في ذكرى الإنزال الكبير.. الناتو يتجه لتطويق روسيا في البلطيق

أحمد ليثي

يعتبر انضمام فنلندا والسويد إلى الناتو إشكاليًّا للغاية لأن روسيا حينها ستكون محاصرة بالكامل تقريبًا على ساحل بحر البلطيق باستثناء كالينينجراد وسانت بطرسبورج


بدأ حلف الناتو، يوم الأحد 5 يونيو 2022، تمرينات بحرية بقيادة الولايات المتحدة في بحر البلطيق، تستمر قرابة أسبوعين بمشاركة أكثر من 7 آلاف عنصر وجيوش 16 دولة.

وفقًا لبيان نشرته قيادة الأسطول السادس الأمريكي، قالت قيادة العمليات البحرية المشتركة بالحلف إن تمرين “22 BALTOPS – عمليات البلطيق” لا يأتي ردًا على أي تهديد محدد، فالمناورة بدأت منذ العام 1972، ولكن هذه المرة بمشاركة السويد وفنلندا اللتان طلبتا الانضمام للناتو.

فنلندا والسويد يهجران تاريخًا طويلًا من الحياد

تتمتع فنلندا والسويد بتاريخ طويل من الحياد العسكري، قبل أن تقرر حكومتهما التقدم بطلب للانضمام إلى حلف شمال الأطلنطي في مايو الماضي، نتيجة للحرب الروسية الأوكرانية التي بدأت في 24 فبراير. وفقًا للأسوشيتيد برس، وعلى مدار السنوات الماضية، حذرت موسكو هلسنكي وستوكهولم مرارًا من الانضمام إلى التحالف متوعدة باتخاذ إجراءات انتقامية.

وقالت رئيسة وزراء فنلندا، سانا مارين، ونظيرتها السويدية، ماجدالينا أندرسون، إن الحرب الروسية الأوكرانية غيرت المشهد الأمني في أوروبا بالكامل، ويشعر العديد من الفنلنديين والسويديين على نحو متزايد بأن الانضمام إلى الناتو سيساعدهم في الحفاظ على سلامة بلادهم، ما رفضته روسيا منوهة أن انضمام الدولتين للناتو من شأنه أن يحول المنطقة إلى جحيم.

وتتمتع السويد وفنلندا بقوات مسلحة قوية، لا سيما السويد التي تتمتع بقوات بحرية عالية العتاد والتدريب، وجمعتها مواجهات على طول الأعوام الماضية مع البحرية الروسية في مياه البلطيق وبحر الشمال.

انضمام فنلندا والسويد يترك روسيا حبيسة

بحسب تقرير موقع صوت أمريكا، المنشور في 6 يونيو 2022، شدد رئيس هيئة الأركان المشتركة، الجنرال مارك ميلي، في حديث مع رئيسة الوزراء السويدية على أن بحر البلطيق أحد أهم الممرات البحرية في العالم، لذلك شملت التدريبات 45 سفينة و 75 طائرة، مضيفًا أنه من المهم لحلف الناتو إظهار الدعم لهلسنكي وستوكهولم، لأن هذا من شأنه أن يضع روسيا في موقف صعب.

وقال إنه من وجهة نظر موسكو فإن انضمام فنلندا والسويد إلى الناتو إشكاليًّا للغاية، لأن روسيا حينها ستكون محاصرة بالكامل تقريبًا على ساحل بحر البلطيق، ودلل على أهمية المناورة الحالية بتحريك الولايات المتحدة للسفينة “يو إس إس كيرسارج” التي يبلغ ارتفاعها 255 مترًا، وتعتبر أكبر قطعة في البحرية الأمريكية بعد حاملات الطائرات.

الأمن الأوروبي مرتبط بالأمن الأمريكي

وفقًا للتقرير المنشور على موقع أيه بس سي نيوز الأمريكي، تجرى تدريبات “BALTOPS – عمليات البلطيق” مع مرور الذكرى 78 على إنزال نورماندي أو يوم الإنزال الكبير أو ما يعرف بـ D-Day، بمشاركة أمريكية واسعة، في دلالة على ارتباط أمن الولايات المتحدة بأمن أوروبا، وعمق الروابط العابرة للأطلنطي، وذلك ردًا على التهديدات الروسية.

وزار عدد من قدامى المحاربين الذين بلغوا التسعينيات من عمرهم موقع الإنزال الكبير على شواطئ نورماندي، لإحياء ذكرى ما يقرب من 160 ألف جندي من بريطانيا والولايات المتحدة وكندا وأماكن أخرى قضوا نحبهم على أرض أوروبية، بعد عامين من قيود الإغلاق التي أجبرت فرنسا على خفض أعداد المحتفلين.

إنزال نورماندي في فرنسا

دلالة المناورة في هذا التوقيت

وفقًا للبيان المنشور على موقع الأسطول السادس الأمريكي التابع للقوات البحرية، يوفر تمرين BALTOPS فرصة تدريب فريدة لتعزيز قدرات الاستجابة المشتركة والضرورية للحفاظ على حرية الملاحة والأمن في بحر البلطيق. وتشارك فيه دول بلجيكا وبلغاريا والدنمارك وإستونيا وفنلندا وفرنسا وألمانيا ولاتفيا وليتوانيا وهولندا والنرويج وبولندا والسويد وتركيا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة.

ومن جهته، قال قائد القوات البحرية وقوات الدعم التابعة لحلف الناتو والأسطول السادس الأمريكي، نائب الأدميرال، جين بلاك: “لقد تحدثنا في المرات السابقة أن هذه التمارين هي لمواجهة تحديات الغد، ولكننا الآن أمام هذه التحديات، ما يثبت أهمية شراكتنا الجماعية وتنمية قدراتنا، لأننا ندرك أهمية حرية الملاحة والدور الحيوي الذي يلعبه بحر البلطيق في الازدهار الأوروبي.”

شولتز في ليتوانيا.. لاستكمال التطويق

ووفقًا لرويترز في الخبر المنشور 7 يونيو 2022، قال المستشار الألماني، أولاف شولتز، خلال زيارة ليتوانيا، إن برلين مستعدة لتكثيف مهمتها العسكرية هناك، وقال للصحفيين: “نحن مستعدون لتعزيز مشاركتنا العسكرية وتطويرها، لتكوين لواء قتالي قوي، فألمانيا أرسلت مئات من القوات الإضافية بالفعل، ونشرت حوالي 1000 جندي كجزء من وحدة قتالية بقيادة ألمانيا في الناتو.”

وردّا على سؤال بشأن التقارير التي تفيد بأن إسبانيا تخطط لإرسال دبابات قتال رئيسية من طراز ليوبارد ألمانية الصنع إلى أوكرانيا، قال شولتز إن برلين لم تتلق بعد طلب تصدير من الحكومة في مدريد، في حين ذكرت مصادر حكومية إسبانية نقلًا عن صحيفة إلباييس اليوم الثلاثاء أن مدريد تريد تزويد كييف بصواريخ مضادة للطائرات ودبابات ليوبارد.

شولتز

الولايات المتحدة ترحب بمشاركة الدنمارك في تأمين المحيط الأطلنطي

في سياق متصل، نشر موقع الخارجية الأمريكية بيان للوزير، أنتوني بلينكن، قال فيه إن علاقة بلاده بالدنمارك وثيقة وممتدة على مدى قرنين من التعاون الوثيق والمتجذر لترسيخ القيم الديمقراطية المشتركة، والدفاع عن الحرية، والأمن الجماعي، وحقوق الإنسان، والعمل معًا للدفاع ضد التهديدات التي تتعرض لها الديمقراطية.

وشدد بلينكن على أن الدنمارك شريكة مع بلاده في الدفاع عن أمن المحيط الأطلسي، والتنسيق “لمحاسبة روسيا عن عدوانها غير المبرر على أوكرانيا”، لذلك تتطلع الولايات المتحدة إلى تنمية شراكتها القوية مع مملكة الدنمارك، بما في ذلك جرينلاند وجزر فارو ، وتعزيز العلاقات على المستوى الشعبي بين البلدين.

ربما يعجبك أيضا