قدم استقالته واستعد للرحيل.. «فضائح واتهامات» تُطيح بوزير الصحة البريطاني

أميرة رضا

كتبت – أميرة رضا

فضيحة أخلاقية، صاحبها خرق لقواعد التباعد الاجتماعي في المملكة المتحدة، نالت من سمعة ووظيفة بطلها وزير الصحة مات هانكوك، لتُطيح به خارج منصبه في نهاية المطاف، بعد أن كانت سببًا لاشتعال النيران داخل أروقة الحكومة البريطانية على مدار الساعات الماضية.

اشتعال الأزمة

الأزمة كانت قد فجرتها صحيفة “ذا صن” البريطانية، على مدار الساعات السابقة، بعد أن نشرت مقطع فيديو وصورًا تُظهر الوزير هانكوك وهو يعانق ويقبل كبيرة مساعديه جينا كولادانجيلو في مقر العمل، لتنتشر اللقطات بسرعة غير مسبوقة في وسائل الإعلام، وتصبح الحديث الأول للبريطانيين.

وحينها، شعر البريطانيون بالغضب لأن هانكوك يقبل مساعدته في مقر وزارة الصحة بلندن، وخلال ساعات العمل الرسمية، حيث التقط المقطع يوم 6 مايو، مع انتشار السلالة المتحورة لفيروس كورونا “كوفيد19” في البلاد.

إذ كان الأمر مروعًا بالنسبة لكثيرين، فكيف لوزير يفترض أنه مسؤولًا عن صحة الشعب، أن يخالف قواعد التباعد الاجتماعي بعناق مساعدته، وهو المسؤول الأول عن مكافحة انتشار الوباء في بريطانيا.

وعن جينا كولادانجيلو -صاحبة الـ43 عامًا- والتي كانت تعمل كمديرة اتصالات في شركة زوجها، تقول صحيفة “ذا صن” أن الوزير البريطاني هانكوك كان قد عينها العام الماضي في الوزارة، دون الإعلان عن ذلك رسميًا، ومن ثم انغمس معها في علاقة غرامية، بينما كانت الدولة تحاول السيطرة على الوباء، خاصة وإنه وزيرًا للصحة.

اعتذار رسمي

الفيتشر 8

بعد انتشار الصور، وتصدر هانكوك لكبرى عناوين الأخبار، قام الوزير البريطاني بتقديم اعتذار رسمي عما بدر منه عقب انتشار الصور، بينما أكد متحدث باسم الحكومة البريطانية حينها أن رئيس الوزراء بوريس جونسون، يفكر في قبول اعتذاره وأنه لديه ثقة كاملة فيه.

وفي هذا الصدد، قال هانكوك، في بيان مقتضب: “أقر بأنني انتهكت قواعد التباعد الاجتماعي في هذه الظروف.. خذلت الشعب وأنا آسف جدًا”.

ورغم الاعتذار إلا أن الواقعة كانت كافية ليفقد هانكوك أي سلطة معنوية وأخلاقية، وفتحت الباب للمطالبة برحيله، خاصة بعدما كان صاحب الـ42 عامًا يتصدر جهود الحكومة لمحاربة الجائحة، ودائمًا ما كان ينصح الناس باتباع القواعد الصارمة، كما رحب العام الماضي باستقالة عالِم كبير خرق القيود بطريقة مشابهة.

اتهامات بالجملة.. هانكوك في مرمى النيران

8ebcad4d1e

بعد اعتذار هانكوك لم تهدأ الأوضاع، بل ازدادت الأمور تعقيدًا إذ أعادت فضيحة الوزير البريطاني إلى الأذهان اتهامات عدة سبق وأن نالت منه، لتضعه في مرمى النيران، وتزيد من الضغوط الرامية إلى استقالته أو إقالته.

إذ كان هانكوك قد واجه من قبل، اتهامات بالكذب بشأن الوضع الوبائي في بريطانيا، وعدم تقديم معلومات دقيقة بهذا الشأن.

كما اتُهم بالتقصير في اتخاذ الإجراءات اللازمة لحماية العاملين في القطاع الصحي، من أجل التصدي للجائحة.

وزاد الطين بلة، قرار تعيين هانكوك لمساعدته جينا -المتورطة معه في الفضيحة- في مارس 2020، الأمر الذي أثار ضجة، كونه اتُهم باستخدام المال العام في تعيينها.

كذلك، انتشرت عدة تقارير عن إقراره عقودًا طبية لشقيق مساعدته، وانتُقد كذلك لمنح جاره عقدًا مربحًا لاختبارات كورونا، فضلًا عن اتهامه بإساءة استخدام السلطة، وبـ”المحسوبية”.

المطالبة باستقالته

3200x1800a

اشتعلت الأمور، وتعالت الأصوات المطالبة باستقالة هانكوك فيما بعد، والتي انتقدت كذلك رئيس الوزراء بوريس جونسون، الذي قال إنه قبل اعتذاره، واعتبر الأمر “منتهيًا”.

إذ شن حزب العمال، برعاية رئيسته أنيليس دودز، هجومًا لاذعًا على هانكوك، مطالبًا باستقالة الوزير البريطاني ومحاسبته.

وفي هذا الصدد قالت دودز: “لقد وضع القواعد.. يعترف بأنه انتهكها.. يجب أن يرحل.. إذا لم يستقيل، يجب على رئيس الوزراء إقالته”.

من جانبه، كان دنكان بيكر النائب عن شمال نورفولك في بريطانيا أول من دعا وزير الصحة البريطاني إلى الاستقالة، قائلًا إنه “فشل” في عدد من الإجراءات، وأضاف: “لن أتغاضى بأي شكل من الأشكال عن هذا التصرف.. لقد أبلغت الحكومة برأيي”.

أما أنجيلا راينر نائبة رئيس حزب العمال البريطاني، فطالبت الحكومة البريطانية بالتحقيق فيما إذا كان الوزير هانكوك، قد انتهك قواعد الوزارة بعدم إعلانه عن العلاقة.

ومن جانبها، قالت منظمة “كوفيد19 للعائلات الثكلى من أجل العدالة” إن دعم جونسون لهانكوك، يشكل “صفعة” للعائلات التي فقدت أحبائها بسبب الفيروس التاجي.

وقالت المنظمة في بيان: “في جميع أنحاء البلاد، تبذل العائلات الثكلى كل ما في وسعها لاتباع القواعد ومنع وقوع المزيد من الخسائر في الأرواح، لكن من الواضح أن مات هانكوك كان يعتقد أن تجنب لمس اليدين والوجه، كان إجراءً احترازيًا لا ينطبق عليه”.

كذلك طالب عدد من النواب المحافظين رئيس الوزراء بوريس جونسون بسحب الثقة من وزير الصحة، منتقدين سلوكه غير المسؤول.

وقد أظهر استطلاع للرأي أجرته شركة “سافانتا كومريس”، بعد ساعات من نشر الصور المثيرة للجدل، أن 58% من البريطانيين يعتقدون بضرورة استقالة وزير الصحة.

بعد ضغوط.. هانكوك يقدم استقالته

وفي ظل هذه الضغوط القوية، لم يجد هانكوك مخرجًا للأزمة سوى بتقديم استقالته، مساء اليوم السبت، إذ بعث برسالة الى رئيس الوزراء بوريس جونسون تضمنت استقالته واعتذارًا مكررًا بعد أن سبق واعتذر للشعب البريطاني.

وقال هانكوك في رسالته: “ندين للشعب الذي بذل الكثير من التضحيات في هذه الجائحة بأن نكون صادقين حين نخذلهم، كما فعلت بانتهاكي للإجراءات.. نحن من نضع القوانين ويجب أن نلتزم بها”.

في المقابل، قال رئيس الوزراء البريطاني إنه “يأسف” لتسلم هذه الاستقالة، مشيدًا بخدمته الحكومية التي يجب أن يكون “فخورًا للغاية” بها.

وفي أعقاب استقالة هانكوك، قام رئيس الوزراء البريطاني بتعيين وزير الخزانة السابق، ساجد جاويد، وزيرًا للصحة خلفًا للوزير السابق، لتنتهي آخر فصول القصة التي أشعلت الساحة السياسية البريطانية ووضعتها على صفيح ساخن على مدار الساعات الماضية.

ربما يعجبك أيضا