رغم فرط القوة.. لماذا أمريكا ليست مستعدة للحرب؟

هل الأمريكيون مستعدون للقتال حول العالم؟

محمد النحاس

في كتابه “فن الحرب”، قال المفكر الاستراتيجي  الصيني صن تزو: “إذا كنت لا تعرف العدو ولا تعرف نفسك، فسوف تستسلم في كل معركة”.

تعليقًا على المقولة سالفة الذكر، يرى تحليل نشرته مجلة ريسبنسبول ستيت كرافت الأمريكية، أن هذه الحكمة لا تزال فعالة حتى يومنا هذا، كما كانت كذلك قبل أكثر من 2000 عام، لكنه يرى أنها لا تنذر بالخير بالنسبة للولايات المتحدة.. فما سبب هذه الرؤية؟ وما علاقتها بحرب غزة؟ 

الولايات المتحدة والجبهات المتعددة

يرى التحليل المنشور في المجلة الأمريكية، أن الولايات المتحدة “لا تعرف خصومها”، مبررًا هذه المقولة بقوله: “لقد تعثرنا مرارًا وتكرارًا في السنوات الأخيرة، من الغزو الروسي لأوكرانيا، والانهيار شبه الفوري للحكومة الأفغانية التي أمضينا عقدين من الزمن في دعمها، إلى هجمات السابع من أكتوبر جنوب إسرائيل والتي زعزعت استقرار الشرق الأوسط” على حد وصفه.

أمام كل تلك التعقيدات الجيوسياسية، يتساءل التحليل، هل تقدم الصين -مستغلةً تلك الظروف- على ابتلاع تايوان؟ وبغض النظر عن الجواب فإنه يرى أن “الأمر الأكثر إثارة للقلق.. أننا (في الولايات المتحدة) لا نعرف أنفسنا”.

وفي عالم يصبح أقل استقرارًا يومًا بعد آخر، أصبح الانفصال بين صناع القرار السياسي في واشنطن والشعب الأمريكي أمرًا مخيفًا، في حين يبدو أن خبراء الأمن القومي البارزين من كلا الحزبين (الجمهوري والديمقراطي)، يتحدون حول الأساليب المتطرفة تجاه الصراعات في أوكرانيا وغزة، ويمارسون الضغط من أجل اتخاذ موقف أكثر تصادمية تجاه الصين.

ما الذي يشغل بال الأمريكيين؟

حسب التحليل، يبدو أن الجمهور الأمريكي منزعج إلى حد كبير، ويركز بدلًا من ذلك على التحديات الأقرب إلى الشؤون الداخلية منها إلى الخارجية، مثل دفع الفواتير، وتربية الأطفال، والتعامل مع السياسات الداخلية الاستقطابية.

 ويوصف المشهد بأن الانفصال بين الخطاب المعلن والواقع الفعلي كبير، فمن ناحية، تصدر واشنطن تعهدات بمساعدة كييف على استعادة جميع الأراضي الأوكرانية، والتفكيك التام لحركة حماس، والدفاع عن تايوان، لكن في ذات التوقيت، فإن الرأي العام الأمريكي إما “منقسم” حول هذه القضايا أو “منفصل” عنها، (غير معني بها)، فضلًا عن التناقص المتسارع في مخزونات الأسلحة وحالة عدم اليقين بشأن الوضع الاقتصادي.

هل الأمريكيون مستعدون للقتال؟

يتابع التحليل متسائلًا: في ظل هذا المناخ السياسي السام، هل تعتقد أن الأمريكيين سيسارعون إلى مكاتب التجنيد لمساعدة تايوان على صد الغزو الصيني؟ أو الانتشار في الشرق الأوسط للغوص في ما يبدو وكأنه صراع مستعصي على الحل ذو جذور معقدة يعود تاريخها إلى 75 عامًا على الأقل؟ ويستبعد بطبيعة الحال أن يفعل الأمريكيين ذلك.

ويطرح المقال، تساؤلًا حول ما إذا كانت أمريكا لديها الجرأة على تحمل أعداد الضحايا كتلك التي تكبدتها بعد أحداث الـ11 من سبتمبر، في المقابل تواصل روسيا الحرب في أوكرانيا، رغم التقديرات التي تفيد بسقوط عشرات الآلاف من المقاتلين، بين قتيل وجريح.

التقنية وحدها لا تكفي

رغم هذه التعقيدات، يصر مسؤولو الأمن القومي والسياسة الخارجية على تبني مواقف تتطلب نشر قوات الأمريكية بأعداد أكبر في ثلاثة ساحات، وحسب التحليل فإن الاستراتيجية الأمريكية في الوقت الحالي، يتم بناءها دون الاهتمام بالتفاصيل الصغيرة مثل من سيقاتل، وبأي درجة من الالتزام الوطني، وكيف؟ 

 ويعكس هذا -جزئيًا- اتجاهًا معهودًا للنظر إلى الصراعات باعتبارها ممارسة تكنوقراطية (جملة من الإجراءات فحسب) حيث تعتمد احتمالات النصر والهزيمة على مقدار ونوعية الصراع من الأسلحة المتطورة باهظة الثمن. 

ولكن وكما تجلى في تجارب فيتنام وأفغانستان، فإن الإرادة والإرادة الجماعية تشكلان أهمية كبيرة أيضاً، فما زال العنصر البشري حاضرًا في الحروب، -بل ومهيمنًا- وليس التطور التكنولوجي والتقنيات الفائقة.

ربما يعجبك أيضا