في إيران .. النظام يشدد قبضته والشعب قلق من مواجهة مصير سوريا

يوسف بنده

رؤية

يتباهى النظام في إيران بأنصاره في الشارع من قوات الحرس الثوري وقوات التعبئة (الباسيج)، ولذلك يركز على استعراضها في مناسبات التجمع مثل صلاة الجمعة ومناسبات واحتفالات الثورة بعد أسلمتها في إيران.

كذلك، في هذه الأيام، في ظل التهديدات التي تواجه مصير نظام ولاية الفقيه، يحرص النظام على الحفاظ على خصائص المجتمع الإيرانية الشكلية التي تعبر عن وجه النظام الحاكم، خشية من التمرد المجتمعي عليه. وأولى هذه الخصائص الشكلية مسألة الحجاب في إيران.

فقد كشف قائد الحرس الثوري الإيراني في محافظة كيلان، محمد عبدالله بور، أمس الأربعاء 5 یونیو/ حزيران عن تشکیل ألفي مجموعة مقاومة لتقديم “نصائح شفوية وعملية”، لمواجهة ما سماها ظاهرة “الحجاب السيئ”.

وقال عبدالله بور: إن استمرار الثورة الإسلامية مبني على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، مبينًا أن منظمة قوات التعبئة (الباسيج) تمكنت من إنشاء ألفي مجموعة في هذا الصدد.

وأكد قائد الحرس الثوري، في مدينة كيلان، أن “الحجاب ليس أمرًا عاديًا بل يعتبر قضية سياسية وأمنية للبلاد”.

وأضاف عبدالله بور، أن “العدو يخطط لهدم الأسرة الإيرانية من خلال تشجيع وإشاعة خلع الحجاب في إيران”.

والمرأة من العناوين المهمة التي تعبر عن مدى هيمنة السلطة الدينية في إيران. ولذلك دعا خطيب جمعة مدينة مشهد، شمال شرقي إيران، أحمد علم الهدى، الأحد الماضي 2 يونيو، إلى منع مذيعات البرامج الإخبارية من الظهور على الشاشة، فيما وصف بأنه جولة جديدة من الضغوط لمنع المذيعات من الظهور على القنوات التلفزيونية الإيرانية، أو لفرض مزيد من القيود عليهن.

وكانت منظمة العفو الدولية قد أطلقت حملة، في وقت سابق الأسبوع الماضي، دعت من خلالها الشعب الإيراني إلى إعادة نشر تغريدة تحت هاشتاج “لا للحجاب الإجباري”، للدفاع عن حقوق ملايين النساء الإيرانيات، مشيرة إلى قوانين الحجاب الإجباري وإلى أوضاع السجناء في مجال حقوق المرأة في إيران.

وجاء في نص تغريدة منظمة العفو الدولية على “تويتر”: “إن قوانين الحجاب الإجباري في إيران تعتبر تمييزية ضد المرأة، وتتحكم في أجسادهن”، مضيفة: “يجب أن يكون للمرأة الحق في اختيار ما تريد ارتداءه دون التعرض للاعتقال أو التعذيب أو السجن”.

وخاطبت التغريدة، التي نشرتها منظمة العفو الدولية، الحساب الرسمي للمرشد الإيراني علي خامنئي، وأعلنت عن دعمها وتضامنها مع النساء الإيرانيات.

وأضافت منظمة العفو الدولية أن الرقابة والتدقيق في حجاب المرأة لا يقتصر على الحكومة الإيرانية فحسب، بل يرى بعض البلطجيين في الشوارع أن من واجبهم توجيه النساء والحفاظ على قيم الجمهورية الإسلامية الإيرانية.

الخوف من القادم

وفي مقابلة مع صحيفة “اعتماد”، الإثنين الماضي 3 يونيو، تطرَّق الإصلاحي الإيراني البارز، مصطفى تاج زاده، إلى الأوضاع السياسية الحالية في إيران، وأشار إلى أن المجتمع الإيراني لم يصل بعد إلى تلخيص واضح حول ما يجب القيام به، تجاه المشاركة في الانتخابات وموقفه من الثورة على النظام الحالي، مضيفًا: “الإيرانيون يعرفون فقط أنهم لا يحبذون هذا الوضع، وبالطبع يعرفون أيضًا أن هذا الوضع لن يستمر. يعرفون أن حادثًا ما سيحدث. هذا الحادث يمكن أن يكون تسويةً أو حربًا مع الولايات المتحدة، ويمكن أن يكون انتخابات حرة أو عفوًا عامًا وإطلاق حرية السجناء أو حكومة عسكرية”.

وحول احتمالية وقوع حرب بين الولايات المتحدة وإيران، قال الناشط الإصلاحي: “بينما تؤکد إيران، وكذلك الولايات المتحدة، على عدم حدوث حرب، فلماذا يقلق العالم بشأن الحرب؟”.

ويستدرك تاج زاده مجيبًا: “لأنه يعلم أن هذه التَحضيرات يمكن أن تنتهي بالحرب. صحيح أن كلا من آية الله خامنئي، وترامب لا يريدان حربًا، لكن القضايا المتعلقة بالحرب ليست جميعها في أيدي هذين الزعيمين، وهناك عوامل مختلفة يمكن أن تؤثر في مسار الأحداث”.

وحول تفاصيل المشهد السياسي في الداخل الإيراني، قال مصطفى تاج زاده: “بشكل عام، يمكن تقسيم التوجه السياسي للإيرانيين إلى ثلاث فئات: نحو 15 في المائة يدافعون عن الجمهورية الإسلامية بجدية. والنسبة نفسها للذين يرون أن الجمهورية الإسلامية يجب أن ترحل، حيث إنه ما دام هذا النظام قائمًا، فالوضع سيزداد سوءًا.. النسبة الباقية، أي نحو 70 في المائة، ليسوا من الذين يريدون بقاء النظام تحت أي ظرف من الظروف، وليسوا من الذين يدافعون عنه تحت أي ظرف من الظروف، ولكنهم يراقبون الوضع، وهؤلاء إذا ما لبّت الجمهورية الإسلامية مطالبهم فلن تكون لديهم مشكلة معها؛ لكن إذا ما شعروا أن النظام يأخذ البلد نحو الحرب أو يضيّق عليهم الخناق، فقد يصلون إلى نتيجة ثورية، مثل بلدان المنطقة، ويقولون لا نستطيع الصبر، وأن هذا النظام يجب أن يرحل”!

الخوف من مواجهة مصير سوريا

ويقارن تاج زاده بين هذا الوضع والوضع الإيراني قبيل الثورة الإيرانية، قائلا: “الشيء نفسه فعلناه عام 1979، وبعد ذلك أدركنا أننا ارتكبنا خطأً، لأنك في جميع الظروف يجب أن ترى ما هو النظام البديل للنظام الذي تريد إسقاطه. إن ظلم النظام وحده لا يكفي للتمرد علیه، حيث يمكن أن يأتي نظام أكثر ظلمًا بدلاً منه، أو تحدث حالة من الفوضى تجعلك تتأسف وتترحم على الوضع السابق”، مضيفًا: “في بلدان مثل إيران، حيث لا تتمتع الديمقراطية بتاريخ ومكانة فيه، يمكن أن يؤدي نزول المواطنين إلى الشارع إلى عنف، وقد يكون لهذا العنف عواقب وخيمة على البلاد، مثلما شاهدنا في بلدان المنطقة. لذلك، لا نرحب بالمظاهرات لأنها إما تقمع بشدة ويصبح كل شيء بيد العسكريين، وإما تستمر الاحتجاجات في الشوارع وتسبب الفوضى. قد يتظاهر الموالون للنظام في الصباح، وتتظاهر المعارضة في الليل. وهذا سيجعل الوضع الاقتصادي أكثر صعوبة من اليوم. سابقًا كنا نخاف من أن تصبح إيران سوريا أخرى، واليوم علاوة على ذلك نخاف أن تصبح إيران فنزويلا أخرى، ومن الممكن أن تسقط كل الأنقاض على رؤوسنا، يعني من ناحية، سيكون لدينا اضطراب سياسي، ومن ناحية أخرى، نواجه زيادة جامحة في الأسعار. إذا ما ارتفع التضخم واحدًا في المائة، فلن تكون هناك بضاعة للبيع. فماذا ستكون فائدة المظاهرات؟”.

وفي المقابل يستعرض الناشط الإصلاحي موقف النظام الإيراني، والتخوفات الإصلاحية من أن تنزلق إيران إلى السيناريو السوري، قائلا: “عندما يقول النظام إذا لم تستسلموا لهذا الوضع، فستكون ايران سوريا أخرى، فإنني أقول يجب أن نكون حريصين على أن لا تصبح إيران سوريا أخرى، كلمتان تبدوان متطابقتين، ولكنهما في الواقع مختلفتان تمامًا. عندما تقول مؤسسة الإذاعة والتلفزيون إنكم يجب أن تسمعوا كل ما يقوله النظام ولا تعترضوا، حتى لا تكون إيران مثل سوريا. فإنني أقول العكس، وهو أن المقصّر الأول في تدمير سوريا هو النظام. وثانيًا المعارضة ضيقة الأفق، التي رفعت الأسلحة ولجأت إلى الأجانب، وثالثًا تدخل الأجانب الذي خلق هذا الوضع.. لقد تم تدمير سوريا لأن الأسد لم يوافق في البداية على تعديل الدستور، وهو ما وافق عليه بعد 6 سنوات من تدمير سوريا. لو وافق علی ذلك منذ البداية لما وصل الوضع إلی ما وصل إليه اليوم. وليس حال سوريا الآن إلا لأن الأسد رفض إجراء الانتخابات الحرة، ورفض حرية الصحافة، وحرية الأحزاب المعارضة.. لو قام بهذه الإصلاحات، لما تدمرت سوريا. وكلامي حول عدم تحول إيران إلى سوريا هو في الدرجة الأولى مع النظام، ثم مع الشعب والمعارضة، إذا كان النظام لا يريد أن تصبح إيران سوريا أخرى، فعليه على الفور إجراء إصلاحات كبيرة”.

ويشرح تاج زاده: “بمعنى آخر، يقول النظام حتی لا نصبح مثل سوريا، يجب أن لا يحتج الشعب على أي إجراء يتخذه النظام، حتى لو كان حربًا. أما أنا فأقول إنه لكي لا نكون مثل سوريا، فيجب على النظام، أولاً أن يقوم بإصلاحات اقتصادية وسياسية داخلية وخارجية. وإذا أصبحت إيران مثل سوريا، فالمسؤول الأول والأصلي هو النظام”.

وشدد الناشط الإصلاحي، مصطفى تاج زاده، على أنه لكي لا تصبح إيران مثل سوريا، “يجب أن تكون الانتخابات حرة، وأن نعترف بحرية الصحافة والأحزاب والنقابات، ونخلق جوًّا مفتوحًا غير أمني، وندعوا الإيرانيين في الخارج إلى إيران، ونجعل نمط الحياة حرًا، ونمهد لتعديل الدستور”.

واختتم تاج زاده: “إذا تم تنفيذ هذه الإصلاحات، فلا ينبغي لنا أن نشعر بالقلق من أن تصبح إيران سوريا أخرى”.

ربما يعجبك أيضا