رغم احتواءه.. كيف يؤثر تمرد فاجنر في سلطة بوتين؟

محمد النحاس

رغم انقضاءه فإن تمرد فاجنر يمثل تحديًّا لسلطة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ويشكك في هيمنته على مقاليد الحكم.. كيف ذلك؟


على مدار عقدين من الزمان، بسط الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قبضته على السلطة في بلاده دون أي تهديد مباشر يذكر.

لكن في وقتٍ مبكر من يوم السبت 24 يونيو 2023، بدا أن هذا قد تغير، ليهتز عرش رجل الكرملين القوي، بعد التمرد المسلح الذي بدأه “طباخ بوتين” يفجيني يريجوجن، ضد قيادة الجيش الروسي، وهو حدث رغم انقضاءه سيكون لها تداعيات طويلة الأمد.

لحظة فاصلة

مثّل تمرد يفجيني بريجوجن لحظة فاصلة بالنسبة إلى روسيا، ولرئيسها، بما له من تداعيات خطيرة على الكرملين، ونظام فلاديمير بوتين الذي يفرض سيطرة كاملة على مقاليد الحكم في البلاد، وفق مقال نشرته صحيفة “موسكو تايمز” المستقلة.

ويشير المحرر والباحث في العلاقات الدولية، جوشوا آر كروكر في مقاله، إلى أن التداعيات تتجاوز التأثير على نظام بوتين إلى روسيا برمتها، وهو ما سيتضح خلال الشهور والسنوات القادمة، وكذلك على سلطته وهيمنته على البلاد التي امتدت طوال عقدين من الزمان.

رسائل وتساؤلات

رغم أنه من المستبعد أن تتمكن مجموعة فاجنر من الإطاحة بقيادة الجيش، لكن على كل حال فإن التهديد يتمثل في صور الدبابات التي انتشرت على مدار يوم السبت، وما تحمله من رسائل، وما طرحته من تساؤلات لدى الروس لا حصر لها، وفق المقال المنشور في موسكو تايمز.

ولطالما روّج الكرملين إلى أن التهديد الأكبر لروسيا يتمثل في الغرب، لكن وعلى نحو مفاجئ جاء الخطر من الداخل. ووفق المقال يشكك ذلك في السردية التي رسمتها موسكو لتبرير الحرب في أوكرانيا، وعلى الرغم من فرص فاجنر الضئيلة استراتيجيًّا، فإن المجموعة حققت مكاسب دعائية وعلى صعيد الإدراك العام.

فقدان السيطرة

يضيف المقال أنه مهما كانت مآل التمرد لن يكون أمام الكرملين سوى الاعتراف بأنه فقد السيطرة على الوضع، ما يهدد الاستقرار على الصعيد الداخلي، وجهود روسيا في حربها في أوكرانيا.

التمرد الذي شنته فاجنر، سيؤثر كذلك في الرأي العام الروسي، فعلى الرغم من “الإخفاقات العسكرية” رفضت أعداد كبيرة من الروس الإقرار بخطأ الحرب أو عدم جدواها، وفق المقال.

ويردف أن غالبية الروس أيدوا إما على نحو “أعمى” تصرفات الكرملين أو غضوا الطرف عن حقائق الميدان “غير المريحة”، وحقيقة الأداء الضعيف للجيش، ناهيك عن العقوبات الغربية الضخمة، والهجرة الجماعية، والتعبئة العسكرية التي فرضتها السلطات.

اعتراف بوتين بالفشل

جاء تحرك فاجنر الأخير ليسهم إذن بطبيعة الحال إلى تكثيف الانتقادات الموجهة للسلطة الروسية وسيزيد من الشكوك بشأنها، كما يرجح المقال، وعلى مدار الأشهر الماضية انتقد مدونون روس يمينيون بطء “العملية العسكرية” وما يرونه “إنجازات محدودة في أوكرانيا”.

الأهم من ذلك وفق المقال، أن تمرّد فاجنر ليس مجرد هجوم على الجيش الروسي، بل على بوتين نفسه، بما يمثل ذلك من خطورة. ويتابع بأن وصف بوتين في خطابه، لمحاولة تدارك الموقف، التحرك بـ “الخيانة” وبأنه مثّل “طعنة في الظهر”، لم يكن سهلًا لأنه وببساطة اعتراف ضمني بـ”فشل بوتين الشخصي” على حد وصف المقال.

بوتين لم يعد مسيطرًا

حسب المقال، على مدار الأشهر الماضية، حاول بوتين النأي بنفسه عن إخفاقات الجيش وهجمات الطائرات المسيّرة على الأراضي الروسية، والتوغلات في منطقة بيلجورود، وألقى الناس اللوم على الجيش، لكن التمرد يتجاوز “الفشل” العسكري في حرب أوكرانيا “إنه هجوم مكتمل الأركان على نظام بوتين شخصيًّا”.

ويضيف أن انتقاد الحرب، وأداء القوات الروسية، أصبح عادة شبه يومية بالنسبة إلى بريجوجن، غير أن إخراج الدبابات إلى الشوارع والمضي قدمًا تجاه موسكو يظهر أن يوتين لم يعد مسيطرًا بالكامل، ورغم سرعة إخماد التمرد، فإن الآوان قد فات، والضرر لحق ببوتين ونظامه بالفعل.

اقرأ أيضًا| ما تداعيات تمرد فاجنر على الوجود الروسي بإفريقيا؟

اقرأ أيضًا|من ذراع الكرملين إلى التمرد.. ماذا نعرف عن «فاجنر»؟

ربما يعجبك أيضا