قلعة غازي عنتاب التاريخية.. صمدت في وجه الغزوات وهدمها الزلزال

نادية عبد الباري

في ظل الموت والبحث عن العالقين تحت ركام الزلزال، اهتمت الصحف التركية بانهيار قلعة غازي عنتاب.. فما قصة القلعة الشهيرة وتاريخها؟


أعلنت وسائل الإعلام التركية، أمس الاثنين 6 فبراير 2023، أن قلعة غازي عنتاب التاريخية تعرضت للانهيار جراء الزلزال.

وتحدثت صحيفة “يني شفق” التركية عن انهيار القلعة، وجاء فيها: “القلعة التاريخية بغازي عنتاب انهارت، لكن حتى الآن لم يخرج مصدر رسمي يحدد حجم الأضرار التي لحقت بالحصن التاريخي”.

حصن بمثابة مدينة إبداعية

حسب الموقع الرسمي لليونسكو،  فقلعة غازي عنتاب التاريخية تعد تراثًا عالميًا مدرج ضمن قائمة المدن الإبداعية، لتصبح واحدة من أهم المواقع الأثرية في تركيا، وهذا لتاريخها العريق، إذ تجاوز عمرها أكثر من 2000 سنة، وتقع على تلة في قلب بلاد الأناضول “تركيا حاليًا”.

توالى على قلعة غازي عنتاب العديد من الخلافات وأنظمة الحكم، فقد حملت أعلام الحيثيين والفرس والمقدونيين والرومان، إلى أن دخلها المسلمون عام 661 ميلادية، وكانت القلعة لسنوات مقرًا لحكم عدد من الإمبراطوريات وشهدت في الأكثير من الأوقات على انهيار ممالك وأفولها، كل هذا لم يؤثر فيها وظلت صامدة في وجه الحروب والغزوات إلى أن هدم الزلزال أجزاءً منها بعد أن ضرب منطقة كهرمان مرعش (جنوبي تركيا).

حسب ما ورد في وثيقة اليونسكو عن غازي عنتاب، فهي مبنية في الفترة الحيثية قبل الميلاد، وبلغت مساحتها  1200 متر مربع، وتكاثرت الأقاويل حول سبب البناء في هذا الوقت تحديدًا، إذ يروى أنها مبنية كأحد قلاع مدينة هيلنيستك التي بناها قدامى الإغريق، ومنذ ذلك الوقت وهي معروفة باسم عنتاب، ليتغير الاسم عام 1921  بقرار من البرلمان التركي ويضاف كلمة “غازي” على اسم المدينة التركية المقامة فيها.

gettyimages 1246837196 594x594 1

انهيار غازي عنتاب

سبب إنشاء قلعة «عنتاب»

القلعة أُقيمت في الفترة الحيثية لتكون حصنًا دفاعيًا وليست مقرًا للحكم في البداية، ومثلت نقطة المراقبة الأهم لجيش الحيثيين؛  وكانت بقرار من الإمبراطور سوبيلوليوما الأول الذي ثمن من ضم الأناضول كلها وأجزاء من شمال بلاد الشام وبلاد ما بين النهرين تحت سيطرته.

“غازي عنتاب” التي كانت سببًا في تحصين الحيثين ومنحهم فرصة الحماية من هجوم العجلات الحربية والتصويبات النارية، ظلت لعقود صامدة مع تعاقب العديد من الإمبراطوريات على تركيا أو الأناضول كما تسمى في المراجع التاريخية، لتشهد على مرور الفرس والمقدونيين والإغريق، وصولًا إلى حكم الرومان.

197 224131 gaziantep citadel story destroyed earthquake 3

حصن غازي عنتاب

الحصن مع الزمن طرأ عليه العديد من التطعيمات والتوسيعات، فحينما حكمت الإمبراطورية الرومانية بلاد الأناضول في القرنين الثاني والثالث بعد الميلاد خلال فترة حكم الإمبراطور جستينيان الأول في فترة ما بين 527 و565 بعد الميلاد زّود محيط القلعة بـ12 برجًا بشكل مستدير، مع الحفاظ على جدران قلعة “عنتاب” المبنية من الحجر؛ لتستمر في ذات المهمة التي بُنيت لأجلها.

قلعة “عنتاب” في عهد المسلمين

 فُتحت مدينة عنتاب على يد الأمويين في 661 ميلادية، ويبدو أن مصير “عنتاب” هو التنقل بين يد الممالك والحكام، حيث آل حكمها للعباسيين عام  750 ميلادية، وبعد انهيار دولتهم حكمت من الطولونين والإخشيدين والحمدانين، إلى أن احتلها البيزنطيين عام 962 ميلادية، واحتفظت بمهمتها الأولى كحصن منيع للحدود التركية في معظم القرون الماضية، حتى إنها كانت الهدف الأول لغزو الصليبين عام 1098 وظللت تحت سطوتهم 52 عام إلى أن أعادها السلاجقة.

في التاريخ التركي على وجه التحديد لهذه القلعة التاريخية مكانة خاصة وهو ما تسبب في حالة حزن واسعة على انهيارها، خوفًا من أن ذلك يمثل طي لصفحة مهمة في كتاب مجدهم، إذ يروي المؤرخون، بحسب موسوعة التراث التركية التابعة لوزارة الثقافة، أن قلعة غازي عنتاب  كانت أول المباني التي حرص جيش السلطان سليم الأول على دخولها ورفع أعلامه على أسوارها عام 1516 بعد معركة مرج دابق وكانت اللبنة الأولى للدولة العثمانية.

طُّورت قلعة “غازي عنتاب” في العصور التاريخية الحديثة عدة مرات أخرها عام 2000 لتصل للشكل النهائي الحالي، وأصبحت متحفًا يضم بانورما تعرض البطولات التاريخية للشعب والجيش التركي في استبساله ضد القوات الفرنسية الغازية بعد سقوط الدولة العثمانية في القرن السادس عشر الميلادي.

ربما يعجبك أيضا