الانتخابات الفرنسية.. ماذا لو فازت اليمينية المتطرفة مارين لوبان؟

رنا أسامة

انتخاب مارين لوبان قد يعني أن فرنسا ستكف عن تأييدها لمزيد من التكامل الأوروبي


في شمال مرسيليا، ستُصوّت إليزابيث 68 عامًا، التي أعطت صوتها ذات مرة لليسار، لصالح اليمينية المتطرفة مارين لوبان بأولى جولات انتخابات الرئاسة الفرنسية في 10 أبريل الجاري.

قالت إليزابيث، التي تركت المدرسة في سن الـ16 عامًا: “ثمة اعتقاد بأن مارين سيئة، لكن بات الناس يُدركون أنها ليست كذلك”، معتقدةً أن لوبان ستخفض الضرائب وتضع الأموال في جيوب الفرنسين، وأن لوبان ستهدى “التوتر والانقسام” في فرنسا، بحسب صحيفة الجارديان.

لوبان وماكرون.. فارق ضيّق

لوبان وماكرون

تتوقع استطلاعات الرأي تأهل الرئيس المنتهية ولايته إيمانويل ماكرون ومرشحة اليمين المتطرف في الجولة الأولى من انتخابات الرئاسة الفرنسية، في مواجهة يسار منقسم ويمين يراوح مكانه، مع تضاؤل الفارق بينهما.

في استطلاع أجرته مجلة باري ماتش الفرنسية، تقدّم ماكرون بـ7 نقاط 28٪ على لوبان 21٪ في الجولة الأولى من التصويت، ورغم أن الاستطلاع كشف عن أضيق هامش بين المُرشحين منذ بداية العام، كان مُتوقعًا أن يتفوق الرئيس المنتهية ولايته على مُرشحة اليمين المتطرف في الجولة الثانية بواقع 53٪ مقابل 47٪ على التوالي.

صعود اليمين المتطرف.. “إنها خطرة”

لا يزال معارضون سياسيون ينتقدون حزب التجمع الوطني باعتباره عنصريًا ومعاديًا للأجانب وللسامية وللمسلمين، واصفين زعيمته لوبان بـ”شيطان” الجمهورية الفرنسية. لكن استطلاعات رأي تظهر أن النظرة بدأت تتغّير، ففي ثالث ترشّح رئاسي، صعدت لوبان 53 عامًا، لتصبح ثاني سياسية مُفضّلة في فرنسا بعد رئيس الوزراء السابق لماكرون، إدوارد فيليب، وفق أحدث استطلاع شهري لمعهد إيلابي.

ماري لوبان..

تركيز لوبان على تكاليف المعيشة وارتفاع أسعار الطاقة المُحتمل تفاقمها بسبب الأزمة الأوكرانية، سمح بتجاهل صلاتها بالرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، الذي زارته في عام 2017. وقال عنها وزير الداخلية الفرنسي، جيرالد دارمانين، قبل أسبوع إنها “خطرة ويمكنها الفوز في هذه الانتخابات الرئاسية”. وحذر ماكرون من بُعد برنامجها عن الواقع بما قد يخدع الناخبين ويجدونها “ألطف”، وفق الجارديان.

حملة لوبان.. كيف اختلفت؟

حملة لوبان

القضايا الرئيسة في برنامج لوبان، المتضمنة انعدام الأمن والجريمة والشعور بعدم المساواة اجتماعيًا وربطها بالهجرة والتهديد المُتصور للإسلاموية، احتلت مساحة أكبر في النقاش العام بفرنسا خلال السنوات الأخيرة، ويقول مستشار اتصالات بمؤسسة جان جوريس، رافائيل لوركا، إن نغمة حملة لوبان اختلفت عمدًا هذا العام، وأن حملاتها السابقة “كانت شعبوية بطريقة عدوانية وخبيثة للغاية”

أوضح مؤلف كتاب الأقنعة الجديدة لليمين المتطرف، أن لوبان ترى الآن أن الانقسام والصراع لن يجدي نفعًا، وتنظر إلى ماكرون على أنه “رئيس الفوضى”، وأنها تستطيع تهدئة الأمور، مضيفًا: “إنها تريد تخدير ردود أفعال المجتمع الفرنسي ضد اليمين المتطرف وتحييد منتقديها”. مع ذلك، لا تزال استطلاعات الرأي تستبعد فوزها، وسط شكوك حول معدل الامتناع عن التصويت، ومدى مشاركة اليساريين.

هل تغيّرت حقًا؟

اليمينية المتطرفة مارين لويان

مارين لوبان

يرى مجتبى رحمن، رئيس مكتب أوروبا بمجموعة أوراسيا، أن “لوبان ليست أكثر اعتدالًا أو منطقية اليوم مما كانت عليه في الماضي، وأنها لا تزال قوة يمينية متطرفة في السياسة الفرنسية”، لكنها ببساطة “سياسية ذكية”، بحسب موقع جي زيرو ميديا الأمريكي.

على سبيل المثال، ميّزت لوبان نفسها كشخصية مُستساغة في أقصى اليمين مقارنة بمنافسها اليساري، إريك زيمور، في حين أنها حليفة منذ فترة طويلة لبوتين، وقلّلت من أهمية دعمه بعد أن رأت أن ثمة قليل من الحب له في فرنسا بسبب الحرب، ومكُنتها براجماتيها من سرقة ناخبي زيمور المناهض لحلف الناتو ومُعاقبة روسيا، يقول رحمن: “لقد خلق هذا انطباعًا بالاعتدال لكنه ليس حقيقيًا”.

ماذا لو فازت؟

ماري لوبان ....

تتوقع فاينانشال تايمز أن خسارة ماكرون ستكون اقتصادية، كما يُحتمل أن يُعيد ضغوطًا سيادية إلى الواجهة، بموجب هذا السيناريو، قد ينخفض تداول زوج اليورو/ الدولار الأمريكي ​​بنحو 2٪. وأشارت الصحيفة إلى أن هذا الجانب السلبي أقل من تقديراتها لانتخابات 2017، ما يعكس التحول بعيدًا عن خروج فرنسا من الاتحاد الأوروبي.

وفي حين لم تدافع لوبان، صراحة، عن فريكسيت، وخففت من خطابها المعادي لأوروبا، يُحتمل أن تتبنى موقفًا أكثر عدائية فيما يتعلق بالمؤسسات الأوروبية، فعلى أقل تقدير، يعني انتخابها أن فرنسا ستكف عن تأييدها لمزيد من التكامل الأوروبي. لهذا مع تزايد احتمالات فوز لوبان، تتوقع فاينانشال تايمز اتساع سندات “أو إيه تي” الخاصة بالحكومة الفرنسية، وفروق سيادية أخرى، اتساعًا هادفًا.

يسار سيادي

ماري لوبان

في حال انتخبها الفرنسيون، يُتوقع تعيين يساريين في الحكومة الفرنسية، وقالت لوبان لراديو آر تي إل الفرنسي: “قد نُعين أشخاصًا، على سبيل المثال من يسار جان بيير، شيفينمنت وزير الداخلية السابق في عهد رئيس الوزراء الاشتراكي ليونيل جوسبان”. بعبارة أخرى، يسار سيادي يدعم إعادة التصنيع ويدافع عن صناعاتنا العظيمة، يشارك يساريون لوبان قوميتها وتشككها في حلف الناتو والاتحاد الأوروبي وإيمانها بدولة قوية.

وأضافت لوبان: “ثمة كثير من اليساريين مرتبطين بالعلمانية الفرنسية.. وهذا مناسب تمامًا، إنها قضية أساسية بالنسبة لي إنهم يعارضون بشدة الطريقة التي يسعى خلالها إيمانويل ماكرون لتدمير التعليم”، وفق فاينانشال تايمز.

اقرأ أيضًا:

سباق الرئاسة الفرنسية.. اعرف أبرز المرشحين

مارين لوبان: سأحظر الحجاب في حالة فوزي بالانتخابات استجابة لأغلبية الفرنسيين

المرشحة الفرنسية «لوبان»: إذا خسرت الانتخابات فستكون هذه هي محاولتي الأخيرة

ربما يعجبك أيضا