فورين بوليسي: 3 سيناريوهات تفسر التعامل غير اللائق مع الرئيس الصيني السابق

آية سيد
الرئيس الصيني السابق هو جينتاو

يرى خبير الشؤون الصينية في جامعة كورنيل، إيسوار براساد: "أن شي يتجه إلى حشد الدولة وراء رؤيته القوية للسياسة الخارجية"، في حين قال محلل السياسة الصينية في أوراسيا جروب، نيل توماس: "إنها تمثل تعزيزًا هائلًا لسلطة شي بنحو غير مسبوق منذ عصر ماو".


اختتم مؤتمر الحزب الشيوعي الصيني 20 فعالياته، يوم السبت الماضي 22 أكتوبر، بالإعلان عن فوز الرئيس الصيني، شي جين بينج، بولاية ثالثة.

ولكن شهد اليوم الأخير من المؤتمر واقعة غريبة لفتت انتباه العالم، عندما جرى اصطحاب الزعيم السابق للحزب الشيوعي الصيني، من 2002 حتى 2012، هو جينتاو، عنوة إلى خارج قاعة المؤتمر.

تفاصيل الواقعة

في تحليل نشرته مجلة “فورين بوليسي” الأمريكية، يطرح الكاتب، جيمس بالمر، احتمالات ثلاثة قد تفسر الواقعة. وكان هو جينتاو، جالسًا بجوار الرئيس الصيني عندما اصطحبه أحد الموظفين عنوة إلى خارج القاعة، قبل التصويت النهائي للجلسة.

وبحسب ما التقطت الكاميرات، يبدو أن هو جينتاو طرح سؤالًا على شي ورئيس وزرائه، لي كه تشيانج، اللذين أجابا بالإيماء، في حين منعه شي من أخذ بعض الأوراق بوضع يده عليها. ونهض القيادي البارز في الحزب، لي تشان شو، لمساعدة هو، لكنه تراجع عندما سحبه المنظِّر السياسي، وانج هانينج، من سترته.

عصر جينتاو

وفق ما يذكره بالمر في تحليله، لم يكن هو جينتاو قويًّا مثل شي الآن، فقد تولى السلطة في عصر ما يُعرف بالقيادة الجماعية، وكان عليه التنافس مع نفوذ سلفه، جيانج زيمين. وخلال حكم هو، ارتفعت التغطية العامة للفساد، وحرية التعبير على الإنترنت، وإلى حد ما، جماعات المجتمع المدني والمنظمات غير الحكومية.

ويرى بالمر أن هذا لم يكن بدافع التزام هو بالليبرالية، بل لأن معظم أعضاء الحزب كانوا منشغلين بجني الأموال أكثر من تطبيق الخط السياسي للحزب. ومنذ تنحي هو عن زعامة الحزب في 2012، ابتعد عن الأضواء. وجرى اعتقال حلفائه السابقين، أبرزهم كبير مساعديه، لينج جيهوا، في 2015.

ماذا حدث مع الرئيس السابق؟

يطرح بالمر عددًا من الاحتمالات لتفسير الواقعة الغريبة التي حدثت مع هو جينتاو في مؤتمر الحزب الشيوعي، نظرًا لأنه حدث منسق بعناية ويصعب وقوع أخطاء فيه، الاحتمال الأول هو الأزمة الصحية، فقد كان هو ضعيفًا بصورة ملحوظة في أثناء المؤتمر.

ولكن، بحسب بالمر، من الصعب معرفة ما الحالة الصحية التي تسببت في إخراجه من القاعة أمام الكاميرات وممانعته نفسه للخروج، وكذلك، لماذا لم يساعده الآخرون. ويقترح الكاتب أنه ربما يكون تشخيصًا غير متوقع بكوفيد-19، ولكن هذا يعني أن فحص كورونا جرى في التوقيت الخاطئ.

مخاوف من التصويت

الاحتمال الثاني هو ورود معلومات جعلت شي يخاف من أن هو قد يمتنع عن التصويت، أو حتى يصوت ضده في جولات التصويت بالإجماع. ووفق بالمر، قد يكون هذا تصريحًا قاله هو لزملائه السابقين خلف الكواليس، أو ربما حتى علامات الخرف التي سببت رعبًا مفاجئًا من أن شيئًا ما قد يحدث، وهذا سيجعل ارتباك هو مفهومًا.

والاحتمال الثالث والأكثر إثارة للقلق هو أنه أمر مدبر، ويقول بالمر إننا رأينا شي يهين سلفه، بنحو متعمد وعلني، ربما تمهيدًا لاستخدام أدوات الانضباط الحزبي، ثم العقاب القضائي، ضده. وفي حين أنها ستكون خطوة استثنائية، سترسل رسالة بشأن قوة شي المطلقة.

رسالة إلى القادة السابقين

يلفت بالمر إلى أن شي استخدم لغة قاسية بشدة في تقرير العمل الافتتاحي لوصف الوضع داخل الحزب عندما تولى السلطة، متحدثًا عن “الانزلاق نحو قيادة حزبية ضعيفة وجوفاء وهزيلة” دون ذكر هو أو غيره بالاسم.

ويقول الكاتب إن إهانة هو بتلك الطريقة سترسل إشارة واضحة إلى “الكبار المتقاعدين”، الذين كانوا يمثلون قوة داخل الحزب، بأن سلطة شي غير محدودة. وفي تلك الحالة، ستكون بادرة لي تشان شو بعرض المساعدة على هو نوعًا من اللطف الغريزي، والخطير، تجاه زميل سابق.

خطوة غير ضرورية

يلفت بالمر إلى أنه من الصعب رؤية هو بوصفه تهديدًا منطقيًّا لشي، إلا بالاشتراك مع القادة المتقاعدين الآخرين. ولكن وفق هذا السيناريو، كان من الممكن اعتقال هو، أو وضعه قيد الإقامة الجبرية سرًّا، مع التعلل بحالته الصحية.

وفي حالة الحاجة إلى إهانته، كان من الممكن فعل هذا في اجتماعات مغلقة، مثل ما فعل ماو تسي تونج مع القادة الذين تحدوه. ويذكر بالمر أن اللجنة المركزية لفحص الانضباط، وهي بمثابة الشرطة السرية الداخلية للحزب الشيوعي، أصبحت أكثر قسوة تحت حكم شي.

تعزيز السلطة

أعلن الرئيس الصيني، أمس الأحد، عن فريق القيادة الجديد للحزب الشيوعي الصيني. ووفق صحيفة “فاينانشال تايمز” البريطانية، استبعد شي عضوين من اللجنة الدائمة للمكتب السياسي للحزب، هما رئيس الوزراء لي كه تشيانج، الذي كان تلميذًا لهو جينتاو ومنافسًا لشي على رئاسة الحزب في 2012، ووانج يانج.

وضمت اللجنة 4 أعضاء جدد حلفاء لشي، هم الأمين العام للحزب الشيوعي الصيني في شنجهاي، لي تشيانج، ومسؤول الحزب في بكين تساي شي، ودينج شيويه ديانج، ولي شي. ويظل تشاو له جي، ووانج هو نينج في اللجنة. وقال خبير الشؤون الصينية في جامعة كورنيل، إيسوار براساد، إن هذه التعيينات تمثل “استعراضًا لقوة شي”.

ربما يعجبك أيضا