كيف يُهدد نهج إسرائيل سياسات واشنطن في الشرق الأوسط؟

تهدد بتوسع الصراع.. هكذا يجهض خطاب إسرائيل السياسات الأمريكية في المنطقة

محمد النحاس

مرارًا وتكرارًا، هددت إسرائيل بتغيير "الوضع في الشمال" في إشارة لشن ضربات على جنوب لبنان.. فكيف تتعامل واشنطن مع ذلك؟


بينما تواصل إسرائيل حربها على غزة ومع ضربات حزب الله، فإن احتمالية اشتعال جبهة شمال إسرائيل – جنوب لبنان قائمة.

ويشير بعض المسؤولين الإسرائيليين، علنًا، إلى أن “الغزو” ضروري لقمع الحزب، ويمثل هذا الخطاب تحولًا عن الموقف السياسي الإسرائيلي الرسمي المتمثل في أن إسرائيل لا ترغب في فتح جبهة شمالية، ما يشكل تهديدًا مباشرًا للأهداف السياسة الأمريكية المتمثلة في منع توسع الصراع، وفقًا لما حذر تحليل نشرته مجلة ناشيونال إنترست الأمريكية، الخميس 21 ديسمبر 2023.

تصعيد جديد محتمل

يتحدث القادة الإسرائيليون صراحةً عن احتمال شن ضربات ضد لبنان، وهو خطاب خطير من شأنه أن “يصب الزيت على النار”، كما أنه يبدد الأهداف التي تقول واشنطن إنها تسعى لإرسائها في الشرق الأوسط، بما في ذلك تجنب حرب إقليمية تشعل المنطقة وتجرها إلى صراعات وخيمة النتائج على المستويات كافة.

وأوجز وزير الدفاع يوآف جالانت خطط إسرائيل في أوائل ديسمبر أثناء جولة على الحدود الشمالية، مدعيًّا ​​أنه “عندما نكمل عملية القتال في غزة، فإن الجهد العسكري سوف يتجه بشكل أساسي إلى الشمال”، حسب ما نقل محلل الشؤون الخارجية المعني بالشرق الأوسط، ألسكندر لانجلوا، في مقال نشرته ناشيونال إنترست.

خطاب إسرائيلي يبعث على القلق

أضاف جالانت: “لا يمكننا إقناع سكان الشمال بالعودة إلى منازلهم على طول الحدود ما لم نتأكد من أن الرضوان (وحدة العمليات الخاصة التابعة لحزب الله) لن تعرّض حياة السكان للخطر”.

وردد مستشار الأمن القومي تساحي هنجبي هذه السردية، خلال مقابلة أجريت معه في 9 ديسمبر مع القناة الإسرائيلية الـ12 حيث قال: “يجب أن يتغير الوضع في الشمال.. وسوف يتغير، إذا وافق حزب الله على تغيير الأمور عبر الدبلوماسية، فهذا جيد جدًا، لكنني لا أعتقد أن ذلك سيحدث”.

وعندما تم الضغط عليه في هذه النقطة، أضاف أنه سيتعين على إسرائيل أن تتحرك “عندما يحين الوقت”، مردفًا أنه  على الحكومة ضمان قدرة مواطنيها على العودة إلى منازلهم في الشمال، وهو ما لا يمكن أن يحدث إلا عندما “يتغير الوضع في الشمال”.

الحدود قد تشتعل

وفقًا للمحل ألكسندر لانجلوا، تأتي هذه التهديدات في أعقاب تصعيد للضربات المتبادلة على طول الحدود الإسرائيلية اللبنانية، وقد أدى القتال إلى نزوح مئات الآلاف من المدنيين على جانبي الحدود حيث ينشر الطرفان أسلحة مدمرة بشكل متزايد “في استعراض للقوة” في محاولة للإبقاء على الردع ومن الطرف الآخر منع شن ضربات هجومية على نطاق واسع.

وحسب التحليل فإن استخدام حزب الله لأسلحة عسكرية فعّالة، مثل المُسيرات، والقرار الإسرائيل بضرب أهداف أعمق في لبنان تدريجياً رداً على ذلك، يجسد العنف المتصاعد تدريجياً ويشير إلى أن أياً من الطرفين غير مهتم بالتراجع.

وفي نهاية المطاف، فإن حربًا أخرى بين إسرائيل وحزب الله ليست من مصلحة الولايات المتحدة، وفي الوقت نفسه تهدد باندلاع بحرب إقليمية أوسع قد تؤدي إلى مقتل عدد لا يحصى من المدنيين وتعريض القوات الأمريكية لمخاطر جمة، وفقًا للتحليل.

ماذا تفعل واشنطن إذن؟

ينصح التحليل بأن تواصل الولايات المتحدة التصريح بأنها لن تنخرط في صراع موسع، وأنها لا ترغب في هذا المسار، وحال استمرار المسؤوليين الإسرائيليين في الحديث عن “حرب قادمة مع حزب الله” فإن على واشنطن “الانفصال تدريجيًّا” عن إسرائيل، مشيرًا لإمكانية استخدام بعض الوسائل لمنع ذك مثل الانتقادات العلنية، وتقليص الغطاء الدبلوماسي، ووضع قيود على مبيعات الأسلحة.

وختامًا يشدد التحليل على أنه قد آن أوان اتخاذ موقف سياسي أقوى ضد الحرب في الشرق الأوسط، متبعًا ذلك بأن إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن، التي تدعي أنها تريد أن تضع حدًا أبديًّا للحروب، عليها أن تتخذ إجراءات ملموسة لمنع حرب تلوح في الأفق.

ومن ناحية أخرى، فإن الجمهور الأمريكي لا يرغب في الانخراط في حرب جديدة، وحال أراد بايدن، في الفوز في انتخابات 2024 فإن عليه أن يأخذ هذه الرغبة على محمل الجد.

ربما يعجبك أيضا