فن الماندالا.. دوائر بهجة تعالج الحزن والتوتر

الماندالا هي فن البهجة، فتساعدك رسومها المتداخلة على التأمل والشعور بالراحة والهدوء، والتخلص من الضغوط والتوتر.

والماندالا هي كلمة سنسكريتية تعني الدائرة أو الدوائر، وكل دائرة تكون عدة عوالم، ويعتمد رسمها على اتباع نمط معين، يتمثل في دائرة مركزية تتفرع إلى عدة دوائر وأشكال متداخله، وتهدف الماندالا في العموم إلى التأمل في الكون وعظمته.

طقس هندوسي قديم

بدأت الماندالا في الهند، عندما اعتمدها الهندوس كأداة للتدين، وأصبحت أحد طقوسهم السنوية المتكررة في المناسبات، والتي يرسمونها، إما بحبات الرمل الملونة وإما بمساحيق التلوين، لتزيين أراضي أماكن العبادة. والماندالا كانت محاولة لرسم مثال مصغر للكون.

وكل دائرة من دوائر الماندالا تكوّن عدة عوالم، والنقطه المركزية هي بداية الكون المتفرع لعدة أكوان لا نهائية، وفي الوقت ذاته يمثل هيكل الحياة وكيفية استمراره، والعالم الذي يمتد إلى ما لا نهاية. وكانت الماندالا في العموم تهدف إلى التأمل في الكون وعظمته.

فن البهجة لا يحتاج إلى دراسة

يطلق على الماندالا “فن البهجة”، لأنه يحقق الفرحة، ويدخل ممارسه في سلام داخلي، فيتحول من حالة التوتر إلى حالة الهدوء. وتعتمد الماندالا على النقش الدقيق المتوازن والمتكرر، وهي أحد طرق تفريغ طاقة الحزن، والتخلص من العصبية والغضب، فيغرق ممارسه بالكامل في اللوحة الفنية، ويشعر بحالة من التوازن النفسي.

الماندالا

والجميع يستطيع ممارسة هذا الفن الذي لا يحتاج إلى دراسة، فهو تكرار للأشكال والدوائر، وكل دائرة تعبير داخلي للأشخاص. وتوجد 3 أنماط لهذا الفن، أوله المربعات التي يتداخل بعضها مع بعض، وثانيه المربعات المتداخلة مع الدوائر، وثالثه الدوائر التي تتكون من دوائر صغيرة ثم تكبر، وداخل الدوائر خطوط دقيقة منسقة بشكل جميل. والتكرار عملية مهمة في الماندالا.

نقاء زهرة اللوتس

الماندالا

يمكن رسم الماندالا دون خطة مسبقة عبر تكوين تصاميم متوازنة ومتساوية الزوايا لتصبح وسيلة للشعور بالإنجاز الذي يمنح الفرد حالة من الرضا والسلام الداخلي. والرسم بأسلوب زهرة اللوتس أحد أشهر تطبيقات هذا الفن، والذي يعني نقاء العقل وتشابه حياة تلك الزهرة مع حياة الإنسان، فتبدأ حياتها وتنمو جذورها في الوحل وتنتهى كزهرة نقية تطفو فوق سطح الماء.

والوحل يحمل معنى المادية ومغريات الحياة الدنيوية، أما الماء الذي تتفتح فيه الزهرة، فهو مواجهة الإنسان للمغريات، وتطهره من وحل المادية. ويقترب رسم الماندالا اليوم من الرسم الإسلامي، الذي أصبح يتخلى عن أشكاله المعقدة، ويستخدم كأسلوب تزيين أو كأسلوب شفائي، يساعد على تهدئة الأعصاب، وفقًا لمجلة “الرسم”.

أدوات رسم الماندالا

لرسم لوحة ماندالا، يجب توافر مسطرة ونصف دائرة وفرجار وقلم، تحدد مركز الورقة، ثم تبدأ في رسم دائرة صغيرة، وتوسع فتحة الفرجار أكثر من مرة، حتى تغطي الدوائر الورقة. وتوضع المنقلة على مركز الورقة، لتضع نقاطًا متباعدة تمرر من خلالها الخطوط، لينتهي كل خط إلى مركز الورقة.

وتأتي المرحلة الممتعة في نقش أشكال هندسية حسب رغبة كل شخص، وستجد أن الدوائر والخطوط التي حددتها، سوف تساعدك كثيرًا في أثناء الرسم، ما يضفي على النفس بهجة وسرورًا، كونك تنجز لوحة تسترق الأنظار وتخطف العيون بتناسقها ودقة إحكامها.

تلوين الماندالا

تلوين الماندالا

مرحلة التلوين هي أمتع المراحل، فتصبح أنت عنوان لوحتك بعد التلوين، ذلك أن لكل شخص رؤية، وذوقًا، وحالة نفسية، ونظرة خاصة للحياة، تجدها منعكسة على اللوحة الفنية. وبقدر ما تتسم شخصيتك من جمال ستبدو اللوحة جميلة في تناسقها واختيار ألوانها.

وفي النهاية فإن التأني في الزخرفة ورسم الأشكال الهندسية على نحو تدريجيٍّ، يعلمك الصبر، وأنه لا شيء يأتي في الحياة دفعة واحدة، فبقدر تأنِّيك وهدوئك وصبرك، تكون فرحتك بلوحتك في النهاية، ذلك أن التأني سبيل السلامة والإنجاز الدقيق في آن.