شراكة دفاعية بين روسيا وكوريا الشمالية.. لماذا يقلق الغرب؟

شروق صبري
بوتين وكيم جونج أون

مع تصاعد التوترات في جميع أنحاء شمال شرق آسيا، استغل بوتين رحلته الأولى إلى بيونج يانج منذ ما يقرب من ربع قرن لاستعادة العلاقة العسكرية التاريخية مع كوريا الشمالية.


أثار إحياء الاتفاق العسكري الذي يعود إلى حقبة الحرب الباردة عام 1961، بين روسيا وكوريا الشمالية قلق الولايات المتحدة وشركائها الرئيسيين في آسيا، اللذين يرون أن الاتفاق ربما يقوض الأمن الإقليمي.

ويتضمن الاتفاق، الذي وقعه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والزعيم الكوري الشمالي كيم جونج أون الأربعاء 19 يونيو 2024 بندا ينص بموجبه على أنه إذا تعرضت إحدى الدولتين لهجوم، فإن الدولة الأخرى ستقدم “المساعدة العسكرية وغيرها من المساعدات دون تأخير”.

اتفاقية أمنية

أشارت “وول ستريت جورنال” الأمريكية، الجمعة 21 يونيو 2024 إلى أن اتفاق مماثل للاتفاق الموقع بين روسيا وكوريا الشمالية قبل تفكك الاتحاد السوفييتي، اعطى ضمانات أمنية لبيونج يانج بأن موسكو ستدعمها في حالة نشوب صراع.

وفي حين أن لغة المعاهدة لم توضح مدى قوة الالتزام بها، إلا أنها أثارت توبيخًا سريعًا من واشنطن وسيول وطوكيو.

وأكدت الاتفاقية الأمنية التي وقعها الرئيس الأمريكي جو بايدن ورئيسا كوريا الجنوبية واليابان في أغسطس 2023 في كامب ديفيد، الالتزامات الثنائية بالتشاور بسرعة مع بعضهما البعض رداً على التهديدات الإقليمية، ويهدف الاتفاق إلى تعزيز التعاون الثلاثي وسط التهديدات المتزايدة من كوريا الشمالية والصين.

واشنطن تعلق

قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية، ماثيو ميلر، إن توفير الأسلحة الروسية لبيونج يانج “من شأنه أن يزعزع استقرار شبه الجزيرة الكورية، وربما اعتمادًا على نوع الأسلحة التي يقدمونها ينتهك قرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة التي دعمتها روسيا نفسها”.

وأضاف وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، أن الولايات المتحدة ستنظر في “تدابير مختلفة” رداً على الاتفاقية، التي رفعت العلاقات بين الدول المتضررة من العقوبات إلى أعلى مستوى لها منذ الحرب الباردة. بحسب ما نشرته صحيفة “الجارديان” البريطانية.

بوتين وكيم جونج أون

بوتين وكيم جونج أون

بوتين يعلق

خلال زيارته لفيتنام يوم 20 يونيو 2024، قال بوتين إن الإمدادات المتبادلة من الأسلحة الروسية إلى كوريا الشمالية ستكون ردا مناسبا على إمداد الغرب بالأسلحة للقوات الأوكرانية.

وأضاف: “أولئك الذين يرسلون هذه الصواريخ إلى أوكرانيا يعتقدون أنهم لا يقاتلوننا، لكنني قلت وكذلك بيونج يانج، إننا نحتفظ بعد ذلك بالحق في إمداد مناطق أخرى من العالم بالأسلحة، فيما يتعلق باتفاقياتنا مع كوريا الشمالية.

رد سيول

وصف مستشار الأمن القومي لكوريا الجنوبية المعاهدة بأنها مثيرة للقلق، وقال إن سيول ستعيد النظر في حظرها على تقديم أسلحة مباشرة إلى أوكرانيا. وحتى الآن، كانت كوريا الجنوبية تنتهج سياسة طويلة الأمد تتمثل في عدم توريد الأسلحة إلى الدول المنخرطة في الصراع، على الرغم من دعوات حلف شمال الأطلسي “الناتو” لسيول لبذل المزيد لمساعدة كييف.

واستدعت كوريا الجنوبية سفير روسيا في سيول للاحتجاج على المعاهدة الجديدة. وتخطط سيول لفرض عقوبات على السفن والمنظمات الروسية المتورطة في نقل الأسلحة إلى كوريا الشمالية.

رد اليابان

قالت وزيرة الخارجية اليابانية يوكو كاميكاوا إن نوع المساعدة العسكرية التي تتحدث روسيا عن تقديمها لكوريا الشمالية قد تتطور إلى انتهاك لعقوبات الأمم المتحدة. موضحة أن اللغة التي تستخدمها كوريا الشمالية تشير إلى أن علاقاتها العسكرية مع روسيا ستكون وثيقة للغاية.

وقالت كاميكاوا إن الاتفاق بين روسيا وكوريا الشمالية “من المحتمل أن يشكل ضررا كبيرا على البيئة الأمنية الإقليمية المحيطة باليابان، وحكومتنا تشعر بقلق بالغ”. ويثير اتفاق بيونج يانج وموسكو احتمال زيادة تدفق الأسلحة بين البلدين وانتشار الأسلحة على نطاق أوسع. وقد استخدم الجنود الروس بالفعل أسلحة بيونج يانج في القتال مع أوكرانيا.

الصين لم تعلق

لم تعلق الصين على الاتفاق بين روسيا وكوريا الشمالية. لقد التزمت الصمت بشأن التعاون المتنامي بين موسكو وبيونج يانج، ووصفته بأنه مسألة بين البلدين، وأبدت عدم الاهتمام بالجهود الثلاثية.

وقال أستاذ العلاقات الدولية في جامعة شيكاغو، بول بوست، إن الطبيعة الواسعة للدعم المقترح بموجب الاتفاقية ترسل إشارة واضحة إلى الغرب بأن كوريا الشمالية وروسيا تتعاونان معًا، مضيفا: “الأمر كله متروك للتفسير والتفاوض والمساومة بغض النظر عما هو مكتوب على الورق”.

اتفاقيات الدفاع المشترك

أشار بوست إلى أنه يوجد عدد من اتفاقيات الدفاع المشترك حول العالم، وأشهرها اتفاقية المادة الخامسة للناتو التي تنص على أنه إذا وقع أحد الحلفاء ضحية لهجوم مسلح، فإن كل عضو في الحلف سيقدم المساعدة على الفور. وفي حين أن المادة 5 تعتبر من أقوى التزامات الدفاع في العالم، إلا أنه نادرا ما يستند لهذه المواد، مما يشير إلى أن الدعم العسكري ليس تلقائيا.

وقال أستاذ الأبحاث في الجغرافيا السياسية الآسيوية بجامعة هارفارد، تونجفي كيم، من المرجح أن تتم عمليات نقل أسلحة أكثر نتيجة للاتفاق، بدلا من تدخل كوريا الشمالية أو روسيا عسكريا في الصراع، حيث أن تفسيرات التزامات التحالف ستختلف دائما.

وأضاف كيم “القوى العظمى مثل الولايات المتحدة تشعر بالقلق من الإضرار بسمعتها من خلال التخلي عن حليف، ولكن لا روسيا ولا كوريا الشمالية لديها مثل هذه السمعة التي يتعين عليهما حمايتها”.

اتفاقية 1961

لفت السياسي الكوري الجنوبي، لي يونج جون، إلى أنه من خلال إحياء شروط اتفاقية 1961، تلقى كيم أقوى شكل من أشكال الدعم العسكري والاقتصادي والدبلوماسي من بوتين وهو ممكن الآن، وخاصة اقتراح الانجراف للدفاع عن كوريا الشمالية.

وقال لي يونج جون، الذي كان نائب ممثل كوريا الجنوبية خلال المحادثات السداسية بشأن البرنامج النووي لكوريا الشمالية والتي ضمت روسيا وكوريا الشمالية: “إن اللغة المستخدمة في المعاهدة فضفاضة، مما يسمح بأي شكل من أشكال المساعدة العسكرية التي تتفق عليها روسيا وكوريا الشمالية”.

ربما يعجبك أيضا