فورين بوليسي |التخريب النووي قد يكون مبتغى إيران

آية سيد

رؤية

ترجمة – آية سيد

كانت عملية التخريب ضد أكبر منشأة إيرانية لتخصيب اليورانيوم في نطنز يوم 11 أبريل آخر جهد إسرائيلي لعرقلة عمل طهران النووي. في يوليو 2020، تعرّضت محطة لإنتاج الطاردات المركزية المتطورة في نفس المجمع لانفجار قوي باستخدام قنبلة ناسفة، والتي تسببت بضرر بالغ للمنشأة الواقعة فوق الأرض ودفعت السلطات الإيرانية إلى بناء بديل تحت الأرض. أعقب الانفجار اغتيال محسن فخري زاده، المهندس الرئيسي لبرنامج إيران للطاقة الذرية، في نوفمبر.

وقد وصف فريدون عباسي دواني، رئيس لجنة الطاقة بالبرلمان الإيراني والذي نجا من محاولة اغتيال في 2010، الهجوم الأخير بأنه “مخطط بعناية” و”عمل معقد” انطوى على تفجير قطع شبكة الكهرباء الخاصة بمنشأة التخصيب، وكذلك أيضًا نظام الطوارئ الذي يعمل بالبطاريات والذي يُستخدم لتوليد الكهرباء من أجل الطاردات المركزية. وصرّح علي رضا زاكاني، مدير مركز الأبحاث بالبرلمان الإيراني والذي يعبر عن الحالة المزاجية السياسية لدى المتشددين في طهران، بأن “الرد المناسب” سيكون “التخصيب إلى نقاء فوق 60%” – والذي يهدف عادةً إلى تشغيل الغواصات النووية وهو مستوى يفوق كل مستويات التخصيب الإيرانية السابقة.  

ورغم الاحتجاجات والوعود النارية، كان أول رد فعل رسمي للحكومة هو التقليل من خطورة انقطاع الكهرباء، ما يشير إلى أن إيران قررت على الأرجح أن تبقى هادئة وتمضي قدمًا في المفاوضات النووية الجارية في فيينا، لكن على الأرجح بمطالب أكبر للحصول على امتيازات وتوقعات بالحصول على تعويضات. وفي حين أن علي أكبر صالحي، رئيس منظمة الطاقة الذرية الإيرانية، أدان الهجوم ووصفه بأنه عمل “إرهابي نووي”، أكد المتحدث باسم منظمة الطاقة الذرية الإيرانية بهروز كمالوندي في نفس اليوم أن الحادثة لم تسفر عن خسائر بشرية أو تساقط مشع. ولإزالة أي شكوك حول تغيير موقف طهران من المحادثات النووية ردًا على التخريب في نطنز، أخبر المتحدث الرئاسي علي ربيعي الصحفيين يوم الثلاثاء أن إيران “لن تقع في فخ العملية الاستفزازية” الإسرائيلية. واعترض أيضًا على مزاعم الإعلام بأن هجومًا سيبرانيًّا هو السبب الرئيسي للحادثة، مضيفًا أنه جرى تحديد الفاعل وأن رد إيران على الهجوم سيكون داخل الأراضي الإسرائيلية.

تزامنت جهود إدارة الرئيس حسن روحاني لتهدئة التوتر السياسي مع زيارة وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف إلى طهران لعقد مشاورات مع نظيره محمد جواد ظريف، الذي اتخذ موقفًا مشابهًا إزاء تجديد المفاوضات النووية. وقال ظريف خلال مؤتمر صحفي مشترك مع لافروف يوم الثلاثاء: “ظن الإسرائيليون أن هذا الهجوم سيضعف موقفنا في مفاوضات فيينا، لكنه على العكس سيعزز موقفنا”.

لم يكن التخريب ممنهجًا بما يكفي لقلب حسابات إيران النووية رأسًا على عقب أو ثنيها عن الاستمرار في المشاركة في محادثات نووية متعددة الأطراف مع الولايات المتحدة، على العكس تبدو إيران مستعدة لاستغلال وضعها كضحية – والذي اكتسبته من خلال العمليات الإسرائيلية المتكررة ضد البنية التحتية الخاصة بالطاقة الذرية – للوصول إلى هدفها على طاولة المفاوضات بإلغاء كل العقوبات، والذي تحت أي ظروف أخرى ربما كان سيبدو مطلبًا مبالغًا فيه يخاطر بإبعاد روسيا والصين.

بعبارة أخرى، لم يمنح هجوم نطنز طهران عذرًا مشروعًا لتنصيب طاردات مركزية أكثر فاعلية لتخصيب اليورانيوم دون ثمن سياسي باهظ فحسب، بل إنه قد يقيد موسكو وبكين من ناحية الضغط على إيران لتتنازل خلال المفاوضات في فيينا. هذا يخدم المصالح السياسية الداخلية لمتشددي إيران على وجه خاص قبيل الانتخابات الرئاسية في يونيو، ويمنحهم فوزًا حتميًّا نسبيًّا أيًّا كان النهج السياسي الذي يتبعونه فيما يتعلق برفع العقوبات: إذا نجحت إدارة بايدن في رفع كل عقوبات عهد ترامب مرة واحدة – كما طلبت طهران – سوف يخرج المتشددون الذين اقترحوا هذا الشرط المبالغ فيه في المقام الأول منتصرين سياسيًّا في الداخل، وإذا فشلت واشنطن في فعل هذا لأي سبب كان، يمكن أن يتمسك المتشددون بنفس المطلب لإحباط المحادثات النووية لفريق روحاني، وهزيمة المعتدلين في صناديق الاقتراع، ثم استئناف اتباع الدبلوماسية لرفع العقوبات بعد تولي الرئاسة.

في ضوء هذا، لم تكن مفاجأة أن عباس عراقجي، نائب وزير الخارجية الإيراني وكبير المفاوضين في فيينا، أعلن رسميًّا عن خطط طهران لتخصيب اليورانيوم بنقاء فوق 60% يوم الثلاثاء، بحسب التقارير الإعلامية الإيرانية. أخطرت إيران رافاييل غروسي، المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، أنها ستبدأ في التخصيب بنسبة 60% لتلبية احتياجاتها الطبية وإنتاج عقاقير النظائر المشعة، وفي الوقت نفسه، ورد أن إيران استهدفت سفينة بضائع مملوكة لشركة راي الإسرائيلية للشحن بالقرب من ميناء الفجيرة الإماراتي يوم الثلاثاء.

وبغض النظر عن كيف تؤثر عملية التخريب الإسرائيلية لمنشأة التخصيب الواقعة تحت الأرض في نطنز على تجديد المفاوضات الخاصة بخطة العمل الشاملة المشتركة في فيينا، فإن النتيجة الاستراتيجية الأبرز هي اصطفاف الشعب الإيراني الساخط مع حكومته حول السياسة النووية. هذا الاصطفاف، القائم على المعارضة المشتركة لأعداء إيران الخارجيين، يمكن أن يتجاوز تكتيكات الدبلوماسية النووية ويساهم في ظهور دعم جماعي غير مسبوق للقنبلة كرادع ضروري.

وهذا الخيار يظل مستبعدًا، لكن ربما لا يظل بعيد الاحتمال إذا فشلت الجهود الدبلوماسية في عكس آثار حملة الضغط الأقصى الأمريكية التي تهدف لخنق إيران اقتصاديًّا. وإذا انهارت خطة العمل الشاملة المشتركة، سواء بسبب التعنت الأمريكي أو العدوان الإسرائيلي، لن تبقى هناك طريقة مقبولة لاحتواء البرنامج النووي لطهران بخلاف الحرب. وإذا اندلعت الحرب، لن يكون هناك ضامن مقبول أن إيران لن تندفع نحو القنبلة كنتيجة لذلك.

للاطلاع على الرابط الأصلي اضغط هنا

ربما يعجبك أيضا