ذا ويك | هل يريد بوتين فعلًا تجنب الحرب؟

آية سيد

رؤية

ترجمة  – آية سيد

في الأسبوع المقبل، سيجتمع الدبلوماسيون الغربيون بنظرائهم الروس لعقد سلسلة من الاجتماعات والتي من المرجّح أن تكون أفضل فرصة لمنع الغزو الروسي لأوكرانيا، حيث تستعد 100 ألف من القوات الروسية بالفعل على الحدود. السؤال هو: ماذا يمكن أن يفعل الدبلوماسيون لمنع الغزو؟

إن مطالب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين – بإنهاء أي توسع إضافي للناتو، ليس فقط تجاه أوكرانيا بل تجاه أي مكان آخر؛ وفرض قيود أحادية على نشر الصواريخ الأمريكية قصيرة ومتوسطة المدى؛ وفرض قيود على نشر القوات في دول الناتو القريبة من روسيا – لا تُبشر بالنجاح بالنسبة إلى الغرب، كما أن الموافقة من شأنها أن تهين حلفاءنا الأوروبيين في وقت يقلقون فيه بشدة من طموحات موسكو. لكن من نفس المنطلق، رفض هذه المطالب دون مناقشة، أو عرض مفاوضات مطولة دون وعد بتحقيق أية أهداف روسية مُجدية، سيمنح بوتين ذريعة للغزو. وحيث إنه لا أمريكا ولا حلفاءها الأوروبيين لديهم نية لخوض حرب مع روسيا في حالة الغزو، تبدو احتمالية الردع مزرية بنفس القدر.

على افتراض أن بوتين مستعد للحرب، كما يبدو بالفعل، فإن الحيلولة دون ذلك تتطلب دبلوماسية خلاقة على نحو استثنائي. اقترح أناتولي ليفين من معهد كوينسي التالي: حياد أوكرانيا، على غرار معاهدة الدولة النمساوية لعام 1955 بين الاتحاد السوفيتي، والولايات المتحدة، وبريطانيا، وفرنسا، وكذلك أيضًا المعاهدة الفنلندية – السوفيتية لعام 1948، اللتين أعلنتا الحياد النمساوي والفنلندي بالترتيب أثناء الحرب الباردة.

اقتراح ليفين هو أن تعرِضَ أمريكا على روسيا “جسرًا ذهبيًّا” بعيدًا عن الصراع، وهو شيء من شأنه أن يلبي الأهداف الأمنية الأساسية لموسكو دون اللجوء إلى الحرب أو التضحية بالمصالح الغربية الأساسية. سوف تتراجع الولايات المتحدة والناتو بشكل دائم عن عضوية أوكرانيا في الناتو مقابل موافقة روسيا على عدم ضم أوكرانيا في أي تحالف خاص بها، وسيتعين على أوكرانيا تطبيق أحكام بروتوكول “مينسك 2” التي تنص على الاستقلال الذاتي لإقليم دونباس، وستوافق روسيا على سحب قواتها من هناك. من خلال هذه الوسائل، ستصبح أوكرانيا دولة عازلة محايدة. يجادل ليفين بأن هذا سيمنع الحرب، ويُلبي حاجة روسيا بأن تبقى أوكرانيا خارج المدار الغربي، ولن يُعرّض استقلال أوكرانيا أو مصداقية الناتو للخطر.

إنه يبدو حلًّا أنيقًا – طريقة لكي يحد الغرب من التوسع الروسي بينما يتجنب مسئولية جديدة مُكلفة وخطيرة. لكنه يقوم على افتراض أن الجانبين يريدان فعلًا تجنب الصراع. أشك في أن هذا الافتراض خاطئ.

وكما يدرك ليفين نفسه، كان هدف روسيا الأساسي لأكثر من عقد هو ضم أوكرانيا في دائرة النفوذ الروسي كدولة تابعة وخاضعة اقتصاديًّا وعسكريًّا، أشبه ببيلاروسيا أو كازاخستان (أرسلت روسيا للتو قوات إلى الأخيرة لقمع ثورة شعبية). إن أوكرانيا المحايدة بحق ستمثل انتكاسة كبرى للطموحات الإقليمية الروسية. لماذا تقبل بهذا؟ إن الأمر الأكثر ترجيحًا هو أنه إذا قبلت روسيا الاقتراح، سيكون بغرض منع تحديث جيش أوكرانيا والحد من انجرافها الاقتصادي تجاه الغرب، ما يجعل الحياد مجرد محطة على الطريق للهيمنة الروسية.

لنفس ذلك السبب، ربما ترفض أوكرانيا نفسها الحياد وسيُفسّر بشكل عام على أنه إعلان تأكيدي من جانب الغرب على أنه يحترم دائرة النفوذ الروسي المنفصلة. منذ نهاية الحرب الباردة، لم يقر الغرب أو يعترف رسميًّا بهذا، لا لروسيا ولا لأي قوة أخرى. ربما يكون فعل هذا تطورًا محمودًا – لكنها ليست خطوة قد يتخذها الغرب ببساطة. في الواقع، ربما يُفضّل الكثير من صُنّاع السياسة الأمريكيين سرًّا الوضع حيث تستولي روسيا على قطعة من أوكرانيا ثم تصبح أكثر عزلة نتيجة لذلك، تاركةً غرب أوكرانيا ليصبح دولة موالية للغرب بشكل علني بمطالب وحدوية ضد روسيا. هذه النتيجة لن تحتاج من أي أحد أن يتراجع عن التزاماته الأيديولوجية.

ربما يكون ذلك التفضيل حاضرًا في موسكو أيضًا. نحن لا نعلم إلى أي مدى أهداف بوتين الإقليمية ممتدة فيما يخص أوكرانيا، لكن على أقل تقدير يبدو من المنطقي الافتراض بأنه يهدف إلى إقامة جسر بري إلى شبه جزيرة القرم. وعلى أقصى تقدير، ربما يخطط للاستيلاء على كل الأراضي الأوكرانية التي تُعد جزءًا مما يُسمى بـ”نوفوروسيا”، وإذا كان بوتين يعتقد أنه يستطيع تحقيق تلك الأهداف بسهولة عن طريق القوة؛ وبالتالي يُظهر عجز الغرب عن منعه، ربما يُفضل الصراع قريب المدى على التسوية المواتية نسبيًّا، حيث إن الوقت ربما لا يكون دائمًا إلى جانبه.

في الواقع، لن يفعل الوقت أبدًا. هذا هو الخطأ الكبير الذي ارتكبه الغرب بنهاية الحرب الباردة: الافتراض بأن اللحظة أحادية القطب للهيمنة الغربية، وتحديدًا، الأمريكية كانت أو من الممكن أن تكون حالة دائمة. إذا كان هناك وقت لترسيخ علاقة جديدة مع روسيا على أساس احترام دائرة نفوذها المتقلصة، كان ذلك الوقت في التسعينيات، عندما كانت الولايات المتحدة في أوج قوتها النسبية. الآن نحن لا نملك خيار العودة للوراء؛ يجب أن نتعامل مع روسيا المصممة على عكس مسار ما تراه فترة من الإذلال وإعادة ضبط بنود النظام الأوروبي.

في ذلك السياق، إذا عرضنا عليهم أن نبيع لهم جسرًا – حتى لو من ذهب – أجد من الصعب الاعتقاد بأنهم سيشترونه.

للاطلاع على الرابط الأصلي اضغط هنا

ربما يعجبك أيضا