قبيل لقائه بـ«بايدن».. الكاظمي ينشد الآمال في الحوار الأخير

دعاء عبدالنبي

كتبت – دعاء عبدالنبي

وسط تصعيد من قبل الميليشيات الموالية لإيران في العراق، يتوجه رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي على رأس وفد حكومي للولايات المتحدة للقاء الرئيس الأمريكي جو بايدن وبحث عدد من الملفات على رأسها مسألة الحوار الاستراتيجي وأزمة الكهرباء والاقتصاد والتعاون الأمني، فضلا عن ملف انسحاب القوات الأجنبية من العراق، في وقت تشهد البلاد تصعيدًا أمنيًا تزامنًا مع العملية الانتخابية التي تخللتها عمليات شراء الأصوات وسط مقاطعة كتل سياسية لها، فهل ينجح الكاظمي في طي الملفات العالقة مع إدارة بايدن؟ أم تشهد المرحلة المقبلة مزيدًا من التصعيد في ظل الرهانات الإقليمية والضغوطات الداخلية التي يواجهها العراق!

الكاظمي في واشنطن

على رأس وفد حكومي، توجه رئيس الحكومة العراقية مصطفى الكاظمي، اليوم الأحد، إلى الولايات المتحدة الأمريكية معتبرًا زيارته إلى هناك “ترسيخا للعلاقات مع واشنطن”، وذلك في إطار زيارة رسمية تستغرق عدة أيام سيتم خلالها بحث العلاقات بين البلدين في مختلف المجالات والقضايا الثنائية ذات الاهتمام المشترك.

ونقل البيان عن الكاظمي قوله: إن “هذه الزيارة تأتي في إطار جهود العراق لترسيخ علاقة وثيقة مع الولايات المتحدة الأمريكية، مبنية على أسس الاحترام المتبادل والتعاون الثنائي في مختلف المجالات”، مُضيفًا أن “الزيارة تتوج جهودا طويلة من العمل الحثيث خلال جلسات الحوار الاستراتيجي لتنظيم العلاقة الأمنية بين البلدين على أساس المصلحة الوطنية العراقية”.

ومن المقرر أن يلتقي رئيس الحكومة العراقية مصطفى الكاظمي، يوم غد الإثنين، الرئيس الأمريكي جون بايدن في البيت الأبيض.

ملفات ساخنة

تتوالى الملفات العالقة التي يسعى الكاظمي لبحثها في أول لقاء له مع الرئيس الأمريكي جو بايدن، ضمن جولة جديدة من جولات الحوار الاستراتيجي بين العراق والولايات المتحدة هي الرابعة من نوعها، لمناقشة ملف العلاقات بين البلدين، بما في ذلك جدول الانسحاب الأمريكي والتعاون الاستراتيجي والاقتصادي بين البلدين.

تأتي زيارة الكاظمي في ظل ظروف أكثر تعقيدًا من الجولات السابقة، وذلك تزامنًا مع الأحداث المتصاعدة أمنيًا في العراق مع إجراء انتخابات عامة أشد تعقيدًا، وخصوصًا بالنسبة للكاظمي الذي لم يعلن حتى الآن، عن ترشيح نفسه، وهذا أمر يصعب تصور أن الإدارة الأمريكية لا تضعه في اعتبارها، وحتماً سوف تكون له تأثيرات سلبية على رهانات واشنطن المستقبلية على شخص الكاظمي ضمن مخرجات الحوار المنتظر.

تصريحات الكاظمي السابقة خلال اجتماع مع حلف الناتو في بروكسل، عكست حجم الهموم والتعقيدات التي يواجهها، وتحديدًا فيما يتعلق بحاجة العراق للمساعدات العسكرية والتدريبية من قبل قوات التحالف الدولي، وإدراكه من ناحية أخرى لثقل المطالب الشعبية بضرورة إنهاء وجود القوات الأجنبية وليس مجرد جدولة انسحابها؛ لذلك ركز في حديثه على مسألتين: الأولى الحفاظ على تقدم الحوار الاستراتيجي الذي بدأ عام 2020 مع التحالف، وإيجاد آليات زمنية وفنية لسحب القوات القتالية واستمرار التعاون في كل المجالات.

أما المسألة الثانية فهي إظهار جدية الضجر العراقي؛ كونه أضحى ساحة صراع وتصفية حسابات أمريكية إيرانية، ومطالبته بضرورة تحرير العراق من هذه المعادلة المعرقلة لأمنه واستقراره.

تعقيدات قد تعوق الوصول إلى نتائج مرضية في الحوار الاستراتيجي المنتظر مع الأمريكيين بفعل اقتراب موعد إجراء الانتخابات العامة، وازدياد حدة الاحتقان الداخلي في صفوف الحشد الشعبي لتصفية الحسابات مع الأمريكيين والرد على عملياتهم العسكرية الأخيرة، إضافة إلى ضغوط أزمة انقطاع الكهرباء التي أدت بالكاظمي إلى قبول استقالة وزير الكهرباء، وترؤسه بنفسه لهذه الوزارة وإدارته للأزمة، وهو موجود في بروكسل.

الحوار الأخير

وفقا لما أعلنته السلطات العراقية، فإن حوارها الاستراتيجي الرابع مع واشنطن سيكون الأخير، حيث من المقرر أن يضع جدولاً زمنياً للانسحاب الأمريكي من العراق، ويعقد اتفاقات أمنية وعسكرية وفي مجالات الطاقة والصحة وجائحة كورونا، والعودة للاتفاق الموقع بينهما في 2008 بحسب تصريحات وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين.

يشار إلى أن العراق والولايات المتحدة كانا قد وقعا عام 2008 على «قانون الاتفاقية الأمنية بين الولايات المتحدة والعراق» و«قانون اتفاقية الإطار الاستراتيجي لعمل القوات الأمريكية في العراق».

وتتضمن البنود الأساسية في هذا الاتفاق انسحاب القوات الأمريكية من البلدات العراقية بحلول منتصف عام 2009 وأن تغادر البلاد بشكل كامل بحلول 31 ديسمبر عام 2011.

أما القوات الأمريكية التي بقيت في العراق بعد نهاية 2011 فإن مهامها الأساسية هي تدريب القوات العراقية لا المشاركة في مهام قتالية وهي مضطرة إلى البقاء خارج القصبات والمدن في أماكن وقواعد متفق عليها بين الطرفين.

ولا يزال هناك حوالي 3500 جندي أجنبي على الأراضي العراقيّة بينهم 2500 أمريكي لكنّ إتمام عمليّة انسحابهم قد يستغرق سنوات.

من جهته، قال رئيس الوزراء العراقي، مصطفى الكاظمي: إن بلاده لم تعد بحاجة إلى قوات قتالية أمريكية لمحاربة تنظيم داعش، إلا أن الإطار الزمني الرسمي لإعادة انتشار القوات سيعتمد على نتيجة المحادثات التي ستجرى مع لبمسؤولين لبأمريكيين هذا الأسبوع، على حد قوله.

وفي ظل التعقيدات الداخلية والإقليمية تبقى مهمة الكاظمي لطي الملفات العالقة أكثر تعقيدًا، فهناك انتخابات عامة تخللتها عمليات شراء للأصوات ومقاطعة كتل سياسية فضلًا عن التوترات الأمنية للميليشيات المسلحة واستمرار مسلسل الاغتيالات، الذي سأم منه الشعب العراقي في ظل الانتهاكات الإيرانية التي تسعى بدورها لاستفزاز الكاظمي وإفشال حواره مع واشنطن، لتأكيد نفوذها على الساحة العراقية.

كل ذلك يجري وسط رهانات إقليمية على طاولة الملف النووي الإيراني، الذي يواجه ضبابية بسبب تعنت طهران خلال المحادثات الجارية، واستغلالها للموقف عبر انتهاكات ميليشياتها في اليمن والعراق وسوريا وغيرها، في محاولة منها لتعزيز نفوذها كقوة إقليمية قادرة على إشعال المنطقة.

ربما يعجبك أيضا