كيف تتدارك أمريكا التفوق الصيني في «معركة الهيمنة التكنولوجية»؟

علاء بريك

الولايات المتحدة تعيش مفارقة كونها قوة تكنولوجية عظمى تعاني من نقاط ضعف تكنولوجية كبيرة.. فإلام تحتاج للخروج من هذه الورطة؟


حذر المسؤولان السابقان في لجنة الأمن الوطني للذكاء الاصطناعي، إريك شميت ويل باجراكتاري، السلطات الأمريكية من خطر خسارة السباق العلمي والتكنولوجي مع الصين.

واستعرض الكاتبان في مقال نشرته صحيفة “فورن أفيرز” يوم أمس الأربعاء 7 سبتمبر 2022، أسباب التأخر الأمريكي عن اللحاق بالصين في بعض المجالات، وقدما عددًا من المقترحات لتجنب ما وصفوه بـ”السيناريو الأسوأ”.

أخذتها المفاجأة

عدد الكاتبان في مقالهما عددًا من المجالات كانت الصين فيها أسبق من الولايات المتحدة إلى وضع أو تطوير استراتيجيات وخطط مستقبلية، بهدف تحقيق الصدارة في المجال المستهدف على المستوى العالمي، وارتبطت هذه المجالات بالبحث العلمي والذكاء الاصطناعي والصناعات التكنولوجية المتقدمة.

وعلى سبيل المثال، أتى قانون دعم إنتاج أشباه الموصلات والعلوم بعد أزمة سلسلة توريد أشباه الموصلات بسبب فيروس كورونا، وإعلان وزارة الدفاع الأمريكية أنها تعتمد في رقاقاتها على موردين من شرق آسيا. وبالمثل، كان الأمر في مجال شبكات الجيل الخامس التي تتصدرها الصين، ومجال الذكاء الاصطناعي الذي تخلفت فيه واشنطن 4 سنوات عن بكين.

نهج لا يضمن النجاح

يرى الكاتبان أنه لا يمكن لواشنطن الجلوس والسماح لبكين باكتساب ميزة في الجولة التالية من المعارك العلمية والصناعية التي ستأتي بتقنيات جديدة تتجاوز المجال الرقمي، لتشمل التكنولوجيا الحيوية والتصنيع الذكي، والأساليب الجديدة لإنتاج الطاقة وتخزينها، مشددين على أن الولايات المتحدة تحتاج إلى الفوز في ساحات المعارك التقنية هذه.

وأوضحا أن نهج رد الفعل هذا بالكاد يعين على النجاح في المستقبل، لذا يجب على واشنطن التأكد من أنها لن تفاجأ مرة أخرى. ولكن مع الأخذ في الاعتبار الخطوات المهمة التي اتخذتها في السنوات الثلاث الماضية، يظل من الصعب القول إن الولايات المتحدة الآن في وضع أفضل أو منظمة للمنافسة طويلة الأمد.

تقويض النظام الدولي

حذر الكاتبان من أنه مع مستقبل تسود فيه الصين وتتراجع الولايات المتحدة، قد تنجذب الدول التي تعتمد على التكنولوجيا المصنوعة في الصين، بما في ذلك بعض حلفاء الولايات المتحدة، إلى الفلك السياسي لبكين، ما يؤدي إلى إبطاء التقدم الدولي في قضايا مثل تغير المناخ وحقوق الإنسان ومكافحة الفساد.

وبمد هذا السيناريو إلى نهاياته المنطقية، يتقوض النظام الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة. بل أكثر من ذلك، فمع ازدياد قتامة الاتجاهات الديموغرافية في الصين وتباطؤ النمو، قد يخشى الحزب الشيوعي أن تغلق نافذة فرصته، ويقرر توظيف مزاياه التكنولوجية المكتشفة حديثًا بطرق خطيرة.

كيف وصلت واشنطن إلى هنا؟

يتساءل الكاتبان، كيف سمحت واشنطن للأمور بأن تسوء إلى هذا الحد. والإجابة برأيهما أن الولايات المتحدة تعيش مفارقة كونها قوة تكنولوجية عظمى تعاني من نقاط ضعف تكنولوجية كبيرة. فمن جهة تملك مراكز الأبحاث والشركات والمناخ المواتي للاستثمار وتأسيس الشركات الناشئة.

لكن على الناحية الأخرى توجد مؤشرات مناقضة تمامًا تمثلت بحسب الكاتبان بتخلف القاعدة التصنيعية وجيش يكافح للحاق بالابتكارات الجديدة والتكيف معها، مع ظهور حالة من الشلل العام والتأخر عندما يتعلق الأمر بالتقنيات الجديدة مثل الذكاء الاصطناعي وما يشبهه من تكنولوجيات متطورة حديثة.

إلام تحتاج؟

للخروج من هذه الورطة، يرى الكاتبان أن واشنطن تحتاج إلى استراتيجية تنافسية وطنية تركز على التكنولوجيا وتعزز الهندسة الجديدة للنظام البيئي للابتكار. ولتنفيذ مثل هذه الاستراتيجية، تحتاج الولايات المتحدة أولاً إلى عملية بقيادة البيت الأبيض للتأكد من عدم تكرار حالة التخلف عن الجيل الخامس مرة أخرى، وسن خطة عمل وطنية للاستثمار في الابتكار في التكنولوجيا الحيوية وتحفيزها وتسريعها.

وتحتاج الولايات المتحدة أيضًا إلى معالجة تقلص قدرتها على إنتاج التكنولوجيا الحيوية، واعتمادها على سلاسل التوريد التي تمر عبر منافستها الرئيسة أو حلفاء منافستها. وستحتاج الحكومة الفدرالية إلى التأكد من أن الاستثمارات في البنية التحتية الرقمية، بدءًا من شبكات الجيل الخامس وشبكات الألياف الضوئية، تسير بسرعة وكفاءة، ودعم المزيد من الأبحاث الأساسية وتجريب تطبيقات الجيل التالي.

وكذلك قد تحتاج الولايات المتحدة إلى توسيع قدرتها التصنيعية للبطاريات المتقدمة والمغناطيس الدائم والإلكترونيات الدقيقة من خلال الشراكة مع القطاع الخاص، واستخدام أدوات مثل المنح والقروض المدعومة من الحكومة والتزامات الشراء لتقليل المخاطر التي يشكلها الاستثمار في التكنولوجيا المتطورة.

ربما يعجبك أيضا