كيف تحولت منصات التواصل الاجتماعي من الترفيه إلى نوافذ للاحتجاجات؟

رنا الجميعي
منصات التواصل الاجتماعي

لم يتوقع أحد أن منصات التواصل الاجتماعي التي كانت نافذة أساسية للترفيه ستتحول مع مرور السنوات إلى أداة أساسية من أدوات الاعتراض والرفض، أو أنها ستصبح طرف ساخناً في القضايا المختلفة والحروب.


مع بدء إطلاقها كانت منصات التواصل الاجتماعي بوابات للتسلية والترفيه، فكيف تحولت لنوافذ للاحتجاجات وطرف رئيسي في القضايا والأزمات العالمية؟

خلال الحرب الروسية الأوكرانية انطلقت تصريحات عنصرية نُسبت إلى مسؤولين ومراسلين أجانب ضد دول عربية وإسلامية مثل العراق وأفغانستان. ومن الموجات المُضادة الساخرة لتلك التصريحات حملة “غير مُتحضر-uncivilized” التي انتشرت على تطبيق إنستجرام.

حملة “uncivilized”.. “مباشرة وبسيطة”

انطلقت “غير متحضر” بعد تصريحات مراسل الشبكة الأمريكية تشارلي داجاتا، الذي وصف فيها أوكرانيا بأنها “متحضرة نسبيًّا وأوروبية نسبيًّا” مقارنة بدول مثل العراق وأفغانستان. نور صلاح، واحدة قامت بوضع صورتها مثل كثير من المُشاركين في حملة “غير متحضر” على تطبيق إنستجرام، وتقول لـ”شبكة رؤية الإخبارية” إنها شاركت في تلك الحملة “لكونها بسيطة ومُعبرة للغاية.

وتُفسّر نور أيضًا سبب اشتراكها في تلك الموجة الساخرة بأنها تُعبر عن موقف محدد ومباشر بسخرية “إحنا بنسخر من أوروبا وبنقولهم آه إحنا مش متحضرين”. والمقصود أن كل الشعوب مُتحضرة. وتذكر نور: “من الصور المُضحكة، الميمز، المستخدمة خلال الأزمة الحالية، صورة لرئيس الاتحاد السوفييتي ستالين ومكتوب بجانبها كلمة غير متحضر، والمعروف عن ستالين حكمه الشمولي وإشرافه على القمع الجماعي والتطهير العرقي”.

 تأثير منصات التواصل في المجتمع

شاركت أحلام مصطفى أيضًا في الحملة وتذكر لـ”شبكة رؤية الإخبارية” أن ما يُميز الحملة هو إتاحتها للجميع دون تمييز. أما تأثير منصات التواصل الاجتماعي في الأحداث الجارية فهو غير مُحدد، ففي اعتقاد أحلام أن الميزة الأكبر للمواقع مثل فيسبوك وإنستجرام وتويتر أنها أعطت لعامة الناس مسؤولية وقوة وتأثيرًا تجاه المجتمع “خاصة أننا بوصفنا مستخدمين لها ليس لدينا أي وزن سياسي”.

ويتفق في ذلك الرأي استشاري تكنولوجيا المعلومات والإعلام الرقمي، محمد الحارثي، الذي يرى أن تأثير رواد التواصل الاجتماعي لا يبلغ مدى أكثر من تأثيره في المجتمع والدوائر المحيطة “خاصة في القضايا الاجتماعية” لكن ليس على مُجريات الأحداث السياسية والاقتصادية، كما يذكر في حديثه لـ”شبكة رؤية الإخبارية”.

تأثيرات اجتماعية في القضايا السياسية

يقول الحارثي إن تأثير مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي لا يكون في أحداث ضخمة مثل الحرب على أوكرانيا “لأن هذه علاقات سياسية ومعركة على الأرض”، ويبقى تأثير المغردين ومستخدمي فيسبوك في نطاق مُجتمعي، مثل ما جرى في أحداث حي الشيخ جراح بفلسطين، في مايو الماضي، فقد واجهت فيه عائلات خطر التهجير على خلفية دعوى قانونية طويلة الأمد ضدهم.

ونشرت عائلات بالحي عديدًا من الفيديوهات لما يجري داخله يوميًّا بينها وبين القوات الإسرائيلية. تابعت نور: انتشرت الفيديوهات على نطاق واسع عبر إنستجرام وعرف الناس منها ماذا يحدث يوميًّا في حي الشيخ جراح”. أحلام، وهي فلسطينية تقيم بأستراليا، تثمّن تأثير هذه  التغطية اليومية في إحداث ضغط وتراجع القوات الإسرائيلية، وتأجيل الدعوى القضائية عدة مرات، ومنذ أسابيع قليلة تصدرت الصحف مُجددًا.

فيسبوك يُسيطر على العالم

من جانب آخر فإن الحسابات السياسية تُؤثر أيضًا في منصات التواصل الاجتماعي، يُشير إلى ذلك الحارثي: “فيسبوك لديه سياسة مُعلنة لكنها غير مُوحدة ورأينا كيف تعامل فيسبوك في القضية الفلسطينية وتحديدًا وقت أحداث الشيخ جراح”، وقتها حذف فيسبوك العديد من المنشورات الداعمة لفلسطين، “رغم أن سياسته هي حذف أي محتوى يعادي دول أخرى”، لكنه لم يفعل ذلك خلال الحرب على أوكرانيا.

ويُشير الحارثي أيضًا إلى السيطرة القوية لفيسبوك بتحكمه في بيانات ملايين المُستخدمين على مستوى العالم، وحذّر من خطورة ذلك، مُتذكرًا توقف فيسبوك ست ساعات في الخامس من أكتوبر الماضي، وقتها تعطلت خدمات فيسبوك وإنستجرام وواتس آب، ويستكمل في حديثه أن الوكالات الإخبارية والإعلامية لم تتمكن من نقل خبر عطل فيسبوك إلا على مواقعهم الإلكترونية.

ربما يعجبك أيضا