لغتنا العربية.. منهاج صرح ثابت الأركان

محمود طلعت

رؤية – محمود طلعت

قفْ في رحاب الضادِ تكسـبْ رفعةً .. فمجالُها بحرٌ بلا شُــــــطآن
اللهُ أكرمَها وبــــــاركَ نـــــــــطقَها .. فأرادَها لتَنـــــــَزُّل القـــرآن
“اقرأْ” فمفتاحُ العــــــــــلوم قراءةٌ .. عمَّتْ بشائرُها على الأكوان
عِلمٌ وفكْرٌ حكمةٌ ومواعـــــــــــــظ ٌ .. فقْهٌ وتفسيرٌ وسِحْرُ بيـــــان
وعَروضُها نغمُ العواطف والهــوى .. ومآترٌ تبقى مدى الأزمـــــان
عربيةٌ والعرْبُ أهلُ مضـــــــــــافةٍ .. وفصاحةٍ ومروءةٍ وطِعــــان
عربيةٌ والمصطفى أرســــــــى بها .. منهاجَ صرْح ٍثابت الأركــــان
لغةٌ إذا وقـعت على أســـــــماعِنا .. كانت لنا بـردا على الأكبـــاد
ســـتظلُّ رابطةً تؤلَّف بينــــــــــــنا .. فهـي الرجاءُ لناطقٍ بالضَّـادِ

يحتفي العالم في الثامن عشر من ديسمبر كل عام باليوم العالمي للغة العربية، اللغة الأسمى بين لغات العالم، وأصدقها تعبيرا عن المشاعر والأحاسيس، وأكثرها إحاطةً بالمفهوم في أقصر العبارات وأجملها.

وتقرر الاحتفال باللغة العربية في هذا التاريخ لكونه اليوم الذي أصدرت فيه الجمعية العامة للأمم المتحدة قرارها عام 1973 بإدخال اللغة العربية ضمن اللغات الرسمية ولغات العمل في الأمم المتحدة، إلى جانب الإنجليزية والصينية والإسبانية والفرنسية والروسية.

ويعد اليوم العالمي للاحتفال باللغة العربية مناسبة مهمة للإشارة إلى الإسهامات العظيمة للغة العربية في الحضارة البشرية، فقد كانت اللغة العربية، وما زالت، سبيلاً لنقل المعارف في مختلف ميادين العلم والمعرفة، ومنها الطب والرياضيات والفلسفة والتاريخ وعلم الفلك.

لغة القرآن الكريــم

اللغة عند علماء النفس هي الرابط الأقوى بين أعضاء المجتمع الواحد، لا سيما أنها رمز لحياتهم المشتركة، حيث تسهم في تعزيز العلاقات الاجتماعية، وتنمي أسس الروابط الإنسانية، ولهذا يجزم علماء الاجتماع بأن اللغة هي الرابط التاريخي القوي والمتين عبر القرون بين الأجيال المختلفة.

والشاهد‎ أن اللغة العربية تتمايز عن غيرها من لغات العالم بأنها لغة متجاوزة للأعراق والأقوام، للحدود والسدود، إذ إنها تمثل لغة القرآن الكريم، وتعد من أكثر لغات العالم انتشارا، بأكثر من 422 مليون ناطق بها، يمتدون على مساحة 14 مليون كيلومتر مربع، بحسب موقع الأمم المتحدة.

وسميت اللغة العربية بـ”لغة الضاد” كونها اللغة الوحيدة التي تحتوي على حرف “الضاد”، بالإضافة إلى أن العرب هم أفصح من نطقوا هذا الحرف فمن المعروف أن حرف الضاد يعتبر من أصعب الحروف نطقاً عند غير العرب، كما أن بعض المتكلمين بغير العربية يعجزون عن إيجاد صوت بديل له في لغاتهم.

إبداع اللغة العربية

وقد أبدعت اللغة العربية بمختلف أشكالها وأساليبها الشفهية والمكتوبة والفصيحة والعامية، ومختلف خطوطها وفنونها النثرية والشعرية، آيات جمالية رائعة تأسر القلوب وتخلب الألباب في ميادين متنوعة تضم على سبيل المثال لا الحصر الهندسة والشعر والفلسفة والغناء.

وتحتل اللغة العربية المرتبة الرابعة بين أكثر اللغات انتشارا حول العالم، كما تتقدم على جميع لغات العالم بعدد المفردات التي تجاوزت 12 مليون مفردة، الأمر الذي يعكس الغنى والمرونة الفائقة فيها.

وتتميز اللغة العربية عن سائر لغات العالم بدقة ألفاظها في نقل المعرفة، حيث تعطيك اللفظ الدقيق الذي يصور الشيء على حقيقته.
عالم زاخر بالتنوع

وتتيح اللغة العربية الدخول إلى عالم زاخر بالتنوع بجميع أشكاله وصوره، ويزخر تاريخ اللغة العربية بالشواهد التي تبيّن الصلات الكثيرة والوثيقة التي تربطها بعدد من لغات العالم الأخرى، إذ كانت اللغة العربية حافزاً إلى إنتاج المعارف ونشرها، وساعدت على نقل المعارف العلمية والفلسفية اليونانية والرومانية إلى أوروبا في عصر النهضة. 

واستخدم معظم الأدباء والمفكرين اللغة العربية بشكل أساسي لكتابة الأعمال الدينيّة في العصور الوسطى، وزادت أهمية هذه اللغة عند انتشار الإسلام بشكل كبير، وأصبحت لغة الأدب، والعلم، والسياسة لفترة طويلة خاصة في الأراضي التي خضعت للحكم الإسلاميّ، وأثرت اللغة العربية بشكل كبير في العديد من اللغات العالميّة الأخرى.

كما أتاحت اللغة العربية إقامة الحوار بين الثقافات على طول المسالك البرية والبحرية لطريق الحرير من سواحل الهند إلى القرن الأفريقي. لغة لا تزال تحمل بين ثنايا حروفها كثيرا من الأسرار والزجالة، ما يولّد الرغبة لدى كثير من متحدثي اللغات الأخرى لتعلمها.

ربما يعجبك أيضا