«جدري القرود» الأكثر انتشارًا بين الرجال.. ما السر؟

هالة عبدالرحمن

ذكر عالم وبائيات الأمراض المعدية بجامعة "نيو ساوث ويلز" في سيدني، ماكنتاير أن الارتفاع المفاجئ في الحالات ناتجًا عن طفرة تسمح لفيروس جدري القرود بالانتقال بسهولة أكبر من تلك التي كانت تحدث في الماضي.


يحاول العلماء فهم سبب ظهور جدري القرود وانتشار الفيروس على نحو كبير، وسط حالة من التأهب والحذر من أن يتحول إلى وباء عالمي.

وقد حاول العلماء المعنيون بالأمر، من خلال تقرير نشرته مجلة “نيتشر” العلمية، تقديم إجابات مفسرة وواضحة، في ما يتعلق بالعديد من التساؤلات، أهمها ماذا عن نشأة الفيروس، وما سر انتشاره بين فئة معينة من الرجال، إلى غير ذلك ممَّا سيفصح عنه التقرير التالي.

d41586 022 01421 8 21740422

لغز جدري القرود

ذكرت عالمة الأوبئة التي تقود فريق المراكز الأمريكية لمكافحة الأمراض والوقاية، أندريا ماكولوم، وفقًا لـ”نيتشر” أن اكتشاف جدري القرود في الأشخاص الذين ليس بينهم صلة واضحة، يشير إلى أن الفيروس ربما كان ينتشر بدون أعراض جانبية، وهي حقيقة “مقلقة للغاية”، مضيفة “إذا كان بإمكان جدرى القرود أن ينتشر بدون أعراض، فسيكون ذلك مزعجًا، لأنه سيجعل تعقب الفيروس أكثر صعوبة”

وتابعت “يوجد لغز آخر يتعلق بالسبب في أن جميع مجموعات الحالات تقريبًا يشمل رجالًا تتراوح أعمارهم بين 20 و50 عامًا، وكثير منهم من المثليين ومزدوجي الميول الجنسية”. وواصلت “التفسير الأكثر ترجيحًا لهذا النمط، هو أن الفيروس جرى إدخاله بالصدفة في مجتمع المثليين، واستمر انتشاره وتحوَّر داخل تلك المجتمعات، وأنه لدى العلماء مهمة واحدة حول أصل انتشار الوباء بهذه السرعة”.

انتشار واسع لجدري القرود

أعلنت منظمة الصحة العالمية، في آخر تحديث لها عبر موقعها، في 21 مايو الحالي 2022، عن أنه جرى إبلاغها رسميًّا بـ92 حالة مؤكدة مختبريًّا، و28 حالة مشتبهًا بها، من 12 دولة عضوة مصنفة غير متوطنة لفيروس جدري القرود، بالإضافة إلى أن منها 11 دولة غير إفريقية.

وقد أثار ظهور الفيروس في مجموعات سكانية منفصلة في جميع أنحاء العالم قلق العلماء، ودفعهم إلى التسابق للحصول على إجابات. وقالت عالمة الأوبئة بجامعة كاليفورنيا في لوس أنجلوس، آن ريموين، بعد دراستها لجدري القرود في جمهورية الكونغو الديمقراطية، لأكثر من عقد: “إنه من المذهل رؤية هذا النوع من الانتشار”.

NWLD composite monkeypox comparison MH

سبب التسمية

يُعرف المرض باسم “جدري القرود” لأن الباحثين اكتشفوه أول مرة في عينة قرود، بالمعهد الحكومي للأمصال في كوبنهاجن بالدنمارك، ويُعتقد أن الفيروس ينتقل من الحيوانات البرية إلى البشر، أو من الأشخاص المصابين، وفقًا لموقع منظمة الصحة العالمية.

ويتعرض بضعة آلاف من الحالات في إفريقيا، للإصابة بمرض جدري القرود، وتكون الإصابات عادةً في الأجزاء الغربية والوسطى من القارة السمراء، وفي السياق ذاته فإن الحالات المبلغ عنها خارج إفريقيا، اقتصرت على إصابات نتيجة السفر إلى إفريقيا أو استيراد حيوانات مصابة.

مقارنة أعراض كوفيد بجدري القرود

أوضح عالم الفيروسات في معهد البحوث الطبية للأمراض المعدية في فورت ديتريك بولاية ماريلاند، جاي هوبر، في تصريحات لـ”نيتشر”، أن جدري القرود ليس كوفيد 19، وأنه لا ينتقل من شخص إلى آخر بسهولة، ولأنه مرتبط بفيروس الجدري، فإنه يوجد بالفعل علاجات ولقاحات في متناول اليد للحد من انتشاره.

وعلى عكس سارس وكوفيد، اللذين ينتشران عبر قطرات محمولة بالهواء تسمى الهباء الجوي، يُعتقد أن جدري القرود ينتشر بالاتصال الوثيق بسوائل الجسم، كاللعاب، وقد يسبب كوفيد وسارس أعراضًا تشبه الإنفلونزا، أما جدري القرود فيتسبب في تضخم الغدد الليمفاوية، وظهور آفات ممتلئة بالسوائل على الوجه واليدين والقدمين، ويتعافى معظم مرضاه في غضون أسابيع، بدون علاج.

احتمالات الوفاة عقب الإصابة

ما يمكن للباحثين قوله من هذه البيانات الجينية الأولية هو أن جدري القرود مرتبط بسلالة فيروسية، توجد في الغالب غرب إفريقيا، وهذه السلالة تسبب مرضًا أكثر اعتدالًا ولها معدل وفيات أقل، نحو 1% في سكان الريف الفقراء، مقارنةً بالمرض المنتشر في وسط إفريقيا، لكن مدى اختلاف السلالة التي تسبب حالات الانتشار الواسعة لا يزال غير معروف.

وذكر عالم وبائيات الأمراض المعدية بجامعة نيو ساوث ويلز، في مدينة سيدني الإيطالية، ماكنتاير، أن الارتفاع المفاجئ في الحالات المصابة بجدري القرود، ناتج عن طفرة تسمح لفيروس الجدري بالانتقال بسهولة أكبر من تلك التي كانت تحدث في الماضي.

 

ربما يعجبك أيضا