رغم الترحيب الأمريكي.. الموانئ النفطية رهينة “ضمانات” الجيش الليبي

حسام السبكي

ونتج عن هذا الإغلاق خسائر في الإيرادات بنحو 9.6 مليار دولار (8.1 مليار يورو)، بحسب آخر الأرقام الصادرة عن شركة البترول الوطنية الليبية، كما فقد شرق البلاد ربع إمداداته من الكهرباء بسبب نقص الغاز والديزل ، وفقًا للشركة العامة للكهرباء (GECOL).

وعلى وقع الأزمة، وعقب مرور أسبوعين من احتجاجات العاصمة الليبية طرابلس، خرج مئات المتظاهرين ليلة الخميس حتى الجمعة في بنغازي (شرق ليبيا)، تنديدا بتدهور الخدمات والأوضاع المعيشية بالبلاد، وفي وقت متأخر من يوم الخميس، أغلق متظاهرون عدة شوارع في ثاني أكبر مدينة في ليبيا.

وفي حركة احتجاجية نادرة في هذه المنطقة من البلاد، أحرق المحتجون إطارات السيارات عند مفترق طرق ونددوا بانقطاع التيار الكهربائي ونقص السيولة وارتفاع أسعار الوقود، بحسب “وكالة الأنباء الفرنسية”.

من المؤسف في الأمر، أن ليبيا -التي تمتلك أكبر احتياطيات نفطية وفيرة في أفريقيا والممزقة بالصراعات- يعاني أهلها من أوضاع إنسانية كارثية بدءًا بالإنقطاع المتواصل للتيار الكهربائي والماء وصولا إلى نقص السيولة وارتفاع أسعار الوقود في بلد يسبح في النفط حسب الخبراء، بلد لا يتجاوز عدد سكانه 6.6 مليون نسمة أغلبهم في المناطق الحضرية التي تتوفر فيها جميع الخدمات قبل أحداث 2011.

تكدس المخزونات.. والفتح المؤقت

قبل نحو شهر، أعلن الجيش الوطني الليبي، فتح الموانئ النفطية بشكل مؤقت، حتى يتم تفريغ الخزانات خوفًا من وقوع كارثة بسبب امتلاء الخزانات بشكل كامل من مكثفات عمليات استخراج الغاز، حسبما ذكرت “العربية”.

ونقلت “بوابة الوسط” الليبية، عن آمر حرس المنشآت النفطية التابع للقيادة العامة في الجيش الليبي اللواء ناجي المغربي، قوله إنه لا مانع من فتح الموانئ والمنشآت النفطية بناء على قرار قائد الجيش المشير خليفة حفتر.

وقال المغربي إنه تحقيقًا لرفع المعاناة عن المواطن بشتي نواحي الحياة والحفاظ علي البنية التحتية والحفاظ علي المنشآت النفطية القائمة من معدات التنقيب وغيرها، لا مانع من فتح الموانئ النفطية للتصرف في النفط والنفط الخام المخزن لإتاحة الفرصة لتوفير الغاز المطلوب لتشغيل الكهرباء والتشغيل لرفع المعاناة عن المواطن.

بارقة أمل.. وترحيب أمريكي

أمس السبت، أعربت سفارة الولايات المتحدة لدى ليبيا، السبت، عن ارتياحها إلى ما يبدو أنه “اتفاق ليبي سيادي لتمكين المؤسسة الوطنية للنفط من استئناف عملها الحيوي وغير السياسي”، وذلك في وقت تجتمع فيه الأطراف الليبية المسؤولة في حوار سلمي تسيره الأمم المتحدة.

وقالت السفارة، في بيان، إن السفير ريتشارد نورلاند شدد في مراسلات متبادلة مع القائد العام للجيش الليبي، المشير خليفة حفتر، وكذلك النقاشات الأخيرة مع مجموعة واسعة من القادة الليبيين، على ثقة الولايات المتحدة في المؤسسة الوطنية للنفط ودعمها لنموذج مالي من شأنه أن يشكل ضمانة موثوقة بأن إيرادات النفط والغاز ستتم إدارتها بشفافية، والحفاظ عليها لصالح الشعب الليبي.

وأشار البيان، إلى نقل القوات المسلحة الليبية إلى الحكومة الأمريكية الالتزام الشخصى للمشير حفتر بالسماح بإعادة فتح قطاع الطاقة بالكامل فى موعد أقصاه 12 سبتمبر، مذكرة بدعوة رئيس المجلس الرئاسى لحكومة الوفاق فائز السراج، ورئيس مجلس النواب الليبى، عقيلة صالح، فى 21 أغسطس الماضى، إلى الاستئناف الكامل لعمليات المؤسسة الوطنية للنفط مع إدارة شفافة للإيرادات.

اشتراطات الجيش الليبي

في أول تعليق رسمي، أصدر الجيش الليبي بيانًا حول إعادة فتح الموانئ والحقول النفطية في البلاد، اشترط خلاله الحصول على ضمانات أمريكية ودولية بشأن توزيع عائدات النفط، قبل إعادة فتح الحقول والموانئ النفطية المغلقة منذ شهر يناير الماضي، لاستئناف الصادرات النفطية.

ووفق مصادر لـ”العربية” و”الحدث”، طالب الجيش بوضع آلية واضحة وشفّافة تضمن التوزيع العادل لعوائد النفط على كل الشعب الليبي وكافة الأقاليم وعدم ذهابه لدعم المليشيات المسلحة والمرتزقة الأجانب، وتتيح معرفة كيفية ووجهات إنفاقه.

قرار الجيش الليبي المشروط، يعني في طياته، استمرار غلق الحقول والموانئ النفطية إلى أجل غير معلوم، رغم الانفتاح الذي أبداه القائد العام للجيش الجنرال خليفة حفتر في هذا الشأن، حيث أعلنت السفارة الأمريكية بليبيا، أن تلقت تعهدات منه إلتزم فيها بإعادة العمل داخل حقول النفط، والسماح باستئناف التصدير بعد حوالي 9 أشهر من الإغلاق.

وهبط إنتاج النفط في ليبيا الذي تتدفق عائداته إلى حسابات المصرف المركزي بالعاصمة طرابلس، بقوّة منذ قرّر الجيش إغلاقه في 18 يناير/ كانون الثاني، حيث كبّد وقف الإنتاج والتصدير البلاد خسارة إيرادات تصل إلى 9 مليارات و600 مليون دولار، وفقا لبيانات المؤسسة الوطنية للنفط يوم الجمعة الماضي.

حسام السبكي

لنحو ثمانية أشهر، ظلت الموانئ والحقول النفطية في ليبيا، تحت الإغلاق، ولم تكد تُفتح إلا بفعل “تكدس المخزونات”، عانى خلالها مواطنو إحدى أغنى الدولة النفطية في القارة الأفريقية، من انقطاع التيار الكهربائي، المعتمد على إمدادات النفط، فضلًا عن خسائر بلغت مليارات الدولارات، ظل معها المورد الاقتصادي الأهم في البلاد، رهينة النزاع السياسي والعسكري، بين شرقي البلاد وغربها.

إغلاق وخسائر واحتجاجات

كما أسلفنا في المقدمة، فمنذ كانون الثاني (يناير)، أغلقت أهم حقول النفط والموانئ في البلاد للمطالبة بـ”التوزيع العادل”، لعائدات النفط التي تديرها حكومة “الوفاق الوطني الليبي”.

ربما يعجبك أيضا