سيناريوهات قاتمة للأوضاع في السودان بعد وقف إطلاق النار

شروق صبري
أعمدة الدخان تغطي سماء السودان إثر اشتباكات بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع

من مصلحة حميدتي إنهاء المعركة في الخرطوم.. لماذا؟


خيّمت سحابة سوداء عملاقة على العاصمة السودانية، بعد ليلة من القتال العنيف بين الجيش وقوات الدعم السريع على الرغم من الهدنة.

واستيقظت العاصمة السودانية الخرطوم على صوت إطلاق نار كثيف، اليوم الأربعاء 19 إبريل 2023، على الرغم من اتفاق لوقف إطلاق النار، اتفق عليه الجانبان، في اليوم السابق، وجاء بضغط من الولايات المتحدة، لوقف القتال الذي تسبب في أزمة إنسانية.

اختراق الهدنة

أظهرت لقطات فيديو دوي إطلاق نار في منطقة العاصمة الخرطوم، صباح اليوم، وسمع دوي أعيرة نارية بعد دقائق من بدء وقف إطلاق النار في السادسة مساء أمس الثلاثاء، وتبادل الجيش النظامي وقوات الدعم السريع الاتهامات بعدم احترام الهدنة.

وقالت الأمم المتحدة، حسب ما أوردته وكالة أسوشيتدبرس الأمريكية، إن 270 شخصًا على الأقل قتلوا في الأيام الـ5 الماضية، لكن من المرجح أن يكون عدد القتلى أعلى، وتُركت العديد من الجثث في الشوارع، ولم يكن بالإمكان الوصول إليها، بسبب الاشتباكات.

الحرب ستطول

رغم التوصل إلى اتفاق سياسي إطاري، في ديسمبر الماضي، بين قائد القوات المسلحة ورئيس مجلس السيادة الانتقالي، عبدالفتاح البرهان، ونائبه قائد قوات الدعم السريع، محمد حمدان دقلو المعروف بحميدتي، فإن الصراع أعاق عملية الانتقال السياسي، وتأسيس سلطة مدنية تعمل على إنهاء الأزمة السياسية في البلاد.

وفي ما يتعلق بالسيناريوهات المتوقعة بعد وقف إطلاق النار في السودان، قالت الصحفية المتخصصة بالشؤون الإفريقية بجريدة السودان، صباح موسى، لهيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) إن الحرب ستطول، ولن تكون خاطفة لأن كل طرف سيحاول حسم المعركة بالعاصمة، خاصة، أن القدرات العسكرية متقاربة لدى الطرفين.

سلاح الجو الحاسم

أضافت موسى أن الجيش قد يحسم المعركة من خلال استخدام الطائرات الحربية، مرجحة بنسبة كبيرة انسحاب حميدتي، حال فشله في حسم الصراع، إلى دارفور، معقل قوات الدعم السريع، خصوصًا إذا حاصره الجيش.

وأشارت أنه حتى إذا انسحب حميدتي وقواته إلى دارفور، فإنه لن يجد الدعم الكافي، وسط  إعلان أغلب أبناء عمومته والقبائل العربية دعمها للجيش. ورأت أن من مصلحة حميدتي إنهاء المعركة في الخرطوم، لكنها تعتقد أنه من الصعب حدوث ذلك، بسبب تخبط قواته بالعاصمة.

الجيش متفوق

قال الخبير العسكري والاستراتيجي السوداني، اللواء المتقاعد أمين إسماعيل مجذوب، لـ«بي بي سي» إن الجيش متفوق بالمدرعات والدبابات والمدفعية، معتبرًا أنه “إذا استطاع حميدتي الخروج من الخرطوم حيًّا إلى دارفور، فسيعود شخصًا عاديًّا يقود مجموعة متمردة، متجردًا من جميع مناصبه السابقة.”

وعبر مجذوب عن اعتقاده أن حميدتى سيبتعد في هذه الحالة عن المشهد السياسي مغادرًا السودان، إلا إذا جرت تسوية سياسية ومفاوضات، فمن الممكن أن يعود لممارسة حياته الطبيعية في البلاد، مشيرًا إلى أن أكثر السيناريوهات تفائلًا هي القضاء على قوات الدعم السريع، وانتصار الجيش ونشر قواته في البلاد كافة، وعودة الأمن السوداني والحياة لطبيعتها.

سيناريو آخر

توقع مجذوب سيناريو آخر للأوضاع في السودان، وهو وقف إطلاق النار بعد تدخل الوساطات من الدول الصديقة، وبالتالي تبدأ عملية التفاوض بشأن النقاط الأساسية، إلى جانب المحاكمات العسكرية، وانتهاء بدمج قوات الدعم السريع المتبقية مع قوات الجيش.

ورجح وقف إطلاق النار وعودة الجيش ومليشيات الدعم السريع للتسوية، وتوقع أيضًا غياب قوات الدعم السريع كطرف رئيس في العملية التفاوضية، إضافة إلى دخول طرف آخر من القوى السياسية الأخرى مع تعديل المشروع السياسي، وذلك للذهاب لفترة انتقالية جديدة ديمقراطية، وصولًا للانتخابات السودانية.

اللواء المتقاعد أمين إسماعيل مجذوب

اللواء المتقاعد أمين إسماعيل مجذوب

الحل من داخل السودان

قال أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، طارق فهمي، في تصريحات إعلامية لقناة الغد، إن المندوب السوداني في الجامعة العربية دعا إلى أن يكون الحل من داخل السودان، لكن توجد قوة ضابطة في حركة المجتمع في تجميع الفرقاء، خصوصًا أن المكون السياسي المدني (النقابات والهيئات والتيارات السياسية المختلفة) في حالة انتظار، حتى لا يدعم طرفًا على حساب الآخر خلال الصراع.

وأضاف أنه لو طال أمد المواجهة فلن تنجح العملية السياسية في إنهاء الصراع تمامًا، فحتى لو عادت القوات المسلحة بقوتها على الأرض، وأفشلت كل محاولات مليشيات الدعم السريع، فإنها ستتحول لحركة متمردة، وستنسحب لمناطق حدودية وستعمل خارج سياقها، وبالتالي سنظهر ضرورة ملحة لعملية سياسية جديدة، أو قد يتدخل المجتمع الدولي ويفرض خريطة سياسية جديدة.

طارق فهمي استاذ العلوم السياسية

طارق فهمي استاذ العلوم السياسية

ورأى فهمي أن القضية ليس لها علاقة بوقف إطلاق النار، فحتى لو نجحت الهدنة، فإن القوات النظامية ستكون فى مواجهة مليشيات الدعم السريع على الأرض، وبالتالي يجب أن يكون الحديث عن تصور شامل واتفاق بشأن مرجعية العمل السياسي.

اقرأ أيضًا| ممرات آمنة وجهود عربية لوقف النزاع.. ما آخر التطورات في السودان؟

اقرأ أيضًا| توجه الرحلات لدول أخرى.. ما تأثير الصراع السوداني في شركات الطيران؟

ربما يعجبك أيضا