في إطار سياسة “أقصى ضغط” .. عقوبات أمريكية تطال “ظريف” مسؤول ملف التفاوض

يوسف بنده

رؤية

في إطار سياسة أقصى ضغط التي تمارسها إدارة الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب على إيران، وفي إطار مساعي إدارة ترامب إلى معاقبة وزير الخارجية الإيراني، جواد ظريف، دوليا بالحد من تحركاته خارج إيران.

أعلنت وزارة الخزانة الأميركية، أمس الأربعاء، أنها قررت فرض عقوبات على وزير الخارجية الإيرانية.

وأعلن مسؤول في وزارة الخزانة الأميركية، لم يذكر اسمه، أن العقوبات على ظريف تشمل كل ممتلكاته في الولايات المتحدة الأميركية هو أو أي من عائلته، مضيفًا أن هذه العقوبات تأتي مواصلة لحملة الضغط القصوى التي تفرضها الإدارة الأميركية على إيران.

وأكد المسؤول الأميركي أن هذه الجولة من العقوبات لن تكون الأخيرة، وأن صبر إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب على إيران بدأ ينفد.

يذكر أن إدراج اسم الوزير محمد جواد ظريف على قائمة العقوبات كان سيتم مع آخر جولة للعقوبات الأميركية ضد طهران والتي تم فيها إدراج اسم المرشد الإيراني علي خامنئي، لكن تم التراجع عن ذلك في حينه.

“ظريف” يسخر

ومن جهته، علق وزير الخارجية الإيراني سريعًا على صفحته في “تويتر”، رغم التوقيت المتأخر في طهران، حيث أكد الوزير الإيراني أنه ليس هناك أدنى تأثير لهذه العقوبات عليه أو على أسرته، لأنهم ليس لديهم أي ممتلكات في الولايات المتحدة.

وأضاف ظريف أن هذه العقوبات تأتي بسبب أنه المتحدث الرسمي باسم إيران في المحافل الدولية، وأن واشنطن لا تريد للعالم أن يسمع صوت إيران.

وكان وزير الخارجية الإيراني قد قال في حوار اجرته معه صحيفة “نيويورك تايمز” خلال زيارته الى نيويورك قبل فترة: ان من يعرفني يعلم بأنه ليس لي ولا لأسرتي أي أموال خارج إيران. إنني لا أمتلك شخصيا حتى أي حساب بنكي خارج إيران. إيران هي كل حياتي وهي التزامي الوحيد، لذا فإنني لا مشكلة لدي شخصيا حيال فرض أي حظر محتمل ضدي.

وأضاف: ربما التأثير الوحيد – أو الهدف الوحيد احتمالا – من إدراج اسمي ضمن لائحة الحظر هو تقييد حركتي للتواصل وأشكك في أن يساعد هذا الأمر أحدا . من المؤكد أن هذا الإجراء سيقيد احتمال اتخاذ القرار بوعي في واشنطن.

روحاني: تصرف “طفولي”

وقد وصف الرئيس الإيراني، حسن روحاني، فرض الحكومة الأميركية العقوبات على وزير الخارجية الإيراني، بأنه تصرف “طفولي” وناتج عن “خوف” المسؤولين الأميركيين من “منطق ومقابلات” وزير الخارجية الإيراني.

وقال روحاني، اليوم الخميس مطلع أغسطس/ آب: “يتحدثون يوميًا عن المفاوضات ويفرضون الحظر على وزير خارجيتنا بسبب العجز عن مواجهة عقلانيته”.

وأضاف أن إدارة دونالد ترامب على الرغم من ادعاء “القوة العظمى”، تخشى “منطق ومقابلة دبلوماسي شجاع وقوي مثل ظريف”.

جاءت تصريحات روحاني في حفل افتتاح محطة هريس الكهرومائية لتوليد الكهرباء بعد أقل من يوم من قرار الحكومة الأميركية بفرض عقوبات على ظريف.

وقال روحاني: “إن ظريف يجري مقابلة في نيويورك، وهؤلاء يدّعون خائفين أن وزير الخارجية يقوم بتشويش الأفكار وتقديم مزاعم غير صحيحة. يدعون كل هذه الحريات الديمقراطية، ولکن بيتهم الأبيض اهتز من منطق عالم إيراني مقتدر. يعودون إلى السلوك الصبياني.. يرددون كل يوم نريد التحدث دون شروط مسبقة ثم يفرضون عقوبات على وزير الخارجية”.

المفاوض الرئيسي

يذكر أن ظريف كان هو المفاوض الرئيسي في المحادثات بين إيران والقوى العالمية الست التي أدت في النهاية إلى توقيع الاتفاق النووي في عام 2015. لكن مع انسحاب إدارة ترامب من الاتفاق النووي العام الماضي واستئناف العقوبات، ارتفعت حدة التوترات بين طهران وواشنطن.

وكانت الجمهورية الإسلامية قد حذرت سابقًا من أن فرض العقوبات على ظريف سيكون بمثابة إغلاق الباب أمام أي حوار محتمل بين إيران والولايات المتحدة.

كما دعا المسؤولون الأميركيون، وعلى رأسهم ترامب، مرارًا وتكرارًا، إلى إجراء مفاوضات مع إيران، لكن المسؤولين في الجمهورية الإسلامية اعتبروا أن أي محادثات مشروطة برجوع الولايات المتحدة للاتفاق النووي ورفع العقوبات.

وفي الأثناء، أكد روحاني أن “التفاوض يكون مع وزارة الخارجية، وعلى رأسها وزير الخارجية”. وقال: “كل يوم يدعون أنهم يريدون التفاوض مع إيران دون شروط مسبقة، وأنهم على استعداد للتفاوض في أي لحظة، وبعد ذلك يفرضون الحظر على وزير الخارجية”.

يشار إلى أن التوترات بين إيران والولايات المتحدة، خاصة في مياه جنوب إيران، دفعت البلدين إلى شفا صراع عسكري ما زالت نذره قائمة حتى الآن.

“بومبيو” يبرر

وقد رحب وزير الخارجية الأميركي، مايك بومبيو، بحظر نظيره الإيراني، محمد جواد ظريف، ووصفه بأنه قائد المبررين لخامنئي، وبأنه متعاون مع المافيا التابعة للمرشد في سلوكيات إيران المنتهکة للقانون.

وفي جانب آخر من تغريدته على “تويتر”، أمس الأربعاء، أشار وزير الخارجية الأميركي، إلى الحظر الأخير لمرشد الجمهورية الإسلامية، علي خامنئي، من قبل الرئيس الأميركي دونالد ترامب، وکتب أن خامنئي حقق ثروة على حساب الشعب الإيراني.

الحساب الفارسي لوزارة الخارجية الأميركية في ترجمته لتغريدة بومبيو، وصف ظريف بأنه أکبر “مداهن” يمارس التبرير لخامنئي، ويدير سلوك الحكومة الإيرانية من خلال “التمرد”.

وکان مكتب مراقبة الأصول الأجنبية التابع لوزارة الخزانة الأميركية، (أوفك)، قد أدرج، في نهار الأربعاء بتوقيت واشنطن، محمد جواد ظريف في قائمة عقوبات الحكومة الأميركية.

وجاء في بيان وزارة الخزانة الأميرکية أن ظريف تم إدراجه على قائمة العقوبات بسبب التعاون المباشر أو غير المباشر مع مرشد الجمهورية الإسلامية.

ردود أفعال

وصف المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، عباس موسوي، حظر ظريف بأنه “ذروة التناقض والغباء” من قبل القادة الأميركيين. وكتب في تغريدة: “إنهم لا يعتبرون أن ظريف له دور في السياسة الإيرانية ولكنهم يحظرونه بحماقة”.

وأكد موسوي أن “الأميركيين خائفون للغاية من منطق ظريف وفنه في التفاوض”.

كذلك، قال المتحدث باسم مجلس صيانة الدستور عباس كدخدائي ردا على فرض الولايات المتحدة الحظر على وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف بأن واشنطن لا تخشي من الصواريخ فحسب، بل من منطق إيران أيضا.

وغرد كدخدائي اليوم الخميس على  موقع التواصل الاجتماعي “تويتر”، أن فرض الحظر على وزير الخارجية الايراني يعني أن كافة تصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترامب وسائر مسؤولي إدارته بشان رغبتهم في الحوار والتفاوض، ليست إلا أكذوبة.

وأضاف أن فرض حظر على ظريف يعني كذب حرية التعبير التي تدعى الولايات المتحدة وجودها، وتابع أن هذا الحظر يعني أيضا سقوط تمثال الحرية.

كما قالت ويندي شيرمان، المسؤولة السابقة بوزارة الخارجية الأمريكية، وفي إشارة منها إلى ادعاء ترامب بالتفاوض غير المشروط مع طهران. إن قرار إدارة ترامب بفرض الحظر على وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف لا يدعم الدبلوماسية.

وأضافت شيرمان، التي كانت عضوة في فريق التفاوض النووي بإدارة أوباما في تغريدة على تويتر: فرض الحظر على وزير الخارجية لن يساعد في عملية التفاوض والدبلوماسية أبدا.

دعوة للتفاوض

هذا، وكان وزير الخارجية الإيراني، قد علق أمس الأربعاء، على اقتراح الولايات المتحدة بإجراء مفاوضات مباشرة، قائلا: “ليس لدينا أي تردد في التفاوض بشأن القضايا التي اتفقنا عليها”.

وأضاف وزير الخارجية الإيراني: “يجب على من تركوا طاولة المفاوضات الوفاء بالتزاماتهم”.

وانتقد ظريف العقوبات الأميركية مجددًا، قائلًا: “الحرب الاقتصادية ليست ضد الحكومة بل ضد الأطفال المرضى”.

ربما يعجبك أيضا