كيفن رود سفيرًا لأستراليا في الولايات المتحدة.. ماذا يعني هذا للصين؟

بسام عباس

وجود كيفن رود يمكن أن يساعد الولايات المتحدة وأستراليا والصين في تبني نهج أكثر واقعية وعملية في إدارة علاقاتها.


أعلن رئيس الوزراء الأسترالي، أنتوني ألبانيز، يوم الثلاثاء الماضي، تعيين رئيس الوزراء الأسبق، كيفن رود، سفيرًا جديدًا لدى الولايات المتحدة.

وقالت جريدة “جنوب الصين الصباحية” في تحليل نشرته أول من أمس الأربعاء 21 ديسمبر 2022، إن اختيار رود للمنصب، وهو الخبير بشؤون الصين، يشير إلى أن الدولتين الغربيتين تعملان على مواجهة المنافسة الاستراتيجية لبكين.

فارق بسيط

سيصبح كيفين رود السفير الأسترالي 23 لدى الولايات المتحدة، وسيتجه إلى واشنطن في أوائل عام 2023، ليحل محل السفير آرثر سينودينوس، الذي شغل المنصب 3 سنوات، ولكن هذه الخطوة تعطي فارقًا بسيطًا فقط في التحديات الدبلوماسية، حسب تحليل الصحيفة الصينية الصادرة من هونج كونج.

وأضافت الصحيفة أن رود، الذي خدم فترتين رئيسًا لوزراء أستراليا، كان منذ ظهوره على الساحة السياسة صوتًا مميزًا في إدراك رؤية بكين الاستراتيجية للعالم، وحاز على ثناء الأوساط الدبلوماسية لخبرته ولإجادته لغة الماندرين بطلاقة، وقدراته التي يجلبها معه إلى طاولة المفاوضات.

إشادات واسعة

ذكرت الصحيفة أن رئيس الوزراء الأسترالي الحالي، أنتوني ألبانيز، أشاد بكيفين رود كأحد أبرز الخبراء معرفة بالصين في العالم، وقال إنه سيضيف خبرة عميقة إلى هذا المنصب، في وقت يعاد فيه تشكيل المنطقة عبر المنافسة الاستراتيجية.

ومن جانبه، وصفه وزير الخارجية السنغافوري السابق، جورج يو، بأنه “اختيار ممتاز للوظيفة”، مضيفًا أن كلمات رود “سيكون لها وزن” في واشنطن، مشيرًا إلى كتاب رود الأخير بعنوان “الحرب التي يمكن تجنبها” الذي حذر من مخاطر نشوب صراع كارثي بين الولايات المتحدة والصين.

تقارب على حساب الصين

قالت الصحيفة إن واشنطن تقاربت مع كانبيرا على مدار السنوات الأخيرة، بعد أن وصلت علاقاتها بالصين إلى الحضيض، بسبب تصاعد التنافس التجاري والتكنولوجي والأمني بين الطرفين.

وأضافت أن العلاقات تدهورت بين كانبيرا وبكين، فالصين فرضت عقوبات انتقامية على الصادرات الأسترالية الرئيسة بسبب الانتقادات الأسترالية بشأن الأمن وحقوق المواطنين المحتجزين على الأراضي الصينية، واتهاماتها للصين بالتسبب في انتشار فيروس كورونا.

نهج أكثر واقعية

نقلت الصحيفة عن مدير المركز الأسترالي للأعمال الآسيوية في جامعة جنوب أستراليا، ينج تشو، قوله إن وجود رود سفيرًا في الولايات المتحدة قد يسهم في تبني كل من أستراليا والولايات المتحدة والصين “لنهج أكثر واقعية وعملية” لإدارة علاقاتها.

وأضاف تشو أن رود لديه مبادئ لإدارة العلاقات الدولية، ولكنه يكون عمليًّا وواقعيًّا عند التعامل مع القضايا الصعبة عالميًّا، خاصة التعامل مع الصين، مشيرًا إلى أن رود استخدم عبارة “صديق قادر على العتاب المباشر” عند الإشارة إلى علاقته ببكين، خلال زيارته الرسمية للصين وهو رئيس للوزراء.

كيفين رود وجينتاو

كيفين رود مع الرئيس الصيني السابق هو جينتاو

مهارة فريدة

قال خبراء إن تركيز رود المهني على الصين والأدوار السياسية العليا، يمنحه مهارة فريدة في الأوقات العصيبة. فمن جهته، قال تشو إن رود لديه فهم جيد لمواقف الولايات المتحدة وأستراليا والصين، وسيكون قادرًا على الحفاظ على علاقات سلسة بين الحكومتين الأمريكية والأسترالية.

وقال أستاذ العلاقات الدولية بمعهد جريفيث آسيا، إيان هول، إن رود بصفته رئيسًا للوزراء ووزيرًا للخارجية سابقًا، لديه صلات واسعة في واشنطن وعبر الولايات المتحدة، وهو ما سيؤثر في أي قضية يتعامل معها، لافتًا إلى أن حكومة ألبانيز حريصة على الاستفادة المثلى من مكانة رود وخبرته.

إصلاح العلاقات المتدهورة

أوضح ينج تشو أن رود، خلال السنوات الأخيرة، عدل نظرته تجاه الصين، ورأى بوضوح أكثر أن بكين “ليس من السهل التعامل معها”، ولكن السفير الجديد إلى كانبيرا “لا يزال يحافظ على التوازن في إدارة العلاقة على أساس النهج المشترك بين التعاون والمنافسة”.

وقال الأستاذ المساعد في جامعة ترومسو النرويجية، مارك لانتيجني، إن توقيت الإعلان الذي تزامن مع الزيارة الرسمية لوزيرة الخارجية الأسترالية، بيني وونج، للصين، يشير إلى أن كانبيرا تسعى لإصلاح العلاقات المتدهورة، وأن الحفاظ عليها سيكون رهنًا بالسياسة الخارجية الصينية ونتائج الانتخابات الأمريكية المقبلة.

انتقادات ومخاوف

في المقابل، انتقدت وسائل إعلام أسترالية هذا التعيين، معربة عن مخاوفها من أن شهرة رود وآراءه القوية قد تجعله اختيارًا محفوفًا بالمخاطر، فهو من أشد المنتقدين للرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، الذي أعلن أخيرًا نيته الترشح للرئاسة مرة أخرى في عام 2024، وفق الصحيفة الصينية.

وأضافت الصحيفة أن منتقدي رود أوضحوا أن الطلاقة في اللغة لا تتحول تلقائيًّا إلى الدراية الكاملة بالصين، فالسفير الأسترالي السابق لدى الصين، جيف رابي، قال إن “التحدث بالصينية لا يعني معرفة الصين”. وقال الأكاديمي بجامعة بكين، تشين تشانجوي، إنه من “الخطأ” افتراض أن الكفاءة في لغة الماندرين تعادل معرفة الثقافة الصينية.

مسيرة حافلة

أشارت “جنوب الصين الصباحية” إلى أن كيفن رود بدأ حياته المهنية كباحث في شؤون الصين، وعمل دبلوماسيًّا في بكين قبل دخول معترك السياسة الأسترالية، وأكمل درجة الدكتوراه في جامعة أكسفورد حول النظرة العالمية إلى الصين، وتعيّن رئيسًا تنفيذيًّا لجمعية آسيا في عام 2021.

وشغل رود منصب رئيس الوزراء 26 لأستراليا من 2007 إلى 2010، ومرة ​​أخرى من يونيو 2013 إلى سبتمبر 2013، وشغل منصب وزير الخارجية بين عامي 2010 و2012، وسيتولى المنصب الجديد مطلع العام المقبل بدلًا من آرثر سينودينوس الذي يشغله منذ 2020.

العالم طبقًا لشي

كيفين رود وشي

كيفين رود مع الرئيس الصيني شي جين بينج

في العدد الأخير من مجلة “فورين أفيرز“، كشف كيفن رود في مقال بعنوان “العالم طبقًا لشي جين بينج”، عن إعجابه الشديد بالزعيم الصيني، وأوضح أنه مؤمن حقيقي بضرورة السيطرة الكاملة للحزب والدولة على الاقتصاد، وأن شي سياسي رائع “جرأته الداخلية مقدمة لجرأة أكبر في الخارج”.

وأضاف أن شي مؤمن عتيد بمقولات الماركسية الأساسية، مثل المادية الجدلية والمادية التاريخية، ويرى أن الغرب في طريقه حتمًا إلى الانهيار تحت وطأة تناقضاته الداخلية، وأن الصين في طريقها الحتمي لتصبح القوة الأولى في العالم، بقيادة الحزب الشيوعي وبوحي من أفكاره.

ربما يعجبك أيضا