ذا هيل | ما ملامح استراتيجية جو بايدن في أفريقيا؟

آية سيد

ترجمة – آية سيد

ربما يقدّم انتخاب جو بايدن رئيسًا فرصةً جيدةً للولايات المتحدة لتعيد ضبط علاقتها بأفريقيا جنوب الصحراء. كانت اثنتان من أولويات إدارة ترامب في المنطقة مميزتين، وهما بالتحديد التركيز على المنافسة مع الصين والتركيز المتراجع على مكافحة الإرهاب، غير أن الأولى لم تُترجم مطلقًا إلى استراتيجية حقيقية، والثانية عنيت بجهود مكافحة الإرهاب المتواصلة – ونعم هي لا تزال مستمرة، ومع الأسف، ضرورية – ترنحت دون أي رؤية استراتيجية محددة توجهها. في الوقت نفسه، تشير الأدلة المتاحة إلى أن الأفارقة في منطقة جنوب الصحراء يرون أن الولايات المتحدة مهتمة بهم فقط كبيادق في منافسة للقوى العظمى، ويستطيع بايدن أن يغير كل هذا إلى الأفضل.

إن أول وأهم شيء يمكن لأية إدارة أمريكية أن تفعله هو رؤية أفريقيا جنوب الصحراء على حقيقتها: منطقة ديناميكية تستضيف قطاع ضخم ومتنامي من البشرية. تقف حصة أفريقيا من سكان العالم حاليًا عند 17%، وفقًا للأمم المتحدة، ومن المتوقع أن تنمو إلى حوالي 25% بحلول 2050 و40% بحلول 2100. ومن المتوقع أن تصبح أربع دول من أفريقيا جنوب الصحراء ضمن أكثر 10 دول ازدحامًا بالسكان في 2100، وتشمل نيجيريا (700 مليون)، وجمهورية الكونغو الديمقراطية (362 مليونًا)، وإثيوبيا (294 مليونًا) وتنزانيا (286 مليونًا)، وبالمقارنة، من المتوقع أن تستضيف أمريكا 424 مليون شخص.

ويمكن أن يتوقع المرء أن تلعب دول أفريقيا جنوب الصحراء أدوارًا رئيسية في كل التطورات والاتجاهات العالمية، الجيدة والسيئة، من الإبداع الفكري والفني إلى الإنتاجية الاقتصادية والتطرف الديني والإرهاب. وعلاوة على هذا، أيًّا كان ما يفعله الأفارقة، يمكن أن يتّكل المرء على امتلاكهم تأثير على بقية الكوكب في عالم من المؤكد أن يصبح معولمًا على نحو متزايد، وليس أقل.

إن رؤية الأفارقة كأفارقة وليس كبيادق في لعبة كبرى يمكن أن تقطع شوطًا طويلًا باتجاه توطيد موقف الولايات المتحدة في منافستها مع القوى الأخرى، لا سيما إذا تُرجمت إلى مشاركة مع الاقتصادات والمؤسسات الأفريقية بطرق ليست مقصورة على مواجهة التحركات الصينية.

أولًا: من المستحيل التنافس مع الصينيين (والإيرانيين والروس والأتراك، إلخ) عندما لا يكون الشخص في الميدان. ثانيًا، محاولات إبعاد أفارقة جنوب الصحراء عن المنافسين من خلال إعلامهم عن الدوافع الخفية للحكومة الصينية، مثلًا، ربما لا تثمر عن شيء إذا لم يتصرف الأمريكيون بطريقة مختلفة، وربما يكون صحيحًا أيضًا أن حكومات الولايات المتحدة كانت مركزة أكثر من اللازم على المسائل الأمنية وتقديم المساعدة الأمنية. إن المساعدة الأمنية ليست شيئًا سيئًا، لكن ربما تكون هناك طرق مثمرة أكثر للاستثمار في مؤسسات ومجتمعات الدول الأخرى.

إن جهود مكافحة الإرهاب المستمرة ستحتاج على الأرجح لأن تظل قائمة، ويشير انتشار التطرف الإسلاموي إلى موزمبيق في شرق أفريقيا وسواحل غرب أفريقيا إلى أنها ربما تحتاج لأن تزيد، وقد يكون الآن هو التوقيت المثالي لتقييم عقدين من التجربة من أجل تحسين جهود مكافحة الإرهاب وإيجاد طرق لمساعدة الدول الشريكة في معالجة الجوانب الاقتصادية، والسياسية والاجتماعية للصراع.

ويمكن أن تخلق الجهود المتعلقة بالأمن، في أحسن الأحوال، المكان والزمان اللذين تحتاجهما الحكومات الشريكة وحلفاؤها لمعالجة المشاكل المحلية المتعددة التي تتجه لإشعال التمرد والإرهاب عن طريق تشجيع الجهات الفاعلة المحلية على الالتفاف حول راية الجهاد، وربما تكون المساعدة الأمنية التي تهدف لجعل القوات الأمنية للدولة الشريكة أكثر فاعلية ضرورية، لكنها لا تكون كافية أبدًا، ولا ينبغي أن يظن أحد عكس ذلك. وبالتالي قد يتحول التركيز إلى مساعدة الدول الشريكة. وبالنسبة إلى المساعدة الأمنية، فإن الأداء الضعيف للكثير من أجهزة الأمن في الدول الشريكة ربما يحفز إعادة التفكير بصورة شاملة. إن أفريقيا جنوب الصحراء مهمة بالفعل وقد تصبح أكثر أهمية في المستقبل القريب؛ ربما يتعين على صُناع السياسة الأمريكيين التعاون مع المنطقة لضمان أن تكون الولايات المتحدة في موقع يمكنها من تحقيق الاستفادة الكاملة من أي فرص تظهر، وعند الضرورة، فعل كل ما في الإمكان لتفادي أية نتائج غير مرغوب فيها، لكن هذا لن يصبح ممكنًا إذا ظلت أمريكا منعزلة.

لمشاهدة الموضوع الأصلي اضغط هنا

ربما يعجبك أيضا