كيف يساهم الاحتلال في رفع نسبة”السرطان” بين الفلسطينيين؟

محمود

رؤية – محمد عبدالكريم

“الاحتلال مسبب رئيس لبعض الأمراض التي تفتك بنا، فنسبة السرطان العالية في فلسطين لها علاقة بالنفايات الكيماوية والنووية الإسرائيلية، وهناك 6251 مريض سرطان، وهي نسبة عالية مقارنة بالدول المجاورة؛ لأن الإسرائيليين يستخدمون أرضنا كمكب للنفايات، وسنقاضي إسرائيل على هذا الفعل الإجرامي بحق المواطن والأرض”، بهذه الكلمات افتتح رئيس الوزراء الفلسطيني محمد أشتية المركز الوطني لتشخيص السرطان والأمراض الوراثية، الأول من نوعه في فلسطين، أمس الأحد، في مدينة رام الله”.

لم تحل الشكاوى المقدمة من الحكومة الفلسطينية إلى الأمانة العامة لسكرتارية اتفاقية “بازل” بشأن التحكم في نقل النفايات الخطرة والتخلص منها”، عن دفن الاحتلال الإسرائيلي لنفايات خطيرة إلى الأرض الفلسطينية المحتلة، دون أن تضبط دون استمرار إسرائيل في الاستمرار برمي نفاياتها الخطيرة في أراضي الضفة.

وضبطت الأجهزة الفلسطينية، قبل عام شاحنة مخلفات كيماوية خطيرة مهربة من إسرائيل، إلى بلدة حلحول في محافظة الخليل جنوب الضفة بزنة 3 أطنان، وفي شمال الضفة أيضا ضبطت مواد كيماوية ومخلفات سامة تم إدخالها من مستوطنة صهيونية إلى أراضي محتلة في محافظة سلفيت.

وتعد اتفاقية بازل بشأن التحكم في نقل النفايات الخطرة عبر الحدود والتخلص منها، والتي أقرت في جنيف بسويسرا عام 1989، وأصبحت نافذة عام 1992، وانضمت دولة فلسطين إليها بعد توقيع الرئيس محمود عباس عليها مطلع عام 2015، أداة قانونية دولية لمنع تهريب النفايات والمواد الخطرة من إسرائيل إلى دولة فلسطين، وتهدف إلى حماية الصحة البشرية والبيئة من الآثار الضارة المرتبطة بإنتاج النفايات الخطرة ونقلها عبر الحدود وإدارة شؤونها.

وكانت السلطة الفلسطينية قد تقدمت بشكوى إلى “بازل” في العام 2016 بعد ضبط شحنات مواد كيماوية خطيرة مهربة، سبقها شكوى إلى سكرتارية اتفاقية بازل منذ انضمام فلسطين رسميا إلى الاتفاقية في شهر أبريل 2015، أيضا عقب الكشف عن شحنات أخرى مهربة.

وسبق أن اشتكى الفلسطينيون مرارا من مخاطر محدقة تهددهم بفعل إقامة “إسرائيل” عشرات المصانع داخل مستوطناتها في الضفة الغربية، خاصة ما يتعلق بالمنتجات الكيماوية منها، مع مواصلة سلطات الاحتلال الإسرائيلي التخلص من نفاياتها الخطرة في أراضي الضفة الغربية، في ظل سيطرة إسرائيلية على 60 في المائة من أراضي الضفة ضمن ما يعرف مناطق “ج” بحسب تصنيف اتفاقية أوسلو للأراضي الفلسطينية، الأمر الذي يسبب خطرًا على البيئة الفلسطينية وعلى السكان.

وفي ظلّ غياب أرقام فلسطينية واضحة ومحددة، حول عمليات التهريب التي تجري كونها “عملية مفتوحة” إلا أن جهاز الإحصاء المركزي قدّر كميات نفايات المستوطنات المقامة على أراضي الضفة الغربية بحوالي 176 طنا سنويًا، دون توضيح طبيعة هذه النفايات إن كانت منزلية أم صلبة خطرة.

وبحسب إحصائيات رسمية فلسطينية، فإن “إسرائيل” تقيم 20 منطقة صناعية تضم عشرات المصانع في مستوطنات الضفة الغربية، يعد أكثرها خطرا منطقة (جيشوري) الصناعية في طولكرم.

ويتضمّن المحلق الخاص باتفاقية أوسلو التي وقعتها منظمة التحرير مع إسرائيل، نصًا خاصًا حول قضية النفايات وتهريبها، وجاء فيه “كل طرف سيعمل على اتخاذ التدابير اللازمة لضمان عدم إلحاق أضرار بيئية بالمناطق التي يسيطر عليها الطرف الثاني، وكل طرف سيعمل على اعتماد المعايير البيئية المعترف بها دوليًا فيما يخص درجة الملوثات المنبعثة إلى البيئة ودرجة معالجة النفايات الصلبة والمياه العادمة، وكيفية استخدام ونقل وتخزين النفايات الخطرة”، وهو ما لا تلتزم به “إسرائيل”.

المهندس الزراعي محمود خليل أفاد بأن دفن أي مواد كيماوية بطريقة غير سليمة سيكون له أثر كبير على البيئة من حيث القضاء على الغطاء النباتي وتدمير التربة وتلويث المياه الجوفية بفعل تسرب المواد السامة إليها، وبتالي إصابة الإنسان بالأمراض، مشيرا إلى أن قيام المهربين بإضافة مواد بترولية إلى المواد الكيماوية التي دفنت في بلدة بيت أمر بهدف التضليل، سيزيد من خطورة الوضع ويساهم بإلحاق أضرار بالغة بالمكان، وقد تعاني الأراضي الفلسطينية التي تم الدفن فيها من كارثة بيئية لسنوات بفعل جشع المهربين.

وختم التقرير، بأن حبر المطابع يشكل خطرًا مباشرًا على صحة العاملين بها من خلال الملامسة أو الاستنشاق، لأنها تتكون من مواد كيماوية خطرة تصيب الجلد بأمراض مختلفة كالبهاق والالتهابات المزمنة والتقرحات، فيما يؤدي استنشاق الحبر إلى الإضرار بالرئتين والتي تبدأ من التحسس والسعال وصعوبة التنفس، وتنتهي بالإصابة بمرض السرطان، كما تساهم هذه المواد في تدمير التربة والقضاء على الكائنات الحية وتلويث المياه، اذا تم التخلص منها بشكل عشوائي.

وبيّن تقرير “إسرائيلي”، يتصل بالاستيطان، أن الاحتلال لا يعمق سيطرته على أراضي الضفة الغربية المحتلة عن طريق مخططات البناء الاستيطاني المعلنة التي تلقى إدانات دولية، فحسب، وإنما يستخدم أساليب أخرى بعيدة عن الأضواء وعن الإدانات الدولية تحت مسميات “إقامة مناطق صناعية”.

ويتضح أن أذرع الاحتلال تقوم بتحويل مناطق شاسعة إلى مناطق صناعية بعيدًا عن الأضواء وعن الرقابة الدولية، رغم أن غالبية هذه المساحات غير مستغلة. كما يتضح أنه من المخطط لهذه المسالة أن تتحول مستقبلا إلى مركز جذب المزيد من المستوطنين إليها بحيث لا يضطروا للسفر إلى مركز البلاد بحثًا عن أماكن عمل.

وضمن هذه المناطق، تمتد المنطقة الصناعية “شيلاه”، القريبة من المستوطنة، مستوطنة “شيلاه”، في مركز الضفة الغربية المحتلة على مساحة تصل إلى 500 دونم. ولكن، على أرض الواقع، فإنه يوجد في هذه المنطقة بضعة مصانع صغيرة تحتل مساحة تصل إلى 28 دونما، أي ما يقارب 5% من مجمل المساحة، ويعمل فيها 36 عاملًا، في حين أن باقي المساحة هي منطقة مفتوحة وخالية. وقد وضع على جزء منها بضعة بيوت متنقلة (كرافانات) أعدت لاستيعاب المستوطنين الذين تم إخلاؤهم من البؤرة الاستيطانية “عمونا”، ولكنهم رفضوا الانتقال إلى هناك، وظلت هذه البيوت فارغة.

وتنضاف هذه المنطقة الصناعية إلى 13 منطقة أخرى أقامها الاحتلال الإسرائيلي في الضفة الغربية المحتلة. وضمن هذه المناطق هناك مساحات واسعة تزيد عن المساحات المستغلة كأماكن عمل. ورغم ذلك فإن الاحتلال يواصل إقامة مناطق صناعية أخرى في الضفة الغربية، بما ينطوي ذلك على الاستيلاء على مساحات أخرى من الأرض.

وأفاد تقرير نشرته صحيفة “هآرتس” اليوم، أنه خلافًا لإقامة الوحدات السكنية في المناطق ج، ‘C’، من الضفة، فإن إقامة وحدات تجارية لمناطق صناعية لا تلفت الأنظار الدولية ولا تستدعي توجيه انتقادات لسياسة الاستيطان المتواصل.

ويشير التقرير إلى أنه من بين 200 دونم خصصت لإقامة “المنطقة الصناعية عتسيون” لم يتم استخدام سوى 60 دونمًا منها. وهذه الحقيقة لم تمنع مؤسسات التخطيط في دولة الاحتلال من المصادقة في السنة الماضية على زيادة هذه المساحة بـ17 دونما أخرى. ويدعي المجلس الإقليمي الاستيطاني “غوش عتسيون” أن هناك طلبًا على مساحات أراض في هذه المنطقة.

إلى ذلك، وعلى بعد عشرات الأمتار من شارع 443، شرقي جار الفصل، وقرب مستوطنة “مكابيم”، من المقرر أن تتم إقامة منطقة صناعية جديدة في الفترة القريبة. ومن الناحية الرسمية فإنها ستسمى “منطقة مكابيم الصناعية”، ولكن الإدارة المدنية تطلق عليها الآن “منطقة خربثا الصناعية”، بسبب قربها من قرية خربثا الفلسطينية.

وتبين أنه سيتم تخصيص 310 دونمات من أراضي المنطقة لإقامة هذه المنطقة الصناعية الجديدة. وفي هذا السياق يقول مهندس المجلس الإقليمي “بنيامين”، شارون ليفي، إنه يجري الدفع بهذه الخطة منذ 15- 20 عاما، قبل المصادقة النهائية على إقامة المنطقة.

ومن المتوقع أن تتم إقامة 3 مناطق صناعية جديدة أخرى، مثل “منطقة خربثا”، يجري الدفع بها في الشهور الأخيرة، إحداها في شمال الضفة الغربية.

وإلى جانب هذه المناطق، فإن بحوزة المجلس الإقليمي الاستيطاني “جنوب جبل الخليل” تعهدًا من ‘الإدارة المدنية’ بالدفع بمخطط لإقامة منطقتين صناعيتين، الأولى في مستوطنة “طيني عومريم”، والثانية في ترقوميا. وبحسب المجلس الإقليمي الاستيطاني فإن إقامة المنطقة الصناعية في ترقوميا ليست مرتبطة بتعهدات المستوى السياسي بشأن الدفع بمخطط إقامة منطقة صناعية أخرى للفلسطينيين في المنطقة.

وفي سياق الحديث عن جنوب جبال الخليل، فإنه، بحسب وزارة الاقتصاد، هناك معطى يتصل بالمناطق الصناعية الاستيطانية القائمة في المنطقة، حيث أنه في مستوطنة “كريات أربع”، شرق ترقوميا، تمتد منطقة صناعية تصل مساحتها إلى 200 دونم، لم يستغل منها سوى 27%. كما أن هناك مساحة غير مستغلة بجوار المنطقة الصناعية “طيني عومريم” التي ستتم إقامتها. وبحسب وزارة الاقتصاد فإن 66% من مساحة تصل إلى 220 دونما خالية.

ويشير التقرير أيضا إلى أن اختيار المواقع من شأنه أن يثير علامات تساؤل واستغراب أيضا، حيث إن الضفة الغربية تتحول إلى منطقة مهمة جدًا من ناحية القدرة الإنتاجية في الاقتصاد “الإسرائيلي”، إذ إنه من بين 91 منطقة صناعية تدعمها وزارة الاقتصاد هناك أكثر من 15% منها تقع في الضفة الغربية المحتلة.

وبحسب التقرير، فإن المستوطنين يدعون أن إقامة مثل هذه المناطق الصناعية من شأنه أن يدفع بما يسمى “السلام الاقتصادي”، بزعم أن هذه المناطق توفر أماكن عمل للفلسطينيين ولليهود. ولكن رئيس المجلس الإقليمي الاستيطاني “جنوب جبل الخليل”، يوحاي دمري، يقول: إن هذه المناطق تسهم اقتصاديًا في المشروع الاستيطاني.

من جهته يؤكد نائب الوزير بن دهان، بدوره، لصحيفة “هآرتس”، على المساهمة الاقتصادية للمناطق الصناعية في الاستيطان إلى جانب المساهمة السياسية، فيقول: إن الهدف الحقيقي هو خلق أماكن عمل لجذب مستوطنين إلى المنطقة كي تتطور المنطقة دون أن يضطر المستوطنون إلى السفر إلى مركز البلاد.

وتشير معطيات وزارة الاقتصاد إلى أنه إلى جانب المناطق الصناعية الخالية، هناك مناطق تتحقق فيها وجهة نظر بن دهان، مثل المنطقة الصناعية “ميشور أدوميم” التي تمتد مساحة تزيد عن 1600 دونم، ويعمل فيها أكثر من 1300 عامل، علما أنها تضم 500 من الدونمات الخالية. في حين أن المنطقة الصناعية “بركان” مستغلة بنسبة عالية حيث إن 14 دونما فقط خالية من بين 728 دونما. ويجري استغلال مساحة 203 دونما في المنطقة الصناعية في “شاحاك – شاكيد”.

ربما يعجبك أيضا