ذا ناشيونال | ماذا تستفيد إيران من تحالفاتها مع روسيا والصين؟

آية سيد

ترجمة- آية سيد

يعتقد البعض أن الاتفاق النووي الذي طال انتظاره بين إيران والقوى الغربية، وروسيا والصين سيقوض نفوذ إيران الإقليمي. لكن أولئك الذين يظنون أن هذا هو الحال يتجاهلون التداعيات الضخمة لعلاقة طهران الثلاثية مع موسكو وبكين. في الواقع، هناك إمكانية، وفقًا لمدرسة مختلفة من الفكر، بأن أي رفع للعقوبات عن إيران كنتيجة للاتفاق قد يدر مكاسب مالية مفاجئة والتي ستعزّز المشروعات والطموحات الإيرانية في الشرق الأوسط.

إن علاقة إيران الوثيقة بروسيا والصين – التي تشمل تعاونًا سياسيًّا وعسكريًّا واقتصاديًّا – قد تحوّلها إلى مهيمن إقليمي، أكثر عزمًا وعنفًا في سعيه لفرض نظامه وأيديولوجيته خارج حدوده، خاصة في العراق وسوريا ولبنان.

في الأسبوع الماضي، صعّد كل اللاعبون المشاركون في المحادثات مع إيران خطابهم واتخذوا خطوات استراتيجية مهمة. كشف المسئولون المدنيون والعسكريون الأمريكيون عن سياسات أمنية جديدة في الشرق الأوسط، وأكدوا أن القوات الأمريكية ستبقى في المنطقة، ولو بتعديلات على مناطق انتشارها. طمأنت الولايات المتحدة حلفاءها في المنطقة، وأكدت قدرتها على استعراض القوة سريعًا خارج قواعدها لمواجهة التهديدات الإيرانية باستخدام طرق “ذكية”.

من جانبها، استعرضت القيادة الإيرانية عضلاتها العسكرية في الميدان. وحملت مكالمة هاتفية بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي رسالة موجهة بأن البلدين يبحثان توقيع اتفاقية مشابهة لاتفاقية الـ25 عامًا الموقعة بين إيران والصين، لإكمال ثلاثي صيني – روسي – إيراني استراتيجي والذي يمكن تطويره أكثر بناءً على كيف ستسير الديناميكيات الإقليمية فيما يخص الولايات المتحدة وإسرائيل والدول العربية.

ليس من المتوقع أن تكون الاتفاقية بين إيران وروسيا بنفس حجم الاتفاقية الصينية – الإيرانية، لكنها لها تداعيات مثيرة للاهتمام، على سبيل المثال في سوريا. اتفق الرئيسان الروسي والإيراني على زيادة جهودهما لإتمام الاتفاق ربما قبل نهاية العام. قد تستمر الاتفاقية لسنوات، وتغطي التعاون العسكري، والسياسي وفي مجال الطاقة.

سوف تحقق إيران استفادة كبيرة من هذا. في الحقيقة، في حين أن الاتفاقية مع الصين كان لها منافع اقتصادية وعسكرية ثمينة لكلا الجانبين (من ضمنها في مجال صادرات النفط)، فإن الاتفاقية الشاملة مع روسيا سيكون لها القيمة المضافة لمشاركة روسيا السياسية العميقة في الشرق الأوسط. قد يصبح هذا مفيدًا في مشروعات إيران الإقليمية. على سبيل المثال، النفوذ الإيراني في سوريا يحتاج لتعاون عميق مع موسكو. في سوريا، يمتلك الكرملين المفتاح إلى قيادة سوريا عبر الرئيس بشار الأسد، بينما تمتلك إيران المفتاح إلى السيطرة على الأراضي السورية. السؤال هو، من يقود في سوريا ومن يتبع، روسيا أم إيران؟ نتيجة للاتفاقيات الكبرى مثل تلك التي يجري صياغتها بين روسيا وإيران، سيقع جزء من الإجابة في الأهداف المشتركة والشراكة في ميدان المعركة. 

تواجه إيران وروسيا أيضًا ديناميكية متغيرة في سوريا، في صورة تغييرات في السياسة الأمريكية وانفتاح في الدول العربية تجاه إمكانية عودة سوريا إلى الجامعة العربية. عن طريق عودة سوريا إلى المجموعة، ستكسب الدول العربية شيئين اثنين: ستتمكن من مواجهة نفوذ إيران الطاغي هناك، وبالتبعية، المحافظة على هوية سوريا العربية؛ وستتمكن من الاستفادة من عجز إيران عن تمويل إعادة إعمار الدولة، وهو شرط ضروري للاستقرار السوري، وتعزيز الروابط الاقتصادية الإقليمية العربية.

وبالمناسبة، ربما لا تمانع روسيا في الواقع تخفيض النفوذ الإيراني في سوريا. إن أولويتها الرئيسية هي اتباع أي طريق يؤمن موقف الأسد ونفوذه أكثر من غيره. لكنها مستعدة لقبول دور إيراني في البلاد في الوقت الحالي، في حالة إذا اتضح أن هذه أفضل طريقة للمُضي قدمًا. ولعل الأمر الأكثر أهمية هو المواجهة المباشرة مع الولايات المتحدة في أماكن أخرى في المنطقة، حتى في هذا الصدد، تحالف إيران مع روسيا يؤتي ثماره. 

في نهاية الأسبوع الماضي، أطلقت إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن نهجها الشامل للسياسة الأمنية في الشرق الأوسط، خلال كلمة وزير الدفاع لويد أوستن في حوار المنامة في البحرين. تعكس الكلمة التصريحات الأخيرة لقائد القيادة المركزية الأمريكية فرانك ماكنزي، في المجلس الوطني للعلاقات الأمريكية العربية، التي أكد فيها أن واشنطن لا تنوي إنهاء “تواجدنا العسكري الدائم في المنطقة الذي كان مضمونًا لأكثر من 70 عامًا”. شدد البنتاجون أيضًا على أن تهديدات إيران المستمرة تتطلب اليقظة، وأن حماية الممرات المائية الدولية ضرورية.

لكن في الوقت نفسه، تجادل إدارة بايدن، مجددًا، أنه ينبغي إيجاد طريقة “ذكية” لمواجهة التهديدات الأمنية الإيرانية المستمرة. هذه اللغة تبدو وكأنها تعكس إيمانًا في واشنطن اليوم بأنه لا يوجد حل عسكري للتهديدات الناشئة من إيران ووكلائها. هذا هو الاختلاف الجوهري بين نهج بايدن ونهج سلفه دونالد ترامب. لا يريد فريق بايدن استخدام اللغة العسكرية، سواء للردع أو للرد.

كل هذا يمهد الطريق إلى – ويصف سيكولوجية – الجولة المهمة من المحادثات النووية مع إيران، التي من المقرر استئنافها يوم 29 نوفمبر في فيينا.

من المرجح أن رسالة إدارة بايدن في المنامة هدفت إلى طمأنة شركائه في الخليج، وتخفيف الصدمة الناتجة عن العرض الأكثر سخاءً الذي قد تقدمه واشنطن قريبًا إلى إيران كجزء من الاتفاق النووي المقبل. في فيينا، في النهاية، سيجد الجانب الأمريكي صعوبة في إثارة قضية أنشطة إيران الإقليمية – تعترض إيران على أن يكون هذا جزءًا من المباحثات، وتدعمها روسيا والصين بقوة في ذلك الاعتراض.

يصبح واضحًا بالفعل أن بايدن لا يريد التصعيد أو المواجهة مع إيران، وكلما رسّخت إيران نفسها في تحالفها مع روسيا والصين، يصبح من المرجح أكثر أن يستمر بايدن في ذلك النهج.  

للإطلاع على رابط المقال الأصلي إضغط هنا

ربما يعجبك أيضا