سندات الخزانة الأمريكية.. ملاذ آمن لاستثمارات عالية الجودة

حسام عيد – محلل اقتصادي

أدى ارتفاع العائد على أذون الخزانة الأمريكية لأجل عشر سنوات إلى 2.400% مقابل المستوى السابق  للعائد على هذه الفئة من الأوراق المالية السيادية الذي سجل 2.391%، إلى إفصاح وزارة الخزانة الأمريكية عن ارتفاع الحيازات الخليجية والدولية من سندات الخزانة.

وفي التقرير التالي سنتعرف على سندات الخزانة ومدى أهميتها للولايات المتحدة الأمريكية -الاقتصاد الأكبر في العالم- والإحصائيات الأخيرة للاستثمارات الخليجية والدولية في تلك السندات.

سندات الخزانة وأهميتها

سندات الخزانة الأمريكية هي عبارة عن أوراق مالية صادرة عن وزارة الخزانة الأمريكية بنسبة فائدة محددة تهدف إلى جمع المال، وتعد إحدى أدوات تمويل الإنفاق وسد عجز الميزانية الأمريكية.

ويتم  شراءها مباشرة عن طريق وزارة المالية الأمريكية أو عن طريق الإنترنت دون وسيط.

كما تعد الخيار المفضل لدى الحكومة الأمريكية، فعامل المخاطرة في الاستثمار فيها قليل.

وتعد سندات الخزانة الأمريكية والاحتياطيات الزائدة أصولاً سائلة عالية الجودة.

كشف لغز السندات الأمريكية 

بعد أكثر من 41 عاما من الغموض كشفت وزارة الخزانة الأمريكية وللمرة الأولى في مارس 2016 عن أكبر حاملي السندات الأمريكية في الخارج، مزيحة بذلك الستار عن لغز بتريليونات الدولارات، بعد أن أبقت عليها سرا لأكثر من أربعة عقود، وأفرجت عنها استجابة لقانون حرية المعلومات الأمريكي.

ومن خلال إحصائيات صادرة عن وزارة الخزانة الأمريكية في مارس 2016، تبين أن الصين تحتل المركز الأول على مستوى العالم في قائمة أكبر دائني الولايات المتحدة الخارجيين، حيث بلغت استثماراتها بنهاية شهر مارس من العام الماضي 1.244 تريليون دولار في الديون الأمريكية.

تليها اليابان في المركز الثاني بقيمة استثمارات تبلغ 1.137 تريليون دولار، ما يعني أن الصين واليابان هما الخاسران الأكبران في حال تعثرت الولايات المتحدة عن الوفاء بالتزاماتها.

وأوضحت بيانات الدائنين للولايات المتحدة أن دول الخليج الست (السعودية، الإمارات، الكويت، عمان، قطر، البحرين) مجتمعة تحمل سندات خزانة أمريكية تبلغ قيمتها 231.1 مليار دولار.

وتحتل السعودية المرتبة الأولى خليجيا من حيث حجم الاستثمارات في السندات الأمريكية، إذ بلغت بنهاية شهر مارس 116.8 مليار دولار، تليها الإمارات باستثمارات 62.5 مليار دولار.

واحتلت الكويت المرتبة الثالثة باستثمارات 31.2 مليار دولار، بينما جاءت عمان في المرتبة الرابعة (15.9 مليار دولار). وفي المرتبة الخامسة والسادسة جاءت قطر والبحرين باستثمارات بلغت 3.7 مليارات دولار و1.2 مليار دولار على التوالي.

وما أعلنته وزارة الخزانة هو استثمارات الدول الخليجية في أذون وسندات الخزانة الأمريكية فقط، ولا تشمل استثمارات هذه الدول الأخرى في الولايات المتحدة، سواء كانت حكومية أو خاصة.

فيما استثمرت 9 دول منتجة ومصدرة للنفط 248.5 مليار دولار في السندات الأمريكية، منها 8 دول عربية.

الخليج يرفع استثماراته

ارتفعت استثمارات دول مجلس التعاون الخليجي في أذون وسندات الخزانة الأمريكية بنسبة 1.9%، في مارس 2017، على أساس شهري.

وأظهرت بيانات وزارة الخزانة الأمريكية، ارتفاع الاستثمارات الخليجية إلى 223.5 مليار دولار حتى نهاية مارس الماضي، مقابل 219.2 مليار دولار حتى نهاية فبراير السابق عليه.

وجاءت السعودية في المرتبة الأولي خليجيا والثانية عشر عالميا من حيث الاستثمار في الأذون والسندات الأمريكية، بحصة بلغت قيمتها 114.4 مليار دولار في مارس الماضي، بنسبة زيادة 0.5% مقارنة مع 113.8 مليار دولار في فبراير السابق عليه.

وحلت الإمارات في المرتبة الثانية خليجيا والـ 21 عالميا بإجمالي استثمارات بلغت 60.7 مليار دولار، مقارنة بـ59.9 مليار دولار في فبراير الماضي السابق عليه.

وجاءت الكويت في المرتبة الثالثة بإجمالي استثمارات بلغت 32.4 مليار دولار، ثم عُمان بنحو 14 مليار دولار، وقطر بنحو 1.4 مليار دولار، فيما تذيلت البحرين القائمة بنحو 536 مليون دولار فقط.

وتشير توجهات اقتصادية إلى أن هناك أسباب قادت السعودية لرفع حيازتها في مجموعة السندات الخاصة بالخزانة الأمريكية منها، ارتفاع مستوى السيولة بالسوق السعودية؛ ما يعطي فائضا لسيولة المصارف؛ الأمر الذي يحتم عليها نقل هذه السيولة إلى مؤسسة النقد العربي السعودي «ساما»، التي بدورها تلجأ لزيادة حيازة المملكة لسندات الخزانة الأمريكية لانخفاض المخاطر في هذا النوع من الاستثمارات.

والسبب الأخر يكمن في ضخ صندوق الاستثمارات العامة نسبة من أمواله سابقا في معظم الأسواق؛ ما يترتب عليه إعادة ترتيب أوراقه لتملكه العديد من الأصول التي تمكنه من تحويلها إلى سيولة بشكل أسرع.

وأيضا زيادة قيمة السندات تماشيا مع رفع أسعار الفائدة للفترة الماضية، وتوقع رفع الفائدة في الفترة القادمة؛ الأمر الذي من شأنه دخول سيولة أجنبية إلى أمريكا مستقبلا، وحققت السعودية في الفترة الماضية إيرادات مقابل استثماراتها في هذه السندات.

أكبر الدائنين لأمريكا

بلغ إجمالي الاستثمارات الأجنبية في السندات الحكومية الأمريكية في مارس 6.0793 تريليون دولار، مقابل 5.953 تريليون دولار في يناير الماضي.

تصدرت اليابان كبار المستثمرين في أذون وسندات الخزانة الأمريكية للشهر السادس على التوالي بـ1118.5 مليار دولار، تلتها الصين بـ1087.6 مليار دولار.

فيما زادت روسيا استثماراتها في سندات الخزانة الأمريكية في مارس الماضي بمقدار 13.5 مليار دولار إلى 99.8 مليار دولار.

وتحتل روسيا، المرتبة الـ15 ضمن قائمة كبار حاملي السندات الحكومية الأمريكية. ورفعت موسكو حيازتها من السندات الأمريكية في 2017 بمقدار 13.7 مليار دولار لتصعد من 86.1 مليار دولار بلغتها في ديسمبر الماضي إلى 99.8 مليار دولار في مارس.

مخاطر

يخطط بنك الاحتياطي الفيدرالي “المركزي الأمريكي” لتقليص الميزانية العمومية مع التخلص التدريجي من إعادة الاستثمار فى الأوراق المالية، ويشهد العام المقبل استحقاق سندات خزانة أمريكية بقيمة 426 مليار دولار في عام 2018 و357 مليار دولار في عام 2019.

وهذا سيحدث صدمة في سوق السندات الأمريكية الذي سيكون مطالبا حينها بإيجاد طريقة لاستيعاب المعروض الإضافي من السندات.

وأكدّ شين أوليفر، رئيس استراتيجية الاستثمار في «إيه إم بى كابيتال إنفستورس» على أن البنوك المركزية يتعين عليها أن تكون حذرة جدا فى البدء فى تقليص ميزانياتها العمومية.

وأضاف أن هذه البنوك بحاجة إلى التأكيد مجددا على أن تقليص الميزانية العمومية مشروط بتحسن مستمر للاقتصاد وأنها ستكون تدريجية وأن ذلك يمكن أن يكون بديلا في بعض الأحيان لرفع أسعار الفائدة.

فيما حذر مايكل هازنستاب، من صندوق Franklin Templeton، والذي يعد من أكبر صناديق السندات في العالم، من تنامي المخاطر التي ينطوي عليها الاستثمار في سندات الخزانة الأمريكية.

ووصف الخبير سوق هذه السندات بأنها من أكبر الفقاعات المالية في العالم، وتوقع أن يبدأ العديد من المستثمرين ولاسيما الأجانب منهم قريبا بالتخلص من تلك السندات التي كانت تعتبر سابقا “ميناء هادئا” أثناء الاضطرابات الاقتصادية.

ولفت “هازنستاب” إلى أن ربحية تلك السندات تبلغ حاليا قرابة 2.3%، واعتبر أن مؤشر الربحية أقل من 2.5%، يجب أن يدفع بالمستثمرين إلى التشكيك في صلابة السندات.

ويشكك الخبير بالدرجة الأولى في صلابة السندات لأجل 10 سنوات و30 سنة، علما بأن ربحية تلك الأوراق تراجعت إلى أدنى مستويات لها العام الماضي، وصولا إلى 1.32% في يوليو عام 2016.

ربما يعجبك أيضا