قيادات من العدالة والتنمية تعدّ لما بعد أردوغان

أسماء حمدي

رؤية

أنقرة – امتدّ المزاج العام المعارض في تركيا ضد سياسات الرئيس رجب طيب أردوغان، من المعارضين السياسيين والإعلاميين داخل أوساط الفئات الشعبية المتضررة من تلك السياسات، إلى قيادات تاريخية وكفاءات نشطت بفعالية داخل حزب العدالة والتنمية، وصارت الآن تبحث عن إنقاذ تركيا من خارجه سواء عبر تشكيل حزب جديد أو عبر الضغط السياسي.

وقالت أوساط تركية قريبة من الأجواء الداخلية للحزب الحاكم: إن “الخلافات لم تعد مع الرئيس أردوغان ذي المزاج الحاد والذي لا يرضى بأي منافسة، بل مع سياسات اقتصادية واجتماعية فاشلة وخيارات تراكم العداوة لتركيا ويدفع ثمنها حزب العدالة والتنمية بشكل سريع”.

ووفقاً لصحيفة “العرب” اللندنية، اليوم الثلاثاء، وجه رئيس وزراء تركيا السابق والحليف الوثيق لأردوغان، أحمد داود أوغلو، انتقادات شديدة لحزب العدالة والتنمية الحاكم بعد هزيمة الحزب المؤلمة في انتخابات رئاسة بلدية إسطنبول.

وجاءت تصريحاته السبت الماضي، بينما يستعد نائب رئيس الوزراء السابق علي باباجان، والرئيس السابق عبدالله غول، اللذان كانا عضوين مؤسسين في حزب العدالة والتنمية لإنشاء حزب جديد منافس هذا العام، وقال خلال فعالية أقيمت في إقليم إلازيج “كانت هناك حكومة تفي بكل وعودها متأخرا”، مضيفا أنه “ينبغي على هؤلاء الذين تسببوا في تراجع مبادئ الحزب أن يدفعوا الثمن”.

وتابع “عندما نخسر انتخابات أول مرة بفارق 13 ألف صوت وفي المرة الثانية بفارق 800 ألف صوت، فإن المسؤول عن ذلك ليس رئيس الوزراء الذي فاز بفارق كبير في البرلمان (خلال الانتخابات العامة العام الماضي) ولكنهم الذين تسببوا في تراجع كبير للخطاب والإجراءات والقيم والسياسات”.

وبدا أن الناخبين يُحمّلون حزب العدالة والتنمية الحاكم مسؤولية الركود الاقتصادي الذي أسفر عن انخفاض قيمة الليرة بنسبة 30% العام الماضي و10% إضافية هذا العام، وقال داود أوغلو “نواجه مشكلات اقتصادية مثلما واجهنا في عام 2008، حينئذ كان في القيادة أشخاص على دراية بالاقتصاد وكانت هناك رؤية”.

وبدوره، اعتبر المحلل السياسي التركي إلهان تانير، أن داود أوغلو ينتقم من أردوغان اليوم وبعد 3 سنوات من إقالته من قبل الرئيس التركي، وقال في موقع أحوال تركية: إن “هزيمة الحزب الحاكم في إسطنبول كشفت عن ضعف أردوغان أمام جميع حلفائه السابقين، بمن فيهم الرئيس السابق عبدالله غول، ونائب رئيس الوزراء السابق، علي باباجان”.

وأصدر داود أوغلو مباشرة بعد هزيمة إسطنبول في أبريل الماضي، بيانا طويلا واتهم دوائر أردوغان بشكل غير مباشر بأنهم السبب في تدهور الوضع في تركيا، واستغل تلك الانتقادات وزاد عليها انتقاداته اللاذعة، ويبدو أنه يشجع على مهاجمة أردوغان لاكتساب زخمه الخاص.

وكما يصب داود أوغلو، الذي كان أحد مفكري الحزب وواضعي سياسات النجاح السابقة، نقده بشكل واضح على أردوغان والمسؤولين الذي أحاط نفسه بهم، بعد أن تخلى عن شخصيات ذات خبرة وكفاءة كانت عارضت تعديل الدستور لإرضاء رغبة أردوغان في أن يتولى الرئاسة بعد أن استوفى حقه القانوني في رئاسة الوزراء.

ويراهن محللون أتراك على أن المستقيلين من العدالة والتنمية، والذين غادروا بسبب تسلط أردوغان ورغبته في إحكام قبضته على كل شيء، يمكن أن يساعدوا في إعادة التوازن للمشهد السياسي من خلال تعديل القوانين للحفاظ على الديمقراطية، وقد تنجح المعارضة بالتنسيق مع المنشقين عن العدالة والتنمية في إنشاء كتلة معارضة في البرلمان لتمرير قرار لإجراء استفتاء جديد على النظام الرئاسي.

ربما يعجبك أيضا