قال بوتين وصدقه ترامب.. شبح التدخل الروسي لا يزال حاضرًا

ولاء عدلان

كتبت – ولاء عدلان

الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لا يتوقف عن إثارة الجدل ورفع درجة حرارة العالم يوما بعد يوم، بالأمس لجأ إلى عالمه الافتراضي ليعبر عن قلقه من احتمالات التدخل الروسي في الانتخابات الأمريكية المقبلة لدعم الديمقراطيين، وذلك بعد أيام قليلة من قمته التارخية مع الرئيس الروسي فلادمير بوتين وما تبعها من حملة انتقادات لاذعة وصلت إلى حد وصف ترامب بـ”الخائن” والساذج.

غرد ترامب مساء الثلاثاء قائلا: لدي قلق عميق من أن روسيا ستحارب بقوة كبيرة لتحظى بتأثير على الانتخابات المقبلة، وبناء على حقيقة أنه لا يوجد رئيس أكثر شدة حيال روسيا مني، فإنهم “الروس” سيدفعون بشدة باتجاه الديمقراطيين، بالتأكيد هم لا يريدون ترامب.

كيف لا تريد موسكو ترامب؟
بحسب تقارير الاستخبارات الأمريكية عام 2016 شكل التدخل الروسي سببا رئيسيا في ترجيح كفة ترامب مقابل هيلاري كلينتون مرشحة الحزب الديمقراطي، وذلك عن طريق عشرات الهجمات الإلكترونية التي طالت البريد الإلكتروني الخاص بكلينتون ومساعديها، وخلال الفترة الأخيرة وجه روبرت مولر المدعي الخاص المكلف بالتحقيق في فضيحة التدخل الروسي اتهامات مباشرة لـ 12 عنصرا من الاستخبارات الروسية بقرصنة أجهزة تابعة للحزب الديمقراطي وتمويل مئات الأخبار المضللة على مواقع التواصل الاجتماعي.

ورغم ذلك لم يوجه ترامب أي اتهام يذكر لموسكو تحت سماء هلسنكي، بل أنه صرح للصحفيين عقب قمته مع بوتين قائلا: أصدق الرئيس بوتين.. روسيا لم تقم بذلك ولا أرى أي مبرر لذلك، كلمات وجهت بشكل مباشر ضربة قاضية للاستخابرات الأمريكية لم تكن في محلها، من وجهة نظر الرأي العام الأمريكي.

يقول رئيس مجلس النواب الجمهوري بول ريان، إن أجهزة المخابرات الأمريكية قد خلصت جميعها إلى أن روسيا قد تدخلت في الانتخابات، لذا كان يجب على الرئيس أن يقدر أن روسيا ليست حليفتنا، ويركز بشكل أكبر على محاسبتها ووضع حد للهجمات الخسيسة على الديمقراطية.

فيما وصف جون ماكين المرشح الجمهوري السابق للرئاسة القمة برمتها بـ”الخطأ المأسوي” قائلا: كان المؤتمر الصحفي الذي عقد في هلسنكي أحد أكثر الإطلالات المخزية في الذاكرة لرئيس أمريكي، من الصعب حساب الضرر الناجم عن سذاجة الرئيس ترامب، الأنانية والتعاطف مع الحكام المستبدين، من الواضح أن القمة في هلسنكي كانت خطأً مأساوياً.

المدير السابق للاستخابرات الأمريكية جون برينان قال في تغريدة عقب قمة هلسنكي:  يرقى أداء مؤتمر دونالد ترامب مع الصحفي في هلسنكي إلى مستوى الجرائم الكبرى، لم يكن الأمر أقل من الخيانة، لم يكن ترامب معتوهاً فحسب، بل هو الآن في جيب بوتين.

من جانبها قالت هيلاري كلينتون: لقد كان هجومًا إلكترونيًا واسعًا للغاية وناجحًا على نظامنا الانتخابي،  والغموض الكبير هو لماذا لم يتحدث الرئيس عن بلدنا؟، من الصعب على أى شخص يؤمن بالحرية أن يتوافق مع الرئيس الروسي ويريد “ترامب” أن يكون صديقه لأسباب لا نزال نحاول اكتشافها.

الرئيس الروسي قال في مستهل المؤتمر الصحفي المشترك مع ترامب والمثير للجدل: إنه تناول موضوع “التدخل” المزعوم مع ترامب، واضطر ليجدد للرئيس الأمريكي ما قاله مرارا، وهو أن الدولة الروسية لم ولن تتدخل أبدا في الشؤون الداخلية الأمريكية، بما في ذلك العمليات الانتخابية، مبديا استعداده لاستقبال محققين من واشنطن لاستكمال تحقيقاتهم مع أي من المشتبه بهم من مواطنيه.

قال بوتين وصدقه ترامب.. واليوم يتهمه بمحاولة اللعب ضده في الانتخابات الأمريكية المقبلة، والمقصود هنا انتخابات التجديد النصفي للكونجرس المقررة في نوفمبر المقبل والتي قد تهز عرش الجمهوريين بحسب توقعات الكثير من الخبراء، بل أن البعض يرى أن ترامب بدون “روسيا” سيخسر حتما.

ترامب ذهب بعيدا الإثنين الماضي عندما طالب بشكل مباشر في تغريدة جديدة بإلغاء التحقيقات في “روسيا جيت” بالقول: يجب أن يتخلوا عن تحقيق مولر الذي فقد مصداقيته الآن.

إذا كان الرئيس الأمريكي يخشى التدخل الروسي في الانتخابات المقبلة، فكيف يحاول إجهاض تحقيقات مولر، هذا التناقض ليس جديدا على ترامب، وكثيرا ما يلجأ له عندما يحاط بالانتقادات، فالهجوم خير وسيلة للدفاع من وجهة نظره، لكن مخاوفه هذه المرة هي في محلها تماما لكن الهدف بالطبع لن يكون “الجمهوري”.

في مطلع العام توقع  وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو – عندما كان مديرا للمخابرات الأمريكية- أن تستهدف روسيا انتخابات التجديد النصفي للتأثير على النتائج.

وتوقعت كلينتون في تصريحات صحفية الأسبوع الماضي، أن يستهدف عملاء روس الانتخابات النصفية لهذا العام، وقالت إن إدارة ترامب لا تفعل ما يكفى لمواجهة مثل هذه الجهود.

يبدو أنه لا مفر من تدخل روسيا في الانتخابات الأمريكية المقبلة، لكنه بالطبع لن يكون ضد رجلها “ترامب” الذي لا يخفي إعجابه بالقيصر ضاربا عرض الحائط بمبادئ البيت الأبيض وتعارض المصالح بين موسكو وواشنطن في العديد من الملفات، والأهم من ذلك أن روسيا لن تعود عن طريق أثبت نجاعته في التأثير على سياسات الدول العظمى.. أنها القرصنة الإلكترونية حيث القدرات غير المحدودة وقلب الحقائق.
 

ربما يعجبك أيضا