صراع داخل أجنحة النظام الإيراني حول غسيل الأموال

أسماء حمدي

رؤية

طهران – بينما أعلنت وسائل الإعلام الإيرانية عن إقرار مجلس تشخيص مصلحة النظام تعديلات قانون مكافحة غسيل الأموال الذي يمهد الطريق أمام انضمام إيران إلى مجموعة العمل المالي الدولية لمكافحة الإرهاب وغسيل الأموال (FATF)، نفى مسؤول إيراني أن يكون القانون يهدف إلى الانضمام إلى المعاهدة الدولية.

ونقلت وكالة “فارس” عن غلام رضا مصباحي، النائب السابق وعضو مجلس تشخيص مصلحة النظام، أن “مشروع القانون الذي وافق عليه المجلس كان بمثابة تعديل الآلية الداخلية التي أقيمت لمكافحة غسيل الأموال ولا علاقة بها بمجموعة العمل المالي الدولية كما روجت بعض وسائل الإعلام”.

وحسب “العربية”، تتصدر إيران القائمة السوداء لمجموعة العمل المالية الدولية لمكافحة الإرهاب وغسيل الأموال (FATF) المؤشرات، كما تحتل إيران المرتبة الأولى في العالم في مجال غسيل الأموال، قبل أفغانستان وطاجيكستان.

يذكر أن ظاهرة غسيل الأموال ليست جديدة في إيران ويعترف بها مسؤولون حكوميون حيث كان وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، اعترف في مقابلة أخيرة مع التلفزيون الحكومي، أن: “تبييض الأموال حقيقة في بلادنا”. وأضاف: “أعرف أشخاصًا حققوا على سبيل المثال ربحًا بقيمة 30 تريليون تومان (7 مليارات دولار) في عملية تحويل صفقة.”

وفي مارس 2016، قال وزير الداخلية الإيراني عبدالرضا رحماني فضلي إنه “لا شك أن جزءاً من الأموال القذرة للاتجار بالمخدرات تدخل في السياسة والانتخابات ونقل السلطة السياسية في البلاد”.

وبطبيعة الحال، ليس من الواضح بالضبط مقدار الأموال التي يتم غسيلها في إيران، لكن الإحصاءات تشير إلى أنها أرقام فلكية، حيث يؤكد بيدرام سلطاني، نائب رئيس الغرفة التجارية الإيرانية، أن تقديرات النظام تبلغ 35 مليار دولار، بينما صرحت مصادر أخرى أن الرقم أقرب إلى 42 مليار دولار.

كما أن الفشل في إرجاع الدولارات من الصادرات يعتبر جزءا من عملية غسيل الأموال في إيران حيث أعلن محافظ البنك المركزي الإيراني عبدالناصر همتي في مقابلة مع التلفزيون الحكومي في نوفمبر الماضي أنه “منذ بداية العام، كانت لدينا صادرات غير نفطية بقيمة 27 مليار دولار، لكن أقل من 7 مليارات دولار عادت إلى النظام المصرفي، ولا نعلم أين الباقي”.

وتتهم حكومة روحاني الحرس الثوري والشركات التابعة له بغسيل الأموال حسب اتهامات همتي وظريف غير المباشرة والتي قوبلت برد عنيف من قبل مجتبى ذو النور، وهو قائد سابق في الحرس الثوري الإيراني الذي طالب ظريف بتقديم دليل على ادعاءاته.

كما طالب جواد كريمي قدوسي وهو عضو آخر في البرلمان ينتمي إلى الحرس الثوري الإيراني توضيحا من ظريف، وقال: “إذا لم يثبت ظريف غسيل الأموال، يحق للمدعي العام مقاضاته”.

أما مرتضى صفاري نطنزي، عضو آخر في البرلمان، فقال: إن “غسيل الأموال هو قضية اقتصادية تتعلق بالشؤون الداخلية وليس في مجال السياسة الخارجية التي علق عليها الوزير”.

وإلى جانب غسيل الأموال، فإن تهريب البضائع منتشر بشكل واسع من قبل مافيات داخل النظام حيث يتم استيراد ما لا يقل عن 40٪ من السلع إلى إيران من قبل المهربين.

وقالت لعيا جنيدي، المستشار القانوني للرئيس الإيراني حسن روحاني في تصريحات أخيرا إن “الأموال المتأتية من الجريمة المنظمة أو الاتجار بالمخدرات هي الآن جزء لا يتجزأ من النظام المصرفي”.

ويقول المتشددون إن التوقيع على قوانين FATF الأربعة ستفتح الباب أمام إمكانية محاسبة إيران دوليا بسبب دعم تلك الجماعات المصنفة في العديد من البلدان كمنظمات إرهابية دولية كميليشيات حزب الله اللبناني والحوثيين في اليمن والحشد الشعبي العراقي وغيرها.

وهناك صراعات متصاعدة داخل أجنحة النظام حول هذه القضية، حيث كثرت الخلافات حول اعتماد قوانين من شأنها أن تجعل إيران تلتزم بمعايير مكافحة غسيل الأموال الخاصة بفريق العمل المالي (FATC) الذي يتخذ من فرنسا مقراً له.

وفي أوائل ديسمبر الماضي، قال الرئيس روحاني إن استمرار معارضة الحرس الثوري الإيراني لمثل هذه القوانين سيكلف الاقتصاد الإيراني.

لكن الحرس الثوري الإيراني يرى أنه إذا تعاونت إيران مع فريق العمل المالي، فسيتم تحديد شبكات غسيل الأموال الخاصة به وسيتم وضعها في قائمة العقوبات، مما يعني أنه من الأفضل دفع تكلفة غسيل الأموال للحيلولة دون المخاطرة بتزايد العزلة الدولية.

ربما يعجبك أيضا