محتجون بعشرات الآلاف ضد حكومة التشيك.. موالون لروسيا أم خائفون من المستقبل؟

بسام عباس

احتج نحو 70 ألف شخص في العاصمة التشيكية براج، يوم السبت الماضي 3 سبتمبر 2022، ضد الائتلاف الحاكم، داعين لبذل مزيد من الجهود للسيطرة على ارتفاع أسعار الطاقة.

ووفقًا لموقع iDNES.cz الإخباري التشيكي، أعرب المحتجون عن معارضتهم للاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي (الناتو)، لكن رئيس الوزراء، بيتر فيالا، قابل ذلك بقوله إن التظاهرات تقودها “قوى موالية لروسا، ذات مواقف متطرفة، وتعمل ضد مصالح جمهورية التشيك”.. فما القصة؟

رغبة في سحب الثقة بالحكومة

جاء موعد الاحتجاج في وسط العاصمة براج، بعد يوم من نجاة الحكومة من تصويت في البرلمان على سحب الثقة بها، وسط اتهامات من المعارضة بعدم اتخاذ حكومة يمين الوسط المؤلفة من 5 أحزاب، أي إجراء ضد التضخم وارتفاع أسعار الطاقة.

وأشارت تقديرات الشرطة إلى أن عدد المتظاهرين بلغ نحو 70 ألفًا بعد ظهر السبت الماضي، حسب وكالة أنباء “رويترز” التي قالت إن منظمي التظاهرة الذين ينتمون إلى أحزاب من أقصى اليمين وأقصى اليسار على السواء، يرون أن التشيك (الواقعة وسط أوروبا) يجب أن تكون محايدة عسكريًّا، وتبرم عقودًا مباشرة مع الدول الموردة للغاز، بما فيها روسيا.

وطالب المحتجون باستقالة رئيس الوزراء المحافظ، فيالا، منتقدين حكومته وسياساتها ذات التوجه الغربي، وفق ما أوردته شبكة “يورونيوز“.

 

مطالبة بالحياد العسكري.. ورفض لتوطين الأوكران

نقل موقع iDNES.cz عن عضو مجموعة تنظيم الاحتجاج، ييري هافيل، قوله: “الهدف من تظاهرتنا هو المطالبة بالتغيير، خاصة في حل مسألة أسعار الطاقة، ولا سيما الكهرباء والغاز، لأنها ستدمر اقتصادنا هذا الخريف.. وقد دعونا رئيس الوزراء بيتر فيالا للتفاوض معنا، ولكنه للأسف لم يستجب لنا، ولذلك سنواصل الضغط من أجل إقالة هذه الحكومة”.

ودعت عريضة عبر الإنترنت، نشرها موقع منظمي الاحتجاجات، لتأمين إمدادات الغاز الطبيعي الرخيصة عبر عقد مباشر مع روسيا، والتزام الحياد العسكري، وتقديم المزيد من الدعم للشركات التشيكية. ورفضت العريضة التوطين الدائم للاجئين الأوكرانيين في جمهورية التشيك، حسب ما ذكرت وكالة “بلومبرج“.

الحكومة تحذر من «تقسيم الشعب» 

قال وزير الداخلية التشيكي، فيت راكوشان، إنه أخذ مخاوف الجماهير التي جاءت إلى المظاهرة على محمل الجد، وأضاف: “لهذا السبب نعمل على إيجاد حلول من شأنها أن تخفف من مخاوف الجماهير من المستقبل، لكن الحلول لا تكمن في الميل نحو روسيا، وهو ما لا أتفق فيه مع المتظاهرين”.

وفي الوقت نفسه، حذر راكوشان في تغريدة على “تويتر” من السماح بتقسيم الشعب، واعتبر أن “انقسام المجتمع هو أحد أهداف الحرب الهجينة التي نواجهها”.

وبالمثل، شدد رئيس الوزراء على أن لكل شخص الحق في التعبير عن مواقفه والتظاهر، لكنه قال: “إن تفسيرات الأحداث التي أتاحت لي الفرصة رؤيتها حتى الآن، تُظهر مواقف مؤيدة لروسيا بقوة، وفي رأيي أن هذا لا يتوافق مع مصالح جمهورية التشيك وشعبها”، وفق ما نقل موقع iDNES.cz الإخباري.

هل العقوبات على روسيا وراء الاحتجاجات؟

أدان المتظاهرون التشيكيون حكومتهم لانضمامها إلى عقوبات الاتحاد الأوروبي المفروضة على روسيا، بسبب الحرب الروسية الأوكرانية، قائلين إنها تسببت في ارتفاع أسعار الغاز والكهرباء. وتدعم جمهورية التشيك صراحةً القضية الأوكرانية ضد القوات الروسية، وتتبرع بالمساعدات المالية والعسكرية، إلى جانب استضافة عدد كبير من اللاجئين الأوكرانيين.

وترغب حكومة فيالا في الدعوة لاجتماع طارئ لدول الاتحاد الأوروبي الأسبوع المقبل، للبحث عن نهج موحد لأزمة الطاقة، باعتبار أن جمهورية التشيك تتولى حاليًّا الرئاسة الدورية للاتحاد.

أزمة الطاقة تؤجج الاضطرابات في أوروبا

تكشف الأحداث في جمهورية التشيك عن كيفية عمل أزمة الطاقة على تأجيج الاضطرابات السياسية في أوروبا، حيث يؤدي ارتفاع أسعار الطاقة إلى تضخم غير مسبوق، يشعر العديد من الأوروبيين بأنه ناتج عن أزمة الطاقة الحالية، ما يؤجج الاضطرابات الاجتماعية والاحتجاجات والإضرابات، وفقًا لمسح أوروبي جديد نشرته “يورونيوز”

ووصل التضخم في التشيك، المدفوع بارتفاع تكاليف الإسكان وارتفاع أسعار الطاقة، إلى أعلى مستوى منذ عام 1993. ويتوقع البنك المركزي التشيكي أن يبلغ التضخم ذروته عند 20% في الأشهر المقبلة، وفق وكالة “بلومبرج“.

وقالت براج إن المبلغ الإجمالي للمساعدات الحكومية سيصل إلى 177 مليار كرونة، أي 7.12 مليار دولار، أو نحو 3% من الناتج الاقتصادي للبلاد، وتشمل حزمة الإجراءات زيادات في المعاشات التقاعدية وزيادة رواتب موظفي الدولة، فضلًا عن 66 مليار كرونة، أي 2.66 مليار دولار، في دعم الطاقة.

ربما يعجبك أيضا