عائدات نفط استثنائية.. فرصة واعدة لمستقبل تحول الطاقة بالخليج

ولاء عدلان

البنك الدولي: دول منطقة الخليج ستحقق هذا العام فوائض مزدوجة قوية في ميزانياتها وأرصدتها الخارجية بفضل انتعاشة النفط.


تتجه دول مجلس التعاون الخليجي هذا العام، لتحقيق فوائض مالية ضخمة بفضل استمرار ارتفاع أسعار النفط، وسط حالة من عدم اليقين بشأن الإمدادات وآفاق الحرب الروسية الأوكرانية.

وتشكل عائدات النفط المرتفعة فرصة ليس فقط على صعيد دعم ميزانيات واقتصادات دول الخليج العربي، إنما أيضًا فرصة جيدة لدفع جهود تحول الطاقة والحد من مخاطر الاعتماد على عوائد الهيدروكربونات، التي أصبحت في مقدمة أولويات صانعي السياسات في المنطقة.

النفط ينعش ميزانيات الخليج

توقع البنك الدولي أن تحقق اقتصادات منطقة دول الخليج هذا العام نموًّا 5.9% في وقت تعاني فيه الاقتصادات المتقدمة من ارتفاع مخاطر الركود. وقال في مايو الماضي إن دول الخليج ستحقق هذا العام فوائض مزدوجة قوية في ميزانياتها وأرصدتها الخارجية بفضل انتعاشة النفط، بما يشكل فرصة للمضي قدمًا في تعزيز استراتيجيات تحول الطاقة والحد من مخاطر الاعتماد على عوائد الهيدروكربونات.

ومن المتوقع أن تحقق دول الخليج فائضًا ماليًّا هذا العام بنحو 152.2 مليار دولار، يليه فائض بـ147.8 مليار دولار في 2023، وبالتوازي مع هذا ستواصل خططها للتحول من مورد عالمي للنفط والغاز إلى قيادة جهود تحول الطاقة عالميًّا، للبقاء في طليعة صناعة الطاقة في المستقبل، وفق تقارير لمجلة “ميد” وشركة “كامكو إنفست” نشرت في مايو الماضي.

«تحول الطاقة» أولوية

يرتفع الطلب على الكهرباء سنويًّا بنحو 5% في جميع أنحاء منطقة الخليج، ومع نقص إمدادات الغاز والحاجة إلى القضاء على انباعثات الكربون، فإن التوجه نحو الطاقة المتجددة يصبح أمرًا بالغ الأهمية، وهذا ما يحدث حاليًّا، فدول مثل الإمارات والسعودية تضخ استثمارات ضخمة في مشروعات تحول الطاقة سعيًا لتحويل المنطقة إلى مركز لتطوير تقنيات الطاقة النظيفة، وإنتاج وتصدير الهيدروجين الأخضر.

خلال مارس الماضي، نظمت إمارة دبي أسبوع المناخ في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وهو الحدث الأول من نوعه في المنطقة. وخلال الأشهر الـ18 المقبلة سينعقد مؤتمرا الأمم المتحدة القادمان بشأن تغير المناخ في الشرق الأوسط، في مصر والإمارات، ما يعكس مدى التزام دول المنطقة على الصعيد الرسمي بقضايا تغير المناخ وتحول الطاقة، وأنها باتت في مقدمة أولويات صانعي السياسات، وفق “ميد”.

تأثير الحرب الروسية الأوكرانية

قال البنك الدولي في تقرير بعنوان “تحقيق التعهدات المرتبطة بتغير المناخ” إن دول منطقة الخليج ستحصد هذا العام مكاسب غير متوقعة، نتيجة لاستمرار ارتفاع أسعار النفط والغاز الذي تغذيه التوترات الجيوسياسية، وتحديدًا الحرب الروسية الأوكرانية والعقوبات الاقتصادية على روسيا، ثالث أكبر منتج عالمي للنفط، وتوجه أوروبا نحو دول المنطقة لتعويض نقص الإمدادات الروسية.

وأضاف البنك أن النفط يستحوذ على ما بين 58% و90% من إجمالي إيرادات القطاع العام بدول الخليج، وبالتالي سيسهم ارتفاع الأسعار إلى أعلى الـ100 دولار للبرميل في تعزيز هذه الإيرادات، وبنحو عام دول الخليج في موقع قوي في ما يتعلق بتداعيات الحرب الروسية الأوكرانية على علاقات تجارية مع روسيا وأوكرانيا تقف عند حدود 0.8% و0.3% على الترتيب من حجم التجارة الخارجية للمنطقة.

Untitledنفط 1

أسعار النفط خلال الربع الأول من 2022 – شبكة “سي إن بي سي”

تحدٍّ مزدوج

في انتقالها إلى نموذج نمو أكثر استدامة وأقل اعتمادًا على النفط، تواجه دول الخليج تحديًا مزدوجًا يتمثل في التزامها بجهود الحياد الكربوني، التي ستقوض بالتبعية عائدات النفط بقدر كبير، ما يعني خسارتها لجانب كبير من مصادر الدخل القومي، ويبدو هذا الوضع كمقايضة بين النمو الاقتصادي والأهداف المناخية، لكن حقيقة الأمر أنه يشكل فرصة وليس تهديدًا، وفق تقرير البنك الدولي.

وفي التقرير، أوضح المدير الإقليمي للبنك الدولي بمنطقة الخليج، عصام أبو سليمان، أن دول الخليج بالتوازي مع التزامها بأهداف خفض الانبعاثات الكربونية إلى الصفر، من المهم أن تعيد هيكلة دعم الطاقة والمياه لديها، للتصدي لهذا التحدي اعتمادًا على حسن إدارة تحولها إلى بيئة اقتصادية منخفضة الانبعاثات، وقادرة في نفس الوقت على المخاطرة بتراجع عائداتها النفطية في العقود القليلة المقبلة.

Untitledيسبس

المصدر: البنك الدولي

أهداف طموحة

حددت حكومات الخليج أهدافًا طموحة في ما يتعلق بالحياد الكربوني، وبحسب مجلة “ميد” تحتضن دول مثل الإمارات والسعودية حاليًّا أكبر مشاريع الطاقة الشمسية عالميًّا، ودبي تحديدًا تبدي التزامًا قويًّا في هذا الصدد، وتتطلع إلى توفير 100% من استهلاكها للطاقة من مصادر نظيفة بحلول 2050، وفي العموم تعتزم الإمارات ضخ استثمارات بأكثر من 163 مليار دولار في قطاع الطاقة النظيفة حتى 2050.

ولحجز موقعها في مستقبل الطاقة، قطعت دول الخليج شوطا ملحوظا للاستفادة من الطاقة الشمسية الوفيرة لديها لإنتاج الهيدروجين الأخضر، فخلال العام الماضي دشنت دبي أول مشروع من نوعه في المنطقة لإنتاج الهيدروجين من الطاقة الشمسية.

وبدأت السعودية هذا العام بناء أكبر مصنع لإنتاج الهيدروجين في العالم، وبحسب دراسة لـ”رولاند بيرجر” الألمانية شركات النفط الوطنية في الخليج مؤهلة لجني عائدات من إنتاج وتصدير الهيدروجين ستصل إلى 200 مليار دولار بحلول 2050.

مجمع

ربما يعجبك أيضا