سكورسيزي: نقد الأفلام صار أشبه بتقييم خيول السباق والمطاعم

أماني ربيع

أماني ربيع

اضطر المخرج المخضرم مارتن سكورسيزي للخروج عن صمته والإدلاء برأيه في فيلم أرنوفسكي المثير للجدل Mother، الذي انهال عليه النقاد هجوما وتقريعا لمخرجه صاحب رائعة “black swan”،  كما تكلم أيضًا عن مواقع تقييم الأفلام وتحول النقد من حرفة يقوم عليها متخصصون إلى سباق خيل ومزايدون وخبراء في إطلاق الأحكام,

وفي مقال له على موقع The Hollywood Rerporter، أوضح المخرج الشهير أراءه وفتح قلبه حول أحوال السينما في هوليود.

تقييم أم ضرب تحت الحزام

وكان كل ذلك تمهيدا للغرض الأساسي من المقال وهو الدفاع عن فيلم Mother ومخرجه دارن أرنوفسكيالذي هوجم بشدة منذ عرض الفيلم وقال:
انزعجت من الأحكام العنيفة التي طالتفيلم
Mother  قبل أن أشاهده، وكأن الجميع أرادوا محاكمةالفيلم وإدانته، بل وكانوا سعداء بحصوله على تقييم Fمن قبل شركة Cinemascore،ليصبح ذلك خبرا في المواقع الفنية.
وأضاف: بعد مشاهدة الفيلم صرت أكثرانزعاجا من هذا الاندفاع في الحكم على الفيلم وأردت مشاركة أفكاري.
وأوضح أن الهجوم على الفيلم راجع لصعوبة تصنيفه أو وصفه في كلمتين، هلهو فيلم رعب أم كوميديا سوداء، أم مخطوطة من الكتاب المقدس، أم مجرد فانتازيا حولالدمار الأخلاقي والبيئي، لكن من الممكن أن يكون كل ذلك معا ولكنه بالتأكيد ليسمقتصرا على تقييم واحد.


وبدأ سكوسيزي المقال متهكما: عندما تخرجت من المدرسة، ظننت أن مرحلة الدرجات والتقييم انتهت، لكن بعد العرض الخاص لأول أفلامي تغير الأمر، ويمكن لأس صانع أفلام أن يخبرك عن قسوة تجربة العروش الخاصة التي قد تكون أحيانا مدمرة.

وذكر مثالا لذلك هو فيلم The Magnificent Ambersons للمخرج والممثل أورسون ويلز الذي نال تقييمات سلبية في عرضه الأول وقامت شركة RKO بتخريب نسخة الفيلم الأصلية، وحذف مقاطع منها دون الرجوع إلى المخرج، وقيل بعد ذلك إن تلك النسخة كانت تحفة فنية تقترب من الكمال.

لكن هذا لا ينفي أن تلك العروض قد تكون مفيدة في أحيان أخرى فهي تمنح صناع الأفلام فرصة لمعرفة ردود أفعال الجمهور حول مدة عرض مشهد معين وإذا ما كانت رسالة الفيلم وصلت بشكل صحيح.

ويقول سكورسيزي: مثل الجميع نلت نصيبي من التقييمات بالإيجاب والسلب، ولم تكن السلبية ممتعة، لكن ربما في الماضي وحين كان يرى النقاد أمرا سيئا بشان أفلامي كانوا يكتبونه بطريقة مدروسة، يعرضون رأيهم في صورة نقاط يمكن مناقشتها.

ولم ينس سكورسيزي أن يتحدث عن التغيرات الي طرأت على صناعة السينما خلال عقدين، ورأى أن هناك تغييرا شاملا في طريقة صناعة الفيلم وحتى في الطريقى التي يشاهد بها، وطبيعة النقاش حوله، ولذلك مزايا وعيوب بحسب رأيه، فإذا كانت التكنولوجيا الرقمية مكنت الشباب من صنع الفلام وإنتاج أعمالهم وأفكارهم بشكل فوري واستقلالية، لكن اختفاء شاشات عرض 35 مم من غالبية دور العرض السينمائية هو خسارة حقيقية.

وينتقد سكورسيزي ما حدث منذ عقد الثمانينيات وانتشار ظاهرة Box Office، والتي تختص بترتيب الأفلام وفقا لأرقام إيراداتها في شباك التذاكر، يقول عنها: سيطر ذلك الأمر على كل شئ خاص بصناعة السينما، والحكم القاسي على فيلم في أسبوعه الأول من خلال الإيرادات أدى إلى قسوة كبيرة في نقد وتقييم الأفلام.

إهانة لصناع الأفلام

ويسخر صاحب فيلم “taxi driver” من مواقع Cinemascore وموقع Rotten Tomatoes التي أخرجت عملية نقد الفيلم عن موضوعيتها وحولتها إلى أمر أشبه بتقييم خيول السباق أو نقد مطعم في دليل Zagat، أو جهاز منزلي في تقرير المستهلكين.

وقال: هذه المواقع معادية لصناع السينما الحقيقيين، واعتبر اسم  Rotten Tomatoes  اسما مهينا.

وتذكر سكورسيزي عندما كان كتاب النقد السينمائي من قبل أشخاص لديهم شغف ومعرفة جدية بتاريخ صناعة الفيلم وهو الأمر الذي تلاشى تدريجيا وحلت مكانه أصوات متحيزة خبيرة في إطلاق الأحكام، وبات النقد أشبه بحلية مصارعة يستمتع فيها الجميع برؤية عمل فني ومخرج يتعرضان للهجوم والرفض والتمزيق إربا في بعض الأحيان.

ويعتبر أن الأفلام المصنوعة من قبل مخرجين حقيقيين ليست مجرد شيء مصنوع للفهم والاستيعاب اللحظي، وليس من المفترض أن يعجب بها المشاهدون على الفور، ولفت إلى قائمة طويلة من الأفلام التي عزف عنها الجمهور وقت عرضها ثم تحولت بعد ذلك إلى كلاسيكيات تدرس مثل: The Wizard of Oz، و It’s a Wonderful Life، و Vertigo، و Point Blank.

ورغم ذلك أكد سكورسيزي أن مواقع تقييم الأفلام في طريقها للاختفاء عاجلا، لكن ربما يأتي بعدها ما هو أسوأ.

إطلاق الأحكام

ربما يعجبك أيضا