عكس التيار.. إمبراطورية وارن بافيت تواصل اقتناص الفرص في «وول ستريت»

ولاء عدلان

اشترت "بيركشاير هاثاواي" منذ بداية العام الحالي أسهمًا بأكثر من 50 مليار دولار ما يفوق إجمالي مشترياتها خلال الأعوام الثلاث الماضية.


عززت شركة “بيركشاير هاثاواي” التي يمتلكها الملياردير الأمريكي، وارن بافيت، محفظتها من الأسهم بمشتريات بقيمة 3.8 مليار دولار، خلال الربع الثاني من العام الحالي 2022.

وتراجع مؤشر “أس آند بي 500” الذي يعد مقياسًا لنشاط بورصة “وول ستريت” بنحو 16%، خلال الربع الثاني من العام، ليرفع خسائره خلال النصف الأول من 2022 إلى 20.6%، لكن هذا لم يمنع بافيت من التمسك بعادته الأصيلة في ما يتعلق بالاستثمار في السوق الهابطة.

«بيركشاير» تسبح عكس التيار

على عكس غيرها من الشركات، تواصل “بيركشاير” اقتناص الفرص في “وول ستريت” منذ بداية العام، متجاهله تراجع “أس آند بي” بأسوأ وتيرة منذ 1970 في النصف الأول، وحاليًّا تقدر مشترياتها من الأسهم بأكثر من 50 مليار دولار ما يفوق إجمالي مشترياتها خلال 3 أعوام الماضية، وفق “بيزنيس إنسايدر” و”بلومبرج”.

واقتنصت “بيركشاير”، خلال الأشهر الماضية، مراكز بمليارات الدولارات في علامات قوية مثل “سيتي جروب”، و”أكتيفجن بليزارد”، وآبل، و”أمازون” و”شيفرون” للطاقة، وخلال أغسطس الماضي، اشترت 50% من “أوكسيدنتال بتروليوم“، مستغلة سيولة قوية جمعتها على مدار الطفرات التي شهدتها سوق الأسهم خلال الأعوام الماضية، تحديدًا فترة الجائحة، وتقدر هذه السيولة بنحو 105.4 مليار دولار بنهاية الربع الثاني.

حجم مشتريات بافيت

مشتريات بافيت من الأسهم

من هو عراب «بيركشاير»؟

رغم تراجعت السوق القوية لا تزال “بيركشاير” متفوقة على مؤشرات “وول ستريت” التي تراجعت بنسب تتراوح بين 15 و30% خلال النصف الأول، مقابل خسائر 9% فقط لامبراطورية بافيت التي قفزت قيمتها السوقية خلال الربع الأول إلى نحو 730 مليار دولار، وتمتلك حاليًّا محفظة تضم أكثر من 60 شركة. وهذا النجاح، أرسى قواعده وارن بافيت منذ 1970، عندما استحوذ على “بيركشاير”.

وولد بافيت عام 1930 في أوماها بولاية نبراسكا، وعمل في سن مبكرة وببلوغه عامه الـ14 قدم أول إقرار ضريبي له، وفي سن 15 عامًا كان يربح أكثر من 175 دولارًا شهريًّا من توصيل الصحف للمنازل، وهو حاصل على بكالوريوس إدارة الأعمال من جامعة نبراسكا عام 1950، وماجستير الاقتصاد من جامعة كولومبيا 1951، ودرس أيضًا بمعهد نيويورك للتمويل.

Untitledسيسيس

تطوير ثروة وارن بافيت

حكيم أوماها الذي تفوق على «وول ستريت»

في العام 1951، حاول بافيت الملقب بـ”حكيم أوماها” العمل في “وول ستريت” إلا أنه لم يوفق، فقرر العودة إلى مسقط رأسه والعمل سمسارًا للأسهم، وفي 1954، انضم لشركة بنيامين جراهام كمحلل للأوراق المالية، وفي 1956 أنشأ شركته “بافيت بارتنرشيب” التي استحوذت في ما بعد على “بيركشاير هاثاواي” للمنسوجات، ليصبح بافيت منذ 1970 رئيسًا لمجلس إدارة بركشاير وحتى الآن.

وبدأ بافيت في التخارج من تجارة المنسوجات في 1966، وحوّل “بيركشاير” إلى الاستثمار في قطاع التأمين، ثم تحولت إلى شركة قابضة تدير مجموعة ضخمة من الشركات، بدأت بخطوات نوعية مثل الاستحواذ على أسهم في واشنطن بوست عام 1973، وكوكاكولا عام 1988، وصنفته مجلة “فوربس” كأغنى رجل في العالم عام 2008، وحاليًّا يبلغ صافي ثروته 100 مليار دولار، ما يجعله سادس أغنياء العالم.

بافيت والاستثمار طويل الأجل

عندما تنهار أسعار الأصول وتصبح الشركات في أمس الحاجة إلى الأموال، يظهر وارن بافيت لاستخدام قاعدته الشهيرة “الاستثمار في السوق الهابطة”، ففي الوقت الذي تتراجع فيه معنويات المستثمرين تهبط الأسواق وتفقد الأسهم الجيدة قيمتها، ما يشكل فرصة جيدة لاقتناص هذه الأسهم بسعر منخفض، والاستثمار فيها على المدى الطويل، فبافيت يؤمن بأن الفائدة المركبة هي أفضل صديق للمستثمر.

وأعطى بافيت للأسواق درسًا في الاستثمار طويل الأجل عندما ضخ استثمارات قوية خلال أزمة 2008 مع هبوط “أس آند بي 500” 57%، ووقتها استحوذ على حصص في خيارات من وجهة نظر السوق تعد خاسرة، مثل جولدمان ساكس وجنرال إلكتريك، إلا أن الأيام أثبتت صحة خياراته، ففي 2009 أصبحت بيركشاير في المرتبة 18 بين أكبر شركات العالم، وفق “موتلي فوول”.

رجل عطاء لا يعرف البذخ

رغم ثروته الطائلة، فإن بافيت لا يزال يسكن في منزله الذي اشتراها في أوماها عام 1957، مقابل 31.5 ألف دولار، ودائمًا ما ينصح الشباب بالاستثمار في وقت مبكر، واتخاذ قرارت عقلانية تستهدف الاستثمار طويل الأجل، وفي عام 2006 تعهد بالتبرع بأكثر من 99% من ثروته لصالح الأعمال الخيرية، وحتى الآن قدم أكثر من 48 مليار دولار، وفق فوربس.

وظهر اسم بافيت في قائمة مجلة التايم لأكثر 100 شخصية مؤثرة في العالم عام 2007، وفي 2010 أطلق مع صديقه الملياردير الشهير، بيل جيتس، مبادرة تدعو الأثرياء للتبرع بما لا يقل عن 50% من ثرواتهم للأعمال الخيرية، وفي 2011 منحه الرئيس الأمريكي السابق، باراك أوباما، وسام الحرية الرئاسي تقديرًا لجهوده الاجتماعية والإنسانية.

maxresdefault 620x349 1

ربما يعجبك أيضا