فيلم الحارة.. عمل فني «جريء» يثير الجدل في الأردن 

علاء الدين فايق

نال فيلم الحارة الأردني إشادة واسعة من صناع الأفلام وحظي بالعديد من الجوائز الفنية منها جائزة الجمهور وتنويه خاص من مهرجان مالمو للسينما العربية.


عمّان – رغم الإشادة التي نالها فيلم الحارة الأردني منذ بدء عرضه عبر منصة نتفليكس، أثار عاصفة ردود جدلية بين الأردنيين عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

ورغم عرض الفيلم في أكثر من دولة وفوزه بالعديد من الجوائز الفنية العربية والعالمية، إلا أنه لم يعجب شريحة واسعة من الأردنيين، لما تضمنه من مشاهد وألفاظ يرونها “خادشة للحياء وغير أخلاقية” على حد وصفهم.

مشاهد من فيلم الحارة للمخرج الأردني باسل غندور

مشاهد من فيلم الحارة للمخرج الأردني باسل غندور

هيئة الإعلام تتدخل 

بدأ عرض الفيلم الأردني “الحارة”، مطلع الشهر الجاري يناير 2023، وهو من بطولة الفنان منذر رياحنة، ونخبة من الفنانين الأردنيين الشباب.

واستبقت هيئة الإعلام في الأردن، تصاعد الجدل بشأن الفيلم ومحتواه، بإعلانها حذف جميع الألفاظ والمشاهد الخارجة عن قيم المجتمع الأردني من فيلم الحارة، قبل إجازة عرضه في دور السينما الأردنية. وقال مدير هيئة الإعلام، بشير المومني، في تصريحات إذاعية، إن ما عرضته شبكة “نتفليكس” أخيرًا هو ما أثار غضب الناس.

مشهد من فيلم الحار للمخرج الاردني باسل غندور

مشهد من فيلم الحار للمخرج الاردني باسل غندور

مخرج الفيلم يدافع  

من جانبه، قال مخرج العمل المثير للجدل، باسل غندور، إن “فيلم الحارة يقدم واقعًا يعيشه الناس باختلاف طبقاته وخلفياتهم، ويركز على الأقنعة التي يرتدونها عند تعامل بعضهم مع بعض، ما يولد النزاعات والخلافات بينهم”.

وأضاف غندور في تصريحات تلفزيونية، ردًّا على الهجوم الذي تعرض له، أنه حاول في الفيلم الموازنة بين الجانب الفني والجذب الجماهيري، ليكون قادرًا على الوصول بالفيلم إلى أكبر عدد من الناس.

ردود فعل متباينة

قال الكاتب سامح المحاريق: “أستغرب ممن يستغربون من فيلم الحارة، لمجرد أنهم يعيشون في عالم آخر، العالم النهاري البسيط، ويشكلون أغلبية الناس، ومع ذلك، فالفيلم لم يتأسس على فراغ”.

واعتبر المحاريق، أن فيلم الحارة “حقق اختراقًا أردنيًّا بين تفضيلات المشاهدين، وأخرجنا أخيرًا من حارة أبو عواد وتنميطها الاختزالي للشخصية الأردنية بصورة لم يعد لها مكان في عالم جديد”.

أما الكاتب الأردني فارس الحباشنة، فاعتبر أن “المخرج استسهل الحوار وتوظيف لغة بذيئة ودونية وساقطة اجتماعيًّا وأخلاقيًّا ولغة غرائزية”. وذهب الكاتب في مقالة له، إلى اعتبار أن المنصة العالمية الأضخم “نتفليكس” تقدم أفلامًا “فاقدة للذائقة الفنية والسنمائية، ومعيارها استهلاكي بطريقة ونهج الكابوي الأمريكي”.

مخرج العمل المثير للجدل، باسل غندور

مخرج العمل المثير للجدل، باسل غندور

الاحترافية ونبض الحدث

بدوره، اعتبر الصحفي الأردني موسى برهومة، أن “المخرج باسل غندور أثبت اقتداره وتفوّقه من خلال فيلم الحارة، الذي شارك فيه ممثلون أدوا أدوارهم باحترافية، واقتربوا من نبض الحدث، لأنهم ببساطة اقتربوا من نبض الحياة”.

وقال برهومة إن “طاقم التمثيل يستحق الإطراء والتقدير، وبخاصة ميساء عبد الهادي التي تتقدم بجرأة”، وتابع: “الفيلم ناجح، ولا يعاني من ترهل، أو خطابية، أو شعاراتية. ولم يأتِ استقباله عالميًّا في مهرجانات دولية مرموقة من أجل المخرج أو طاقم العمل، بل لأنه ترك أثرًا أرجو أن يصاحب كل من يطل على هذه التجربة السينمائية الشجاعة”.

رياحنة يعلق  

من جانبه، علق بطل الفيلم الأردني منذر رياحنة، على موجة الجدل الذي أثارها فيلم “الحارة”، قائلًا: “نحن لا نعيش في المدينة النبيلة، لأن العالم أجمع يستمع لهذه الألفاظ، ومن المستحيل أن أكون في بيئة تسمع هذه الألفاظ في كل مكان، وأخاف أن أقدمها في العمل لأن الجمهور حينها لن يصدقني، ومن لا يعجبه لا يحضر الفيلم”.

وأضاف رياحنة في تصريحات تلفزيونية: “قدمت مشهدًا في مسلسل تحضنني في الزوجة وأنا مريض، وقالوا إن المشهد خادش للحياء، كأن الموضوع ليس نقدًا بقدر ما هو تصيد فقط دون معرفة”.

الفنان الأردني منذر رياحنة

الفنان الأردني منذر رياحنة

أحداث الفيلم 

تدور أحداث فيلم الحارة في 5 فصول، صورت في الأحياء الشعبية لعمّان الشرقية وحاراتها وأزقتها الضيقة، التي تسيطر عليها النميمة والعنف بقدر كبير، حيث يعمل شاب مخادع كل ما أمكنه ليكون مع حبيبته، لكن والدتها تقف عائقًا أمام اكتمال قصتهما.

وعندما تلتقط كاميرا شخص مبتز مقطعًا مصورًا لهما في وضع حميمي، تلجأ الأم في الخفاء إلى عصابة لتضع حدًّا لما يحدث، لكن الأمور لا تجري كما خطط لها، وتتوالى الأحداث في إطار اجتماعي.

جوائز ومشاركات   

نال الفيلم إشادة واسعة من صناع الأفلام، وحظي بالعديد من الجوائز الفنية، من أبرزها جائزة الجمهور، وتنويه خاص من مهرجان مالمو للسينما العربية في السويد.

وفاز الفيلم بجائزة لجنة التحكيم الكبرى من مهرجان الفيلم الدولي الأول في أنوناي بفرنسا، وترشح لـ4 من جوائز النقاد للأفلام العربية، يقدمها مركز السينما العربية على هامش فعاليات الدورة الحالية من مهرجان كان.

وشارك فيلم الحارة في العشرات من المهرجانات الدولية، من أبرزها مهرجان لندن السينمائي ومهرجان روتردام السينمائي الدولي، فضلًا عن عرضه العالمي الأول في مهرجان لوكارنو السينمائي الدولي.

جائزة لجنة التحكيم الكبرى من مهرجان الفيلم الدولي الأول في أنوناي بفرنسا

جائزة لجنة التحكيم الكبرى من مهرجان الفيلم الدولي الأول في أنوناي بفرنسا
© Locarno Film Festival / Ti-Press / Alessandro Crinari

ربما يعجبك أيضا