«دروس قاسية».. كيف تناولت الصحف الغربية ذكرى حرب أوكرانيا؟

مع دخول حرب أوكرانيا عامها الـ 3.. أين وصلنا؟ وهل من آفاق للمستقبل؟

محمد النحاس

رأى مقال لصحيفة نيويورك تايمز، أن الأوروبيين يتمتعون بالإرادة لدعم أوكرانيا، لكن عندما يتعلق الأمر بصد هجمات الروس -أي توفير الدعم العسكري- فإنهم لا يملكون القدرة، ومن جانبها تطرح شبكة سي إن إن الأمريكية في تقرير لها، رؤية مشابهة حيث رأت ببساطة أنه في ظل احتمالية غياب الدعم العسكري الأمريكي فإن أوروبا لن تكون قادرة على الإيفاء باحتياجات أوكرانيا العسكرية.


تمر اليوم الـ 24 من فبراير 2024، الذكرى الثانية للحرب الروسية الأوكرانية، وسط تفاعل كبير من وسائل الإعلام الدولية.

وتناولت الصحف الغربية الحرب بجوانب متعددة حيث سلطت الضوء على حاجة أوكرانيا لاستمرارية الدعم الغربي، في وقتٍ يبدو فيه الواقع الميداني معقد، وفي ظل حرب طويلة بلا أفق.

وعلاوةً على قضية تمويل كييف وتقديم المساعدات، استعرضت العديد من الصحف أثر عامين من الحرب من الناحية الإنسانية، وعلى مستقبل أوروبا، وما سيؤول إليه الموقف في أوكرانيا مع احتمالية عودة الجمهوريين للبيت الأبيض.

أوروبا وتغير الوعي الاستراتيجي

غيرت الحرب في أوكرانيا، ديناميكية العلاقة بين روسيا والغرب والواقع الأوروبي، ليصبح أكثر جنوحًا تجاه التسليح، بعد سنوات من اتباع نهج تعاوني -نسبيًا- مع روسيا على الأقل على الصعيد التجاري، وتحديدًا عندما يتعلق الأمر بالطاقة، ونهج متساهل من الناحية العسكرية، اعتمادًا على الولايات المتحدة، وعلى الفرضية التي تستبعد حدوث حرب داخل أوروبا مرةً أخرى. 

وبحسب مقال لصحيفة “الجارديان” البريطانية، فإن التحذيرات التي زادت في الآونة الأخيرة، عن احتمالية حدوث صدام روسي مع إحدى دول حلف شمال الأطلسي (الناتو) خلال السنوات المقبلة، تأتي بهدف خلق دعم شعبي للإنفاق الضخم على التسلح، في وقتٍ لا يخفي فيه الأوروبيون قلقهم خاصةً مع احتمالية عودة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب إلى البيت الأبيض. 

دعم أوكرانيا وتفاؤل ليس في محله

من جهة أخرى، رأى مقال لصحيفة نيويورك تايمز، أن الأوروبيين يتمتعون بالإرادة لدعم أوكرانيا، لكن عندما يتعلق الأمر بصد هجمات الروس -أي توفير الدعم العسكري- فإنهم لا يملكون القدرة، ومن جانبها تطرح شبكة سي إن إن الأمريكية في تقرير لها، رؤية مشابهة حيث رأت ببساطة أنه في ظل احتمالية غياب الدعم العسكري الأمريكي فإن أوروبا لن تكون قادرة على الإيفاء باحتياجات أوكرانيا العسكرية. 

وفق نيويورك تايمز، فقبل عام واحد، توقع الكثيرون في الغرب أن الهجوم المضاد الأوكراني، المدعوم بالدبابات والصواريخ الأوروبية والمزود بالمدفعية والدفاعات الجوية الأمريكية، يمكن أن يدفع الروس إلى العودة إلى ما كان عليه الموقف قبل الـ 24 من فبراير 2022. 

وذهب البعض أبعد من ذلك، متحدثًا عن إمكانية استعادة شبه جزيرة القرم التي تسيطر عليها روسيا منذ 2014، لكن هذه الآمال مفرطة التفاؤل تحطمت أمام واقع ميداني معقد، وقدرة روسية على التكيف على الصعيد العسكري والاقتصادي رغم أن الخسائر لم تكن بالقليلة، حيث انتهى الهجوم المضاد بإخفاق خيب آمال كييف ومن وراءها العواصم الغربية.  

دروس قاسية

رأت صحيفة نيويورك تايمز أن عامين من الحرب، جلبت دروس “قاسية” بالنسبة للغرب، واقتصاديًا، كان هدف العقوبات غير المسبوقة تاريخيًا، “تركيع الاقتصاد الروسي”، وكما قال الرئيس الأمريكي جو بايدن في مارس 2022 أي بعد أيام من بدأ الحرب “الروبل ينهار، والبورصة الروسية تشهد سقوطًا حرًا”. 

لكن روسيا وجدت طرقًا للتهرب من العقوبات وتخفيف أثرها، ولم تكن توقعات صندوق النقد صحيحة إلا لفترات وجيزة، ونما الاقتصاد الروسي أسرع من نظيره الألماني، في حين أصبحت عائدات النفط أكبر مما كانت عليه قبل الحرب.  

كيف تحافظ أوكرانيا على استقلالية ما تبقى من أراضيها؟

في مقال لصحيفة الإندبندنت البريطانية، ذكر، رئيس شركة “ماياك إنتلجنس” الاستشارية ومقرها لندن ومؤلف العديد من الكتب عن الجيش الروسي، مارك جاليوتي، أن احتمال احتفاظ روسيا بالأراضي التي سيطرت عليها، يرجح احتمالية حفظ استقلالية ما تبقى من الأراضي الأوكرانية ما دامت كييف تحافظ على حيادها. 

ويرى جاليوتي، أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يدخل عام 2024 في موقف قوي، حيث صمدت قواته أمام الهجوم المضاد الذي شنته أوكرانيا العام الماضي، معتبرًا أنه “يعقد آمالاً على إمكان حدوث تغيير سياسي في الغرب، لا سيما إذا فاز دونالد ترامب بالرئاسة”.

لا نصر حاسم

وفي حين رأى مقال لمجلة فورين بوليسي الأمريكية، صعوبة إجراء مفاوضات لإنهاء الحرب خلال العام الجاري، إلا إنه أكد على صعوبة تحقيق نصر حاسم لأيٍ من الأطراف.

وبحسب فورين بوليسي، أوضح الكرملين أنه ليس لديه مصلحة في المفاوضات التي لا تؤدي إلى استسلام أوكرانيا، بما في ذلك الخسارة الدائمة للمناطق الأربعة التي ضمتها روسيا بشكل غير قانوني في عام 2022. 

الانتخابات الأمريكية

يظل الهدف الروسي المعلن هو ما يسمى “إزالة النازية”، لكن مقال المجلة الأمريكية، يؤكد أن أي زعيم أوكراني لن يوافق على “على مثل هذه الشروط على الإطلاق”.

ولفتت فورين بوليسي إلى أن بوتين يرقب نتيجة الانتخابات الأمريكية، حيث يأمل ألا يدعم الرئيس الأمريكي القادم، كييف، وحال حدوث ذلك، فإن قدرة أوكرانيا على البقاء كدولة مستقلة ذات سيادة سوف تصبح موضع شك، ناهيك عن “كل التأثيرات غير المباشرة على أمن أوروبا وخارجها”.  

ربما يعجبك أيضا