عيد العمال.. حكاية 3 قرون من الكفاح

شيرين صبحي
قصة كفاح العمال

ما هي قصة عيد العمال؟ ولماذا يحتفل به العالم في 1 مايو من كل عام؟


تحتفل العديد من دول العالم، اليوم الاثنين 1 مايو 2023، بعيد العمال العالمي، الذي يصادف الأول من شهر مايو من كل عام.

يأتي الاحتفال بهذا اليوم تخليدًا لذكرى من سقط من العمال وقياداتهم الذين دعوا إلى تحسين ظروف العمل وتحديد عدد ساعاته بـ8 ساعات يوميًّا، بعدما كان عدد ساعات العمل في اليوم تتراوح بين 10 إلى 16 ساعة، لمدة 6 أيام في الأسبوع.

حركة 8 ساعات يوميًّا

عندما بدأت الثورة الصناعية في بريطانيا، تحولت حياة العمال داخل المصانع الكبيرة إلى جحيم، وفي ذلك الحين كان عمل الأطفال شائعًا، دون أي اعتبارات للأمن الصناعي أو الصحي أو انتشار الأوبئة بين العمال خاصة الأطفال.

هذا الجحيم الذي عاشه العمال كان سببًا في ظهور حركة “8 ساعات يوميًّا”، وهي إحدى الحركات الاجتماعية التي سعت إلى تنظيم يوم العمل ومنع التجاوزات والانتهاكات.

اقرأ أيضًا| إنفوجراف| قرارات الرئيس المصري خلال احتفالية عيد العمال

تحسين ظروف الطبقة العاملة

روبرت أوين الذي عاش خلال الفترة من (1771-1858)، هو أحد مؤسسي “الاشتراكية الطوباوية”، وكان أول من طالب بالعمل لمدة 8 ساعات فقط يوميًّا، وصاغ شعار: “8 ساعات عمل، 8 ساعات راحة، 8 ساعات ترفيه”.

في عام 1866، تبنت رابطة العمال الدولية، مطالب العمال بتحديد 8 ساعات للعمل يوميًّا، وأعلنت أن “الحد القانوني ليوم العمل هو شرط أولي، وبدون توفيره ستفشل جميع المحاولات لتحسين ظروف الطبقة العاملة وتحريرها”.

بعدها بعام واحد، اعتبر كارل ماركس، في كتابه “رأس المال”، أن ذلك ذو أهمية حيوية لصحة العمال، قائلًا: “إن الإنتاج الرأسمالي يتسبب، من خلال تمديد يوم العمل، لا في تدهور قوة العمل البشري، عن طريق سلبه الظروف المعنوية والمادية الطبيعية للنمو والنشاط فحسب، وإنما يتسبب أيضًا في استنفاد وموت هذه القوة العاملة نفسها”.

فرسان العمل في شيكاغو

في عام 1884، قرر اتحاد النقابات المنظمة والنقابات العمالية في شيكاغو بالولايات المتحدة الأمريكية، في اتفاقيته، أن “8 ساعات عمل تشكل يوم عمل قانوني اعتبارًا من 1 مايو 1886 وصاعدًا، مع توصية كافة المنظمات العمالية بجميع أنحاء الولاية القضائية بتوجيه القوانين التي تتوافق مع هذا القرار”.

وفي 1 مايو عام 1886، رفضت قيادة “فرسان العمل” بقيادة تيرينس ف. باودرلي، النداء للانضمام لحركة الإضراب، لكن العديد من القيادات وجمعيات “فرسان العمل” المحلية انضمت إلى نداء الإضراب في شيكاغو وسينسيناتي وميلووكي.

ألبرت بارسونز

قاد رئيس “فرسان العمل” في شيكاغو ألبرت بارسونز (1848-1887)، وزوجته لوسي بارسونز وطفلاهما مظاهرة من 80 ألف شخص في شارع ميشيجان، بشيكاجو.

وخلال أيام قليلة انضم إليهم في جميع أنحاء البلاد ما بين 350-400 ألف عامل، مطالبين بتحديد ساعات العمل والحصول على مستحقاتهم كافة، تحت شعار “8 ساعات عمل، 8 ساعات راحة، 8 ساعات ترفيه”.

احتجاجات وعنف

في 3 مايو عام 1886، تحدث محرر صحيفة العمال، أوجست سبايز (1855-1887)، في أحد الاجتماعات إلى 6 آلاف عامل، لينتقل بعدها الكثير منهم إلى الشارع لمهاجمة بعض المندسين الذين حاولوا كسر الإضراب، فتدخلت الشرطة وأطلقت النار، فقتلت 4 أشخاص، وأصابت الكثيرين.

في اليوم التالي واحتجاجًا على هذا العنف، انفجرت قنبلة ألقاها مجهولون في ساحة هايماركت، أودت بحياة 8 من رجال الشرطة، وأصابت 77 آخرين، فهاجمت الشرطة وقتلت عددًا من الأشخاص وأصيب أكثر من 200 بجروح بالغة.

ألقي القبض على عدة أشخاص بدعوى أنهم تسببوا في أحداث العنف، وحكم على 5 منهم، من بينهم سبايز وبارسونز، بالإعدام، ثم اتضح فيما بعد براءتهم.

كيف بدأ تقليد عيد العمال؟

في ديسمبر عام 1888، اجتمع الاتحاد الأمريكي للعمل في سانت لويس وقرر اعتبار 1 مايو عام 1890 اليوم الذي لا يجب أن يعمل فيه العمال الأمريكيون أكثر من 8 ساعات.

وأقرت جمعية العمال الدولية “الدولية الثانية”، التي اجتمعت في باريس عام 1889، إعلان الأول من مايو يومًا لإطلاق المظاهرات، ومن هنا بدأ تقليد عيد العمال.

وبلغ ذروة نضال الحركة العمالية في الولايات المتحدة الأمريكية، عام 1894، حينما قتل الجيش الأمريكي عددًا من العمال المتظاهرين، وهو ما شكل ضغطًا كبيرًا على الرئيس الأمريكي وقتها، جروفر كليفلاند، ودفعه إلى التصالح مع حزب العمال، بتشريع عيد العمال، وإعلانه عطلة رسمية في البلاد، تخليدًا لذكرى أوجست سبايز ورفاقه.

اقرأ أيضًا للقطاعين العام والخاص.. موعد إجازة عيد العمال في مصر

اقرأ أيضًا الشرطة الفرنسية تشتبك مع محتجين في مسيرات عيد العمال

ربما يعجبك أيضا