في ذكرى قاسم سليماني .. المليشيات الإيرانية في مرمى القاذفات الأمريكية

يوسف بنده

رؤية

بدأت إيران إحياء الذكرى السنوية الأولى لمقتل جنرالها الأشهر قاسم سليماني بغارة قرب مطار بغداد، في حين عززت واشنطن حضورها العسكري بالمنطقة، تحسباً لهجوم قد يستهدف قواتها في العراق.

وقال قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني إسماعيل قاآني إن “اغتيال قاسم سليماني قائد الفيلق السابق لن يمنع إيران من مواصلة المقاومة”.

وحسب تقرير شبكة بي بي سي، فقد أكد، خلال كلمته خلال مراسم الذكرى الأولى لتأبين سليماني، موجها حديثه لواشنطن “قد يأتي فرد من داخل بيتكم يرد على جريمتكم”.

وأكد قاآني أن بلاده لا تزال مستعدة للرد على اغتيال سليماني الذي استُهدف في غارة بطائرة مسيّرة ضربت موكبه في العراق.

ونقلت وكالة فارس للأنباء عن قاآني تأكيده أن مسار قوة القدس والمقاومة “لن يتغير بالأفعال الخبيثة التي تصدر من الولايات المتحدة”.

وأضاف “الشهيد سليماني تميز بمنطق قوي وسليم في كل ميدان دخله واستبدل كل تهديد بفرصة يستثمرها وكان يسير تحت ظل القائد ويمضي على درب المقاومة”.

وأضاف قاآني أن “صمود لبنان والتحرير في سوريا والعراق تحقق كله بجهود الشهيد سليماني، وأبناء المقاومة لا زالوا يتقدمون وهذا هو طريق الشهيد سليماني”.

ووجه قآاني رسالة إلى واشنطن وترامب، وفقا لوكالة تسنيم الإيرانية، قائلا “لقد سعيتم طوال 30 سنة إلى اغتيال القائدين سليماني والمهندس. وأردف أن “جريمة الاغتيال هذه فتحت الباب أمام أبناء الأمة الأحرار للانتقام”.

ذريعة للحرب

من جانبه اتهم محمد جواد ظريف وزير الخارجية الإيراني واشنطن بمحاولة “اختلاق حجج لشن هجوم على بلاده”، متعهدًا بأن طهران ستدافع عن نفسها بقوة.

وكان البنتاجون قد نقل قاذفتين استراتيجيتين من طراز “بي-52” إلى الشرق الأوسط كرسالة ردع لإيران بالتزامن مع ذكرى اغتيال سليماني.

واتهمت واشنطن سليماني بأنه كان المخطط للهجمات التي شنتها ميليشيات موالية لإيران في العراق على القوات الأمريكية في المنطقة.

وبعد أيام من اغتيال سليماني شنت طهران هجوما صاروخيا على قاعدة عسكرية عراقية تنتشر فيها قوات أمريكية، كما أسقط عناصر الحرس الثوري طائرة مدنية أوكرانية بطريق الخطأ بعد إقلاعها من مطار طهران الدولي.

وقتل إلى جانب سليماني نائب رئيس هيئة الحشد الشعبي العراقي، أبو مهدي المهندس وشخصيات أخرى من الميليشيات التي تدعمها إيران، في ضربة عسكرية أمر بها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.

طهران تسحب يدها

كشف مسؤول أمريكي بـ «البنتاجون» لوسائل إعلام أمريكية ودولية عن معلومات استخبارية هي الأكثر إثارةً للقلق منذ اغتيال سليماني القائد السابق لـ «فيلق القدس» الذراع الخارجية لـ «الحرس الثوري» بحوزة واشنطن، تُنذر بتهديد جدي وخطير حول هجمات معقدة وشيكة بالعراق ستستهدف القوات الأمريكية.

ودعا المسؤول العسكري طهران إلى سحب يدها من أي هجمات يتم الإعداد لها في ‫العراق، ‏كاشفاً النقاب عن تسجيل تدفق كبير للسلاح من إيران إلى ‫العراق أخيراً.

ويأتي كلام المسؤول، الذي لم يكشف عن اسمه، في وقت أعلن فيه «البنتاجون» إرسال قاذفتين جويتين من طراز «بي- 52» في مهمة خاصة إلى الشرق الأوسط.

وفي بيان، قالت القيادة الوسطى الأمريكية (سنتكوم)، التي تشرف على العمليات العسكرية في المنطقة، إن نشر القاذفتين بمنزلة «رسالة ردع واضحة لأي شخص ينوي إلحاق الضرر بالأمريكيين أو المصالح الأمريكية».

وقال قائد «سنتكوم» الجنرال فرانك ماكنزي: «نحن لا نسعى إلى الصراع، لكن لا ينبغي لأحد أن يقلل من قدرتنا على الدفاع عن قواتنا، أو التصرف بشكل حاسم رداً على أي هجوم».

في المقابل، تحدثت شبكة CNN عن انقسام في «البنتاجون» حول احتمال وقوع هجوم، ونقلت عن مسؤول دفاعي قوله إن «الجيش لا يعتقد أن هجوماً يوشك أن يحدث، ولكن يتخذون كل الإجراءات للتأكد من ردع إيران وحماية القوات الأمريكية».

استنفار إيراني

حسب تقرير صحيفة الجريدة الكويتية، فإن هناك حالة استنفار بالفعل في طهران، وتم إلغاء جميع إجازات العسكريين منذ أمس الأول، وعُززت الدفاعات حول المنشآت الحيوية والنووية، كما نُظمت مناورات عاجلة في بحر عمان.

وفيما بدا أنه رد على دعوة «البنتاجون» لإيران لسحب يدها من أي هجوم، قال مصدر في «فيلق القدس»، إن «طهران لن تبادر إلى أي تصعيد عسكري، وفي حال وقعت هجمات فإن فصائل عراقية خارجة عن طاعة إيران قد تكون وراءها».

وإذ لم يستبعد وقوع أعمال عسكرية في الأيام القليلة المقبلة، أكد المصدر أن طهران أوصلت موقفها واضحاً لواشنطن عبر بغداد، كما أنها أكدت للأخيرة أنها ضد أي تصعيد بالعراق.

وبينما هدد قائد «فيلق القدس» إسماعيل قآني باغتيال ترامب، قال الرئيس الإيراني ​حسن روحاني​ أمس، إن بلاده وشعوب المنطقة «ستنتقم في الوقت المناسب لمقتل قائد ​فيلق القدس​ السابق ​قاسم سليماني​»، لكنه حذّر من محاولات «بث التفرقة وإضعاف الحكومة»، مشدداً على أن «ترامب سيرحل بعد ثلاثة أسابيع من ​الإدارة الأمريكية​ والحياة السياسية».

من ناحيته، كتب وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف في تغريدة على «تويتر»: «مع نهاية عام من الألم، دعونا نأمل في بدايات جديدة بالعام المقبل، تُنهي حقبة من الجنون وازدراء القانون والتعددية- حقبة استمرت أربع سنوات وتسببت في الكثير من إراقة الدماء والإرهاب والوحشية».

وفي تغريدة أخرى، قال ظريف إن هناك «معلومات من العراق تشير إلى مخطط أمريكي لخلق ذريعة للحرب»، مضيفاً: «لا نسعى للحرب لكن سندافع عن شعبنا وأمننا ومصالحنا الحيوية».

أما في بغداد، فيخشى المراقبون الأسوأ، ويتوقعون انهيار حكومة مصطفى الكاظمي إذا حدث بالفعل تصعيد أمريكي- إيراني على الأراضي العراقية. ويقول الباحث في مؤسسة القرن سجاد جياد إن «احتمال انهيار الحكومة كبير. الجماعات الصغيرة الموالية لإيران لها حلفاء سياسيون يمكنهم الإطاحة» بالكاظمي في البرلمان خصوصاً وسط التوتر بين رئيس الحكومة وميليشيات «عصائب أهل الحق» و«كتائب حزب الله».

وكانت تقارير أفادت بأن عدداً من قيادات الفصائل العراقية المسلحة الموالية لإيران بالعراق، غادروا بغداد ولجأوا إلى أماكن آمنة، وبعضهم انتقل إلى إيران خوفاً من أي رد فعل أمريكي ضدهم.

دولتان متورطتان

كشفت السلطات الإيرانية، مساء الأربعاء، عن توصلها إلى كل تفاصيل خطة اغتيال قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني، الجنرال قاسم سليماني، مؤكدة تورط دولتان في الجريمة.

وقال مساعد رئيس البرلمان الإيراني للشؤون الدولية، حسين أمير عبداللهيان، في مقابلة مع قناة “خبر” الإيرانية، “اتضح لنا أيضا من خلال التحقيقات التي أجرتها السلطات الإيرانية، في أي بلد كانت غرفة القيادة العسكرية التي نفذت الاغتيال، كما اتضح لنا الدولة التي أعطت معلومات للأمريكيين عن وصول قاسم سليماني إلى بغداد”.

وتابع عبداللهيان، “هناك دولتان متعاونتان في قضية الاغتيال، سيكشف القضاء عنهما في الوقت المناسب عندما تنتهي كافة الإجراءات اللازمة”، مشيرا إلى أنه “أصبح لدينا قائمة من 48 شخصا وبأسماء معروفة، تضم القادة والجناة الأمريكيين، وقد تم رفع دعوى ضدهم”.

وكان المدعي العام في طهران، علي القاصي مهر، اتهم الأربعاء، شركة G4S البريطانية، المسؤولة عن أمن الطيران في مطار بغداد الدولي، بالتورط في اغتيال سليماني.

وقال إن “الشركة البريطانية زودت الجيش الأمريكي في العراق بموعد وصول الطائرة، التي كانت تقل قاسم سليماني”، كما اتهم ألمانيا بالتورط في عملية اغتيال سليماني، مشيرا إلى أن إيران “منحت 6 دول هي العراق وسوريا وقطر والكويت ولبنان والأردن، تمثيلاً قضائياً للتحقيق في اغتيال سليماني، وتسلمنا مؤخراً نتيجة التمثيل القضائي من العراق”.

ربما يعجبك أيضا