فرنسا تجهض عملية إرهابية.. هل تعود عمليات الذئاب المنفردة مرة أخرى؟

محمود رشدي

رؤية- محمود رشدي

في محاولة جديدة، لضرب منظومة الأمن في فرنسا والتعدي على رجال الشرطة، حاول أحد أفراد الذئاب المنفردة للتنظيمات الإرهابية طعن رجال الأمن جاهرًا بعبارة “الله أكبر”، الأمر الذي تعاملت معه القوات واستباقه للهجوم عليه بطلقات نارية أفشلت خطته وألقته أرضًا بإصابات خطيرة.

ومنذ الهجوم على المدرس الفرنسي صمويل باتي بقطع رأسه من قبل أحد المتطرفين العام الماضي عقب نشر رسوم مسيئة للنبي محمد في أحد النقاشات المفتوحة مع طلابه بالمدرسة، وتعاني فرنسا من هجمات إرهابية متفرقة منفردة ولاسيما عقب حملتها الأمنية للتضييق على الجماعات الإسلامية والأقليات المسلمة هناك.

محاولات جديدة

أطلق عنصران في شرطة السكك الحديد الفرنسية النار على رجل في محطة قطار في باريس هددهما بسكين وهو يصيح “الله أكبر” ما أسفر عن إصابته بجروح بالغة، بحسب ما أفاد مصدر في الشرطة والشركة الوطنية للسكك الحديدية.

أكد مصدر في الشرطة الفرنسية أن رجلا توجه بسرعة اتجاه رجال الشرطة قبل منتصف الليل  في محطة سان لازار التي تعد واحدة من أكثر محطات القطار ازدحاما في باريس، وأخرج سكينا من كيس وهو يصيح “الله أكبر”.

من جهته، أفاد متحدث باسم الشركة الوطنية للسكك الحديدية “استخدم الضابطان سلاحهما للدفاع عن النفس وتحييده” مشيرا إلى أن فرق الإغاثة أسعفت المهاجم المصاب.

وأوضح ممثلو الادعاء في باريس أن حياة الرجل في خطر بعد إطلاق النار عليه مرتين، بينما تم فتح تحقيق في محاولة قتل موظف عام، والتحريض على الإرهاب والعنف مع سلاح.

وبحسب مصدر مقرب من التحقيق طلب عدم الكشف عن اسمه فإن الرجل لم يكن معروفا لدى الأجهزة الأمنية.

الإرهاب في فرنسا

وتشكل قوات الأمن في فرنسا بشكل منتظم هدفاً لتنظيمات جهادية من بينها تنظيم “الدولة الإسلامية” (داعش)، في وقت شهدت فرنسا في السنوات الأخيرة موجة اعتداءات غير مسبوقة أسفرت عن أكثر من 250 قتيلاً.

 وقالت الحكومة الفرنسية في بيان “رئيس الوزراء ووزير الداخلية (…) سيعبران عن دعمهما لزملاء الضحية ومن خلالهم لمجمل الشرطة الوطنية” وقوات الأمن “التي استُهدفت مرة جديدة”. وكتبت نقابة الشرطيين في تغريدة “الرعب، مرة جديدة يستهدف ويضرب قوات الأمن”.

وشهدت فرنسا في السنوات الأخيرة هجمات عدة بالسلاح الأبيض ارتكبها جهاديون. ففي 16 أكتوبر 2020، قُتل مدرّسٌ يُدعى صمويل باتي عندما قطع رأسه شاب يبلغ 18 عاماً من أصل شيشاني، بعد عرضه رسوما كاريكاتورية للنبي محمّد في حصة دراسية.

وفي الثالث من أكتوبر 2019، قَتل موظف في حرم دائرة الشرطة في باريس طعناً ثلاثة شرطيين وموظفاً إدارياً، قبل أن يُقتل. والمهاجم الذي كان قد اعتنق الإسلام قبل وقت قصير من الاعتداء، كان عامل معلوماتية تابع لإدارة الاستخبارات.

ملاحقة إلكترونية

وتلاحق السلطات الفرنسية خلال الفترة الأخيرة كل من يقوم بتمجيد العمليات الإرهابية على شبكات التواصل الإجتماعي، لا سيما الأغاني التي يطلقها بعض هواة الراب أو التعليقات التي يتركها رواد الشبكات على أخبار تتعلق بمقتل المدرس باتي.

وفي أكتوبر الماضي، حكمت محكمة فرنسية الجمعة بالسجن أربعة أشهر مع وقف التنفيذ على طالبة تدرس البيولوجيا وتبلغ من العمر 19 عاما، بعد إدانتها بتهمة “تمجيد الإرهاب” لأنها كتبت على موقع فيسبوك أن أستاذ التاريخ باتي كان “يستحق” الموت.

وفي بداية نوفمبر، استدعت الشرطة تلميذاً في مدرسة ابتدائية  بلاسيوتا في جنوب البلاد للتحقيق، وتم الاستماع لأقواله في 9 نوفمبر الماضي في قضية “تمجيد الإرهاب”.

وأخذ على الطفل قوله في 2 نوفمبر، يوم الوقوف في فرنسا دقيقة صمت ترحما على المعلم باتي المذبوح على خلفية رسوم مسيئة للنبي محمد، قوله: “جيد ما حصل له، لم يكن لديه الحق في شتمنا”.

هذا وأطلقت وزيرة المواطنة الفرنسية مارلين شيابا، منتصف الشهر الحالي، مشروع “وحدة الخطاب الجمهوري المضاد” لمراقبة ورصد خطابات التطرف في الفضاء الإلكتروني، بعد أن رصدت السلطات رسائل ومنشورات تحريضية ضد الضحية باتي، أياماً قليلةً قبل وفاته، تعتقد السلطات أنها كانت وراء مقتله ذبحاً.

وكانت الوزيرة شيابا قد صرحت في وقت سابق أن “الأيديولوجية الإسلامية المتطرفة تنتشر بسرعة كبيرة على وسائل التواصل الاجتماعي، وأن جيلا كاملا من الشباب لم يعد يحتاج إلى الذهاب إلى مسجد للمتشددين أو أن يدخل السجن ليسلك طريق التطرف”.

وأضافت الوزيرة خلال اجتماع لها مع مدراء مواقع التواصل الاجتماعي في فرنسا بينهم فيسبوك وتويتر وغوغل وتيك توك وسناب تشات، لبحث مكافحة التطرف الإلكتروني:” الآن يأتيهم التطرف إلى منازلهم وغرفهم الشخصية ليتمثل لهم على شاشات هواتفهم وحواسيبهم، فهو يدخل من بوابة وسائل التواصل الاجتماعي”.

ومنذ العام 2009 أطلقت فرنسا منصة “فاروس” لمكافحة الجرائم الإلكترونية من خلال ثلاثين ضابطا من الشرطة والدرك متخصصين في الجرائم الإلكترونية، يقومون بتحليل التقارير التي يرسلها مستخدمو الإنترنت يوميًا، حول جرائم التطرف والجرائم ضد القُصر، لكن المنصة تعرضت للكثير من النقد بعد حادثة مقتل المدرس باتي، بسبب المحتوى الذي كان يروج ضده دون رقابة.

ربما يعجبك أيضا