عدد تنظيم داعش وخريطة تواجده الجديدة بعد خسارة معاقله في سوريا والعراق

دعاء عبدالنبي

رؤية ـ جاسم محمد

ما زال الجدل قائمًا حول فاعلية تنظيم داعش بعد خسارة معاقله في سوريا والعراق، وحجم تهديداته لأوروبا خاصة ودول المنطقة، بعد تحول التنظيم الى اللامركزية، لكن مراجعة التقارير حول عدد وحجم التنظيم، نجد هناك تناقضًا كبيرًا في هذه التقارير، ولا يستبعد أن بعض التقارير ربما تكون لأغراض جيوبولتكية ولما يجري في المنطقة.

ذكر تقرير صادر عن الأمم المتحدة، يوم 13 أغسطس 2018، أن تنظيم “داعش ما زال حجمه يتراوح بين 20 ألف و30 ألف مقاتل في سوريا والعراق، على الرغم من التقدم العسكري الذي تحقق ضد ذلك التنظيم. غير أن تدفق المسلحين الأجانب على سوريا والعراق يتراجع و”أضعف مما كان متوقعًا”، حسب التقرير.

وقال التقرير: إن المسلحين منقسمون بالتساوي بين الدولتين ويشملون “مكونًا مهمًّا” من المقاتلين الأجانب. كما يوجد بين 3000 و4000 آلاف مقاتل تابعين لداعش في ليبيا، ولايزال العديد من القادة الرئيسيين للتنظيم ينتقلون إلى أفغانستان، حيث يضم التنظيم هناك ما بين 3500 و4000 مقاتل ويزيدون، وفقًا للتقرير. ولدى التنظيم أيضًا دعم في جنوب شرق آسيا وغرب أفريقيا.

أعطى تنظيم “داعش” تعليماته خلال عام 2017 و2018 لمغادرة سوريا والعراق بعد انهياره العسكري هناك. وذكرت مجلة “دير شبيغل” استنادًا إلى بيانات لأجهزة الأمن الألمانية، أن التنظيم أنشأ موقعًا على الإنترنت موجهًا خصيصًا للجهاديين الأجانب الذين يستعدون للعودة لبلدانهم الأصلية والذين يقدر عددهم بـ40 ألف مقاتل. ويحذر الموقع -بلغات مختلفة- الجهاديين الذين يسعون للعودة إلى أوروبا، من استعمال جوازات سفر مزورة، ولكن استعمال وثائق هوية حقيقية أو التخلي عن كل أنواع الوثائق، مع ترك كل الأغراض التي قد تفشي بمقامهم في سوريا. كما ينصح الموقع بعدم الخوض في موضوع “داعش” مع الغرباء.

عدد المقاتلين الأجانب العائدين إلى أوروبا

ذكرت دراسة في فبراير 2018 أعدها مركز الدراسات الألماني “فيريل”، أن عدد العائدين منهم إلى دولهم بلغ (8500) شخص، وقدرت دراسة أخرى عدد العائدين الدواعش على النحو التالي، أقل من (100) إلى كل من البوسنة والدنمارك والنمسا، وحوالي (100) إلى السويد ونحو (200) إلى ألمانيا و(250) إلى فرنسا و(350) إلى بريطانيا. وأظهرت الدراسة أن (8%) فقط من العائدين إلى ألمانيا عادوا قبل أن يلتحقوا بالقتال مع التنظيم في سوريا والعراق، في حين تقدر دراسات أخرى أن عدد الأتراك العائدين منهم قرابة (600) شخص، وأعلنت تقارير استخباراتية أن أكثر من (100) جهادي تابع لتنظيم “داعش” عادوا إلى بلجيكا.

عدد الدواعش العالقين في سوريا والعراق

ذكر تقرير في مارس 2018، أنه لقي قرابة (300) مسلح فرنسي، بينهم (12) امرأة، مصرعهم في العراق وسوريا منذ 2014، وأعلنت الحكومة الفرنسية أنه ما زال هناك (730) شخصًا و(500) طفل، أعلنت صحيفة “دي فيلت” الألمانية في فبراير 2018 أن هناك (800) امرأة منتميات لـ“داعش” معتقلات مع أطفالهن داخل أربعة معسكرات مختلفة.

أين زعيم التنظيم وقياداته؟

كشفت الاستخبارات العراقية في فبراير 2018 عن أن “البغدادي” ما زال على قيد الحياة، ويتلقى العلاج في مستشفى للتنظيم في المنطقة الصحراوية الواقعة بشمال شرق سوريا، وأنه يعاني من “كسور وجروح خطيرة في ساقه وجسمه منعته من المشي بمفرده، وأدخل مؤخرا إلى مشفى لداعش في منطقة الجزيرة السوري”.

وتباينت التقديرات في يناير 2018 بشأن مكان اختباء البغدادي بعد هزيمة تنظيمه، إلا أن أغلب الآراء تجمع على تواجده في مكان ما بين حدود العراق وسوريا، وتقول مصادر عراقية حكومية من داخل خلية “الإعلام الحربي” العراقية، “نعتقد أن (البغدادي) ما زال داخل الحدود السورية في المنطقة التي لا تزال بيد داعش على حدود العراق”.

أعلن تنظيم داعش يوم 4 يوليو 2018 مقتل أحد أبناء زعيمه أبوبكر البغدادي في هجوم شنه مع متشددين آخرين في محافظة حمص بوسط سوريا، بحسب ما أفادت وكالة أعماق الناطقة باسم التنظيم، ونشرت الوكالة الدعائية -عبر تطبيق تلغرام- نقلا عما يسمى “ولاية حمص” التابعة للتنظيم صورة للفتى “حذيفة البدري” مرتديًا الزي الأفغاني وحاملًا بندقية كلاشينكوف، وأرفقتها ببيان نعي جاء فيه: إن نجل “أبو بكر البغدادي” قتل في المحطة الحرارية بولاية حمص.

حجم تنظيم داعش

أشارت تقارير أمنية في يوليو 2018 تقديرات متفاوتة عن عدد مقاتلي “داعش” الذين ما زالوا ينشطون في العراق حيث أوضح الدكتور هشام الهاشمي وجود أكثر من (1000) مقاتل في العراق، إضافة إلى (500) آخرين في المناطق الصحراوية والجبال. أفادت تقارير وإحصائيات أنه في مارس 2018 لم يعد ”داعش” يسيطر سوى على أقل من (5%) من سوريا، وخصوصًا في مناطق صحراوية في شرق ووسط البلاد، وفي فبراير 2018 أعلن مساعد وزير الخزانة الأميركية لشؤون مكافحة تمويل الإرهاب، مارشال بيلينغسلي، أن تنظيم “داعش” الإرهابي فقد (95%) التي سيطر عليها، وهو مقبل على فقدان باقي المناطق بعد أن تم تدميره. منطقة التنف، سوريا .

لا شك في أن عناصر داعش على مستوى المقاتلين الأجانب وحتى العرب، غالبيتهم فروا من سوريا والعراق، وليس بالضرورة أنهم عادوا إلى أوروبا فيما يتعلق بالمقاتلين الأجانب من أوروبا، فأي مراجعة إلى أعداد القتلى والضحايا من عديد داعش الأوروبيين الذي يقدر عددهم بـخمسة آلاف مقاتل، فما زال هناك أعداد، لا يعرف مصيرها، رغم ما أعلنته أجهزة الاستخبارات العراقية والقوات الكردية في سوريا بما لديها من معتقلين.

إن بقاء مصير عناصر داعش مجهولًا، يعتبر ثغرة لدى أجهزة الاستخبارات، بدون شك أجهزة الاستخبارات لديها البيانات وأرشيف هؤلاء المقاتلين، لكن رغم ذلك، لم تستطع حصر أماكن تواجدهم ومصيرهم، وهذا ما انعكس على ردود أفعال الاستخبارات الأوروبية والتي ما زالت لحد الآن تشعر بالقلق من عودة المقاتلين الأجانب.

التوصيات

رغم تراجع التنظيم وأنشطته في أوروبا ودول المنطقة، فإن التهديد ما زال قائمًا، فما هو مطلوب من أجهزة الاستخبارات، الآن هو كشف واقع تواجد عناصر داعش، خاصة على مستوى القيادات، التي من المرجح ما زالت تتمتع بحرية التنقل ما بين سوريا والعراق وليبيا وسيناء وغرب أفريقيا والعالم.

التحالف الدولي أيضًا مطلوب منه بإصدار تقرير موحد عن واقع التنظيم، خريطة تواجده، قياداته والبنية التحتية للتنظيم، اتصالات التنظيم، وهل قيادته المركزية ما زالت فاعلة؟

ربما يعجبك أيضا