ذا هيل | لماذا لا تستطيع إيران المخاطرة بالحرب؟

آية سيد

ترجمة- آية سيد

أخبر الحرس الثوري الإيراني مؤخرًا وسائل الإعلام الحكومية في طهران أنهم سيكشفون عن عملية جديدة ستجعل الإيرانيين الذين يدعمون النظام يشعرون بالفخر، ثم اتضح أن الحرس الثوري كان يتفاخر بالاستيلاء على ناقلة نفط وإعادتها إلى ميناء إيراني. ادّعى الحرس الثوري أنه تفوق على الأسطول الخامس الأمريكي، لكن المسئولين الأمريكيين قالوا إن الادّعاء الإيراني “كاذب وغير حقيقي بالمرة”.

تأتي السلوكيات الإيرانية الغريبة وسط ادّعاءات بأن محادثات الاتفاق النووي ستبدأ مجددًا في 29 نوفمبر، عقب عيد الشكر مباشرة. في منتصف أكتوبر، قال المبعوث الخاص الأمريكي إلى إيران روبرت مالي إن الصبر ينفد مع إيران إذا لم تعد لبحث اتفاق مع الولايات المتحدة حول برنامجها النووي. هذا يستحضر مباحثات 2015 حول اتفاق إيران المعروف بخطة العمل الشاملة المشتركة وما إذا كان غياب الاتفاق سيعني “الحرب”. في الفترة التي سبقت اتفاق 2015، أخبر مسئولون في إدارة أوباما وسائل الإعلام أن الاتفاق مع إيران كان أفضل طريقة لتجنب الحرب.

إن رواية “الاتفاق أو الحرب” كانت أساسية لترويج لماذا ينبغي أن يكون هناك اتفاق، أو لماذا ينبغي على الولايات المتحدة والدول الأخرى أن يمضوا الوقت في انتظار إيران لتأتي إلى طاولة المفاوضات. إن السؤال الذي يتعين طرحه حول هذه الرواية هو: كيف ستبدو “الحرب” ولماذا “الحرب” هي النقيض لوجود اتفاق؟

إن النقاش حول الحرب مع إيران مبني على القلق من أنه إذا واصلت إيران تخصيب اليورانيوم سوف تصطدم في النهاية مع إسرائيل. لقد أجرت قوات الدفاع الإسرائيلية تدريبات لاحتمالية وقوع حرب في أول أربعة أريام من نوفمبر. ركزت التدريبات على احتمالات إطلاق حزب الله المدعوم إيرانيًّا لآلاف الصواريخ. تضمنت الجوانب الأخرى من التدريبات الاستعدادت لوقوع أعمال عنف داخل إسرائيل. في الوقت نفسه، أطلقت إسرائيل منطاد مراقبة جوية جديد بالقرب من حدودها الشمالية مع لبنان، وتقوم القوات الأمريكية بتدريب مشترك بالقرب من إيلات، البحر الأحمر.

وفي حين أن إسرائيل أشارت إلى وجود “خطوط حمراء” بخصوص برنامج إيران النووي، فإن السؤال الذي ينبغي طرحه هو ما إذا كان على إيران المخاطرة بخوض حرب مع الولايات المتحدة أو إسرائيل. حتى الآن، تشير الأدلة إلى أن إيران تفضّل الأعمال الدعائية المثيرة من النوع الذي قام به الحرس الثوري الإيراني في خليج عمان – اختطاف ناقلة، لكن ليس محاربة الأسطول الخامس الأمريكي. هذا لأن إيران لا تستطيع المخاطرة بحرب تقليدية حقيقية. لم تخض إيران حربًا كبرى منذ الثمانينيات عندما حاربت العراق بقيادة صدام حسين. إن حكومة إيران فقيرة ونظامها ضعيف نسبيًّا في ظل العقوبات، كما أن الورقة الحقيقية التي تملكها هي الابتزاز النووي، التي تستخدمها لإحراز نقاط دبلوماسيًّا. إنها تُسلّح أيضًا وكلاء خطيرين في أنحاء الشرق الأوسط، في اليمن والعراق ولبنان وسوريا.

وبالتالي، تكمن القوة الحقيقية لإيران في وكلائها، والميليشيات التي تحصل على الطائرات المسيرة والصواريخ الإيرانية. استخدمت إيران الطائرات المسيرة لمهاجمة القوات الأمريكية في العراق وسوريا واستهدفت ناقلة قبالة ساحل عمان في يوليو، وهذا النوع من الهجمات يمنح إيران الإنكار المقبول. إنها لا تقول أبدًا إنها نفذت هجمات الطائرات المسيرة، فيما أظهرت الولايات المتحدة أدلة على دور إيران في اليمن، لكن تهريب الأجزاء اللازمة لصنع الصواريخ أو أجهزة الجيروسكوب اللازمة للطائرات المسيرة ليس تمامًا الطريقة التي تستعد بها الدولة لحرب تقليدية كبرى.

إن البحرية الإيرانية صغيرة وتستمر سفنها في الاشتعال والغرق. وتعاني بنيتها التحتية من مشاكل، ويتجه الحرس الثوري للقيام بالمهام التي يتعين على الجيش الإيراني القيام بها. باختصار، أسندت إيران صلاحيات شن الحرب إلى الحرس الثوري والوكلاء، وكلاهما ليسا مستعدين لصراع كبير، وإذا لم تستطع إيران تحمل صراع كبير، فإن احتمالات أن يؤدي غياب الاتفاق النووي الإيراني إلى “حرب” تنخفض. إن ما يمكن أن يحدث هو أن غياب الاتفاق سيعني توترات مستمرة في المنطقة.

غير أنه بعد الاتفاق الإيراني السابق في 2015، كان هناك تدخل إيراني متزايد في العراق، وسوريا، ولبنان واليمن. استولى الحوثيون على قطاعات كبيرة من اليمن في 2015 وأقامت الميليشيات المدعومة إيرانيًّا في العراق متجرًا في سوريا لنقل الأسلحة في 2017 و2018.

وبوجود اتفاق أو بدونه، ستواصل إيران أنشطتها الخبيثة، وهذا لن يؤدي إلى حرب تقليدية ضخمة، وإنما المزيد من نفس الصراعات بالوكالة التي واجهها الشرق الأوسط لعقود.  

للإطلاع على المقال الأصلي إضغط هنا

ربما يعجبك أيضا