

التعديلات الدستورية حلم أردوغان منذ 9 سنوات، فهو يسعى إلى تثبيت أركان حزبه، في تركيا والاحتفاظ بكل مقاليد السلطة، في 20 يناير 2017، صوت البرلمان لطرح التعديلات المقترحة على الاستفتاء، وأعلن حزب الشعب الجمهوري المعارض أنه سيسعى إلى إلغاء التصويت البرلماني من خلال المحكمة الدستورية، مستشهدًا بوجود مخالفات مثل التصويت العلني وترهيب النواب خلال عملية التصويت، ثم أعلن الرئيس رجب طيب أردوغان تاريخ الاستفتاء في 16 أبريل 2017.

من تاريخها بدأ أردوغان في حملته الدعائية بافتعال أزمات مع أوروبا، وزيادة حدة الهجوم، قبل عملية استفتاء الاتراك في الخارج، حتي يضمن عملية التصويت الانتقامي، بعد أن شبه الأمر وكأنه حرب أوروبية ضد التقدم التركي.

استخدم أردوغان الجانب الديني، حتي وصل الأمر في أحد خطاباته حول التعديلات الدستورية، أنه وصف من يعترض على تلك التعديلات بالكاره للإسلام ويريد أن يتخلى النساء عن الحجاب.

كما وصف حزبه في حملته الدعائية، أن الرافضين للتعديلات ومن يدعون للتصويت بـ” لا “، هم الخونة والمصابون بالغفلة.

خطوات أردوغان بعد التمرير

خطوات عديدة يرسمها أردوغان في حالة نجاحه بتمرير التعديلات الدستورية، تتركز في الأمساك بجميع الأمور والسلطات في الدولة التركية، بخلاف تصفية حساباته مع المعارضة.

وهنا يؤكد يوسف بدر الخبير في شؤون الشرق الأوسط والشؤون التركية، في تصريحاته لشبكة “رؤية”، أن الهندسة السياسية التي خطط لها أردوغان، تجعل من الصعب أن نميل لجانب الخسارة، خاصة أنه استطاع أن يرهن تغييرات ما بعد (نعم) برغبات قوى سياسية بخلاف حزب العدالة والتنمية، وهو ما ظهر في مطالب عودة أحكام الإعدام كرغبة من جانب حزب الحركة القومية الذي يقوده دولت بهتشلي.

وأضاف يوسف، أن أردوغان لا ينتظر الانتقال إلى النظام الرئاسي ليقوم بالتغيير المفاجئ، أردوغان يمارس فعليًا الآن سلطات رئيس جمهورية تتخطى سلطاته الرئيس في النظام البرلماني الذي يبدو شرفيًا، ومن قبل طبق سيناريو نظرية “بوتنيسم” (التحايل على عدد مرات الترشح من خلال اختيار مرشح ظل على غرار ما فعله بوتن ورئيس وزراءه في روسيا) بينه وبين داود أوغلو.

وقال أن كل ما يريده أردوغان من النظام الرئاسي هو شرعنة الوضع القائم، وابسط مثال انه يريد إعادة هيكلة الأجهزة الأمنية لا سيما جهاز الاستخبارات الذي يريده أن يصبح تابعًا لرئاسة الجمهورية، وهذا ما هو قائم الآن، فقط ينتظر الصفة الرسمية لمنح القوة لشخص الرئيس وفق الدستور.

معركة درع دجلة

“حامي السلام والحرية”.. هكذا وصف أردوغان نفسه، داعيا الأكراد في جنوب شرق تركيا إلى الموافقة على التعديلات الدستورية، وقال “نحن مستعدون للتحدث وأن نسير جنبا إلى جنب مع الجميع ممن لديهم شيء يقولونه أو لديهم مشروع، لدينا شرط واحد ألا تكون هناك أسلحة في أيديهم”.

الوصف الذي وصفه أردوغان لنفسه، لا يتطابق مع معطيات الأمور على أرض الواقع، ففي بداية الشهر الجاري، أعلنت تركيا عن إطلاقها لعملية عسكرية جديدة، بعد انتهاء عملية “درع الفرات” في سوريا، تحمل اسم “درع دجلة” وستكون ضد حزب العمال الكردستاني لطرده من منطقة سنجار شمال العراق.

فبعد أن أعلن مجلس الأمن القومي التركي، في 29 مارس الماضي، عن انتهاء عملية “درع الفرات”، أشار أردوغان، إلى احتمالية القيام بعملية شمال العراق، وفقا لصحيفة “يني شفق” التركية، وأضاف أردوغان: “أن عملية درع الفرات كانت مجرد مرحلة أولية وأنه يجري التخطيط لعمليات اخرى تشمل سنجار”.

بعد انتهاء مرحلة الاستفتاء سيتم تحديد بدء العملية والتي ستنطلق إمّا نهاية الشهر الجاري أو مطلع مايو المقبل، بحسب محللون للشأن التركي، وسيكون الهدف الأول لعملية درع دجلة هو منطقتا “زاخو” و”دهوك” الواقعتين بالإقليم الكردستاني شمال العراق على الحدود الشمالية التركية، والمناطق المحيطة بهما.

التركيبة التركية

يعاني المجتمع التركي من الانقسام الواضح حول التعديلات الدستورية الأخيرة، رغم حملة أردوغان القوية لتمريره، حيث أظهرت استطلاعات رأي تركية الأسبوع الماضي أن غالبية ضئيلة من الأتراك، ما بين 51 و52 في المئة، ستصوت بنعم في الاستفتاء المقرر اليوم.
وبحسب استطلاع رأي أجرته مؤسسة “أنار” التركية من خلال مقابلات مباشرة مع ما يزيد على أربعة آلاف شخص في 26 إقليما تركيا في الفترة بين 5 و 10 أبريل إلى أن نسبة التصويت بنعم سجلت 52 في المئة.

وقالت المؤسسة، إن نسبة الناخبين الذين لم يحسموا موقفهم حتى الآن سجلت تراجعا إلى ثمانية في المئة، مضيفة أنه بتوزيع هذه النسبة تكون هناك زيادة بواقع نقطتين مئويتين في عدد من يعتزمون التصويت بنعم في الاستفتاء مقارنة بنتائج استطلاع سابق أجري في بداية مارس الماضي.

نتائج الاستفتاء لها تداعيات هامة على المجتمع التركي، إذ أن النتيجة “لا” تعني الحفاظ على التركيبة المجتمعية دون منح الجنسية إلى اللاجئين السوريين المقيمين في تركيا، بينما “نعم” تعني منح ملايين السوريين الجنسية التركية.

وفي هذا الشأن قال زعيم المعارضة التركية رئيس حزب “الشعب الجمهوري” كمال قليتشدار أوغلو، الأسبوع الماضي، أما حشد جماهيري بمدينة ديار بكر، أن  “نعم في الاستفتاء تعني منح ملايين سوري الجنسية التركية، فعلينا أن نفكر جيدا”.

من جانب أخر، قال والي مدينة إسطنبول واصب شاهين، إن “مستندات ألفى سوري جاهزة لمنحهم الجنسية التركية، ولكن سننتظر لحين انتهاء الاستفتاء. ومقيد بالمدينة نحو 540 ألف سوري حتى الآن، وسيُنظر في طلباتهم للحصول على الجنسية تدريجيا”

وبين نعم أو لا، فقد سعى أردوغان خلال الفترة الماضية في الدفع نحو تمرير تلك التعديلات، للانطلاق بتركيا نحو “دولة الرجل الواحد”.

ربما يعجبك أيضا