ذا هيل: كيف يمكن للعالم أن يوقف تطرف الأطفال الأبرياء في سوريا؟

بسام عباس

ترجمة – بسام عباس

غالبًا ما يحب الأطفال لعب الألعاب الخيالية، وفي مخيم الهول للنازحين في سوريا، يتظاهر الأطفال بأنهم من مقاتلي تنظيم داعش، ولأن معظمهم لا يستطيع القراءة أو الكتابة، فهم يتعرضون لدعاية داعش يوميًّا. ويبدو أنهم في طي النسيان؛ ما يزيد من حالة الاستياء لديهم؛ لأنهم يعانون ظروفًا قاسية، حيث يُقتل الجميع، أطفالًا وبالغين.

بعد هزيمة تنظيم داعش على الأرض، جرى وضع الآلاف من الإرهابيين السابقين وأفراد عائلاتهم في مخيمي الهول والروج. كان القصد من مثل هذه المخيمات أن تكون مؤقتة، ولكنهم ظلوا فيها لسنوات، وسعت الحكومات الوطنية – رغم رفض بعضها – لإعادة هؤلاء النازحين إلى بلدانهم الأصلية.

ولماذا يجب أن نهتم؟!

لأن التطرف يحدث بين الشباب الذين يعيشون في هذه المخيمات، فوفقًا لـ “شيخموس أحمد”، رئيس مكتب شؤون اللاجئين في الإدارة الذاتية التابعة لقوات سوريا الديمقراطية في شمال وشرق سوريا، الذي قال: ” بالإضافة إلى العنف اليومي ضدهم، نرى أيضًا أن العديد من الأطفال يتطرفون بسبب آبائهم، الذين لا يزال بعضهم يتبنى أيديولوجية داعش المتطرفة”. يمكننا منع جيل من الأطفال من أن يكبروا ليصبحوا إرهابيين، ويملك أمناء المظالم والمفوضون المعنيون بحقوق الأطفال المفتاح.

ويراقب أمناء مظالم الأطفال إنفاذ حقوق الأطفال، بالإضافة إلى تعزيز مصالح الأطفال، وهم مسؤولون عن جميع أطفال بلادهم، بما في ذلك أطفالهم الذين يعيشون في مخيمات النازحين.

والمخيمات مكتظة وغير صحية، وينتشر العنف والقتل في المخيمات، والتي هي أيضًا غير آمنة بسبب الفيضانات والحرائق. ويعاني الأطفال الذين يعيشون في المخيمات من الحرمان وسوء التغذية، فيما لا يتلقى معظم الشباب تعليمًا رسميًّا؛ ما يقوّض فرص تطورهم وتنميتهم.

والاحتجاز في مثل هذه المعسكرات، فضلاً عن ظروف المخيمات غير الآمنة والفشل في تقديم الخدمات، ينتهك العديد من حقوق الأطفال. كما تنتهك أوضاع المعيشة الخطيرة هذه مجموعة من معاهدات حقوق الإنسان، لا سيما اتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الطفل، فالاعتقال ينكر كرامة وإنسانية الشباب الذين يعيشون في هذه المخيمات.

والأطفال الذين يكبرون ليصبحوا إرهابيين هم أحد أهم الأسباب التي تجعل قادة الحكومة بحاجة إلى إعادتهم إلى الوطن من مخيمي الهول والروج. وهناك سبب آخر، إذ يمكن للبيئات الصحية والآمنة أن تضمن بشكل أفضل تطور الشباب ليصبحوا بالغين يقومون بتربية أسر صحية ويساهمون في مجتمعاتهم.

والأطفال الذين يعيشون في هذه المخيمات البائسة، يتم أحيانًا شيطنتهم، وغالبًا ما يطويهم النسيان هم وحقوقهم. ولكن أمناء المظالم والمفوضين المعنيين بحقوق الأطفال، الذين يتمتعون بسلطات قانونية للدفاع عن مصالح الشباب، في وضع مثالي يضمن رفاهية وحقوق هؤلاء الأطفال وجميع الأطفال.

وبغض النظر عن حكوماتهم، فإنهم [أمناء المظالم] يدافعون عن مصالح الأطفال من خلال مراقبة إنفاذ حقوق الأطفال، كما أن مهمتهم هي ضمان تنفيذ حقوق الأطفال وتحقيق رفاهيتهم، ليس فقط من قبل الحكومات الوطنية ولكن من قبل أعضاء المجتمع.

وتوجد مكاتب أمناء مظالم ومفوضين لحقوق الطفل في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك في العديد من الدول التي يعيش أطفالها في مخيم الهول، بما في ذلك ألبانيا والنمسا والبوسنة والهرسك وفنلندا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا وكازاخستان وكوسوفو ومقدونيا الشمالية وقيرغيزستان وجزر المالديف والنرويج وروسيا وإسبانيا والسويد وطاجيكستان والمملكة المتحدة.

لقد دافع بعض أمناء المظالم المعنيين بحقوق الأطفال بالفعل عن أطفالهم وقاموا بدورهم على أكمل وجه، فعلى سبيل المثال، رافقت المفوضة الرئاسية الروسية لحقوق الطفل الأيتام أثناء نقلهم من مخيم الهول إلى روسيا في الشتاء الماضي. كما دعا أمناء المظالم البلجيكيون المعنيون بحقوق الأطفال، الدولَ الأوروبية بشكلٍ استباقي إلى العمل سويًّا لإعادة أطفالهم من مخيم الهول. فأمناء المظالم المعنيين بحقوق الأطفال في روسيا وبلجيكا يقدمون أمثلة جيدة للآخرين ليحذو حذوهم.

ما الذي يمكن أن يقدمه أمناء مظالم حقوق الأطفال لتسهيل إعادة تأهيل ودمج الأطفال والشباب الذين يعيشون في هذه المخيمات السورية؟

يمكنهم التمسك بأن تطبق الحكومات مبادئ حقوق الطفل وتحميها. كما يمكنهم مساعدة هؤلاء الأطفال على ترك الظروف الفظيعة التي يعيشونها من خلال ضمان إنفاذ حقوق هؤلاء الشباب، بالإضافة إلى إمكانية الدفاع عن حقوق أطفالهم في إعادة التأهيل والاندماج في مجتمعاتهم الأصلية.

إن إعادة تأهيل هؤلاء الأطفال وإعادة دمجهم في مجتمعاتهم الأصلية أمر ضروري؛ ما يضمن حصول الشباب على الاهتمام النفسي والاجتماعي والرعاية الصحية والتغذية وغيرها من أشكال الدعم الضرورية للابتعاد عن الإرهاب ومساعدتهم على بناء حياة جديدة في مجتمعاتهم الأصلية، وإعادة التأهيل وإعادة الإدماج سوف يعززان العضوية في المجتمعات المحلية من خلال التعليم وتجديد العلاقات الأسرية.

ربما يكون من الأسهل سماع صوتٍ واحدٍ عالٍ، ولكن بالعمل معًا، ربما يكون لمجموعة من أمناء المظالم والمفوضين المعنيين بحقوق الأطفال تأثير أكبر من العمل بشكل منفصل؛ إذْ يمكن لمنظمة أمناء المظالم والمفوضين المعنيين بحقوق الأطفال، مثل الشبكة الأوروبية لأمناء مظالم الأطفال (اينوك)، استخدام صوتها القوي للدعوة إلى تنفيذ اتفاقية حقوق الطفل. وبالعمل معًا، يمكن لقيادة “اينوك” وأعضاؤها الدفاع بقوة عن الأطفال الذين يعيشون في جميع دول العالم.

ويمكن أن تستخدم (اينوك) سلطتها الأخلاقية للدفاع عن حقوق ورفاهية الأطفال في مخيمي الهول والروج، كما يمكن لأعضائها مراقبة رفاهية الأطفال الذين يعيشون في تلك المخيمات وضمان إنفاذ حقوقهم، ويمكن أيضًا استخدام الشبكة لمنع هؤلاء الأطفال من التطرف مع تعزيز كرامتهم وحقوقهم في مجتمعاتهم الأصلية.

وأخيرًا، لا يستطيع أمناء المظالم والمفوضون المعنيون بحقوق الأطفال منع تطرف الأطفال فحسب؛ بل يمكنهم أيضًا الدفاع عن حقوق وكرامة هؤلاء وجميع الأطفال. ومن خلال القيام بذلك، يمكن لأمناء المظالم والمفوضين المعنيين بحقوق الأطفال مساعدة هؤلاء الأطفال على النمو لينشأوا متسامحين يتشاركون المعتقدات حول الحرية والمساواة والإنسانية.

للإطلاع على المقال الأصلي إضغط هنا

ربما يعجبك أيضا