ذا استراتيجيست | روسيا والصين ستهدّدان السلام في 2022

آية سيد

ترجمة: آية سيد

بينما اقترب العام 2021 من النهاية المرهقة، ظلت النظرة المستقبلية الاستراتيجية الدولية قاتمة.  تهدد الأنظمة الاستبدادية بنشوب الصراع في أوروبا، والشرق الأوسط وآسيا. وتبدو الأنظمة الديمقراطية الرئيسية مشتتة، ومُمزقة داخليًّا وغير راغبة في الدفاع عن النظام العالمي الذي صممته في الأصل.

لم يكن من المفترض أن يصبح الأمر هكذا. كان من المفترض أن يأذن الحل الرسمي للاتحاد السوفيتي في 26 ديسمبر 1991 بعصر تزدهر فيه الديمقراطيات الليبرالية. بدلًا من هذا، ربما تصبح 2022 هي السنة التي تواجه فيها الديمقراطيات التي تعمل وفق النظام الدولي القائم على القواعد أصعب اختبار لها.

بعد عدة عقود من تركيز القوات العسكرية الغربية لجهودها على عمليات مكافحة الإرهاب ومكافحة التمرد غير الناجحة بشكل كبير في الشرق الأوسط، نواجه الاحتمال المثير للقلق بحدوث صراع تقليدي بين دولة وأخرى في عدة بؤر توتر إقليمية.

إن حشد روسيا الضخم للقوات العسكرية على الحدود مع أوكرانيا وبيلاروسيا يخلق إمكانية لحدوث صراع خطير خلال الشهور القليلة القادمة، كما أن الغزو الشامل لأوكرانيا الذي يتجاوز المقاطعات الشرقية المتنازع عليها سيكون النتيجة الأكثر كارثية لكن لعلها الأقل ترجيحًا.

تشمل السيناريوهات الأكثر ترجيحًا تحريك روسيا العلني لقواتها إلى إقليم دونباس الأوكراني، الذي تسيطر عليه موسكو منذ غزو 2014 باستخدام القوات الوكيلة المحلية والجيش الروسي السري.  ربما يسعى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين حينها إلى إقامة جسر بري بين دونباس والقرم المُحتل من روسيا، موسعًا نطاق جبهة تستطيع روسيا من خلالها التوغل أكثر في أوكرانيا.

قد ينشر بوتين أيضًا قوات في الدولة العميلة بيلاروسيا، مُهددًا العاصمة الأوكرانية كييف من الشمال، مع وضع قوات روسية بشكل مباشر على الحدود مع بولندا، وليتوانيا ولاتفيا.

في هذه المرحلة، لا تملك الولايات المتحدة ولا الناتو رغبة في الرد العسكري. في بداية ديسمبر، أخبر الرئيس الأمريكي جو بايدن بوتين في اجتماع افتراضي أنه “إذا استمرت روسيا في غزو أوكرانيا، سترد الولايات المتحدة وحلفاؤها الأوروبيون بإجراءات اقتصادية قوية”.

وبخلاف ذلك، كانت هناك وعود مبهمة بتقديم “عتاد دفاعي إضافي إلى الأوكرانيين” وتحصين حلفاء الناتو الشرقيين. لقد مُنح بوتين بشكل كبير ضوءًا أخضر للعمليات العسكرية وابتعد بايدن عن الأنظار فيما يخص القضية لأسابيع.

هذا الشهر، سوف تتفاوض الولايات المتحدة، والناتو وروسيا على مطالب بوتين والتي، إذا تمت الموافقة عليها، سوف تقيد بشدة قدرة أمريكا على الدفاع عن أوروبا وستعزز موقف قوات روسيا الأكثر قربًا. لا تستطيع الولايات المتحدة قبول مطالب بوتين لكنها أيضًا لن تقدم أكثر من الدعم العسكري الرمزي لأوكرانيا. ربما يكون فبراير هو شهر بداية العمليات العسكرية الروسية.

ويبقى التساؤل: ما الدروس التي يمكن أن يتعلمها الزعيم الصيني شي جين بينج من المواقف العسكرية شديدة الخطورة التي يتخذها بوتين؟ سوف تنتهي دورة الألعاب الأوليمبية الشتوية في بكين في أواخر فبراير. ومع انتهاء ذلك الهجوم الساحر، ينبغي أن نتوقع أن شي سيضاعف محاولات الحزب الشيوعي الصيني لتأكيد سيطرته على تايوان وتحقيق هدفه طويل الأمد بالهيمنة الاستراتيجية في آسيا.

أصبحت الصين وروسيا متقاربتين على نحو متزايد منذ الاستيلاء الروسي على القرم في 2014 وضم بكين لمعظم بحر الصين الجنوبي عن طريق بناء الجزر لإقامة قواعد عسكرية في نفس العام، فيما يُقلّد شي خطة لعب بوتين الدولية. يقوم القائدان بمجازفات دولية كبيرة –  مثل تدخل روسيا العسكري في سوريا والقمع الاستبدادي الذي تمارسه الصين في هونج كونج – وكلاهما ناصر التعزيزات العسكرية الضخمة والسريعة، وكلاهما يهدد باستخدام القوة العسكرية للضغط من أجل إذعان الغرب.

ولا شك أن الاستراتيجية تعمل بالفعل. إن أوكرانيا مهمة لروسيا أكثر من أهميتها للولايات المتحدة وغرب أوروبا، وبحر الصين الجنوبي مهم لبكين أكثر مما كان مهمًا لواشنطن، على الأقل في 2014، كما أن الخداع الاستبدادي وحافة الهاوية قد يؤديان إلى تراجعات ديمقراطية.

تخيل سيناريو في 2022 حيث تغلق الصين مضيق تايوان أمام الملاحة البحرية وتعلن بحري الصين الشرقي والجنوبي مناطق حظر جوي لأنها “أراض صينية ذات سيادة.” قد يَبني شي حينها قوة هجوم جوية وبرمائية ضخمة على الساحل الصيني المتاخم لتايوان.

تستطيع بكين تفعيل حملة دعاية في تايوان، للدعوة إلى “إعادة توحيد” المقاطعة المنشقة تحت حكم الحزب الشيوعي الصيني والادعاء بأن الولايات المتحدة تهدد أمن الصين عن طريق تقديم المساعدة العسكرية لتايبيه.

ستكون هذه إعادة صينية لتكتيكات بوتين مع أوكرانيا. ماذا سيفعل بايدن؟ إذا كان الرد الأمريكي هو التهديد بعقوبات اقتصادية لكن عدم طرح العمل العسكري على الطاولة، قد يستنتج شي أن “إعادة توحيد” تايوان مع الصين بالخداع والإكراه تستحق المحاولة. 

ينهار التشبيه لأن تايوان محورية لأساس الأمن الآسيوي أكثر من أوكرانيا لغرب أوروبا. إن تايوان تحت سيطرة الحزب الشيوعي الصيني تمثل تهديدًا وجوديًّا لأمن اليابان ولهيمنة أمريكا العسكرية على المحيط الهادئ. على النقيض، السيطرة الروسية على بيلاروسيا وشرق أوكرانيا تضيف إلى مشاكل الناتو لكنها ليست مغيّرًا استراتيجيًّا للعبة.

هناك مشكلتان استراتيجيتان إضافيتان من المرجح أن تتكشفا هذا العام. تواجه كوريا الشمالية أزمة انهيار اقتصادي داخلي ناجمة عن العقوبات الدولية بسبب تطويرها للأسلحة النووية والصواريخ.

وقد تميزت قيادة كيم جونج أون غريبة الأطوار هذا العام باختفاءات غير مبررة وخسارة للوزن والتي قد تكون مرتبطة بمشاكل صحية خطيرة. إن تحدي قيادته سيحمل عواقب عميقة على استقرار النظام.

تدير كوريا الشمالية الأزمات عبر محاولة تصديرها، مع توقع المزيد من الاختبارات النووية واختبارات الصواريخ المصممة لانتزاع تخفيف العقوبات من الولايات المتحدة. وفي المنطقة القريبة، سوف يواصل رئيس وزراء جزر سليمان ماناسيه سوجافارا قيادة بلاده إلى حافة الكارثة عبر بناء روابط تبعية مع بكين. إن التواجد الشُرطي الصيني المقترح لن يكون آخر امتياز تحصل عليه الصين من سوجافارا مقابل تمويل حكومته.

أنتم تعلمون أن كانبرا لديها مشكلة حقيقية على عاتقها عندما تصمت القيادة السياسية. بالطبع، هذه مسألة تخص حكومة جزر سليمان، لكن أستراليا لن تكون لديها نية بالسماح لوكيل صيني بالظهور في بحر المرجان. فكر في 1941. هذا مغيّر للعبة بالنسبة إلى أمن أستراليا.

وفي النهاية: هل يتحقق السلام على كوكب الأرض؟ ليس في 2022!.

للاطلاع على الرابط الأصلي .. اضغط هنا

ربما يعجبك أيضا