لقاء ثلاثي برعاية روسيا.. هل تسحب تركيا قواتها من سوريا؟

إسراء عبدالمطلب
اجتماع ثلاثي بين تركيا وروسيا وسوريا

المحلل السياسي السوري، بسام البني، أقرّ بوجود تناقضات كبيرة بين النظامين التركي والسوري، مشيرًا في الوقت نفسه إلى وجود تهديد مشترك يجمعهما.. ما هو؟


يعقد وزراء خارجية تركيا وسوريا وروسيا لقاءً في النصف الثاني من يناير 2023، في خطوة جديدة للتقارب الحاصل أخيرًا بين أنقرة ودمشق.

وقبل أيام عقد وزراء دفاع الدول الثلاث اجتماعًا في العاصمة الروسية موسكو، كان الأول منذ اندلاع الحرب الأهلية السورية عام 2011، والتي تسببت بتوتر كبير في العلاقات بين النظامين السوري والتركي، بعد أن دعم الأخير المعارضة المسلحة في دمشق.

اجتماع ثلاثي بين تركيا وروسيا وسوريا

اجتماع ثلاثي بين تركيا وروسيا وسوريا

تقارب تركي سوري برعاية روسية

وقال وزير الخارجية التركي، مولود تشاوش أوغلو، لصحفيين، يوم السبت 31 ديسمبر 2022: “قررنا عقد اجتماع ثلاثي في النصف الثاني من يناير، وقد يعقد في بلد آخر”، وفق ما أوردته “فرانس 24“. وفي وقت سابق، أشار الرئيس رجب طيب إردوغان إلى أنه قد يلتقي نظيره السوري، بشار الأسد، بعد اجتماعات على مستوى وزيري الدفاع ثم الخارجية.

وتعد تركيا، البلد المجاور لسوريا، أبرز داعمي المعارضة السياسية والعسكرية، منذ اندلاع النزاع الأهلي، وتسعى روسيا لتحقيق تقارب بين البلدين الحليفين لها، اللذين يوحدهما مخاوف مشتركة من القوات الكردية في شمال سوريا، التي تحظى بدعم أمريك، في حين تصنّفها أنقرة بـ”الإرهابية”.

تركيا تستهدف أكراد سوريا

شنّ الجيش التركي سلسلة من الغارات الجوية، نهاية نوفمبر 2022، استهدفت مواقع للمقاتلين الأكراد في شمال سوريا والعراق، مهدّدة بعملية برية جديدة، بعد 3 عمليات سابقة شنّتها منذ العام 2016.

وحسب ما ذكره تقرير لـ”العربية“، قال وزير الدفاع التركي، خلوصي أكار، خلال الاجتماع الثلاثي الأخير في موسكو، إنه جدد تأييد تركيا لوحدة أراضي سوريا وسيادتها، وأن هدفه أنقرة الوحيد هو محاربة الإرهاب، مضيفًا: “لاحظنا أن ثلث سوريا تسيطر عليه الجماعات الإرهابية”.

سبب التواجد التركي في سوريا

أضاف وزير الدفاع التركي: “أوضحنا أن الجيش التركي موجود في سوريا لمحاربة حزب العمال الكردستاني، ووحدات حماية الشعب الكردية و”داعش” وإرهابيين آخرين، ولمنع الهجرة الجماعية”.

وأوضح خلوصي أنه من الطبيعي أن تأتي المفاوضات متأخرة جدًا، بعد 11 عامًا، خاصة مع وجود العديد من الأطراف الفاعلة على الأرض، ولا يمكن التوقع بتقرير كل شيء مرة واحدة في هذا الاجتماع، مضيفًا: “منعنا الممر الإرهابي، وبالتالي ساهمنا في السلامة الإقليمية.” وأشار إلى أن أنقرة ستواصل الاتصالات مع دمشق.

هل تسحب تركيا قواتها من سوريا؟

نقلت صحيفة “الشرق الأوسط“، يوم السبت، عن وسائل إعلام قريبة للنظام السوري، أن تركيا وافقت عقب الاجتماع الثلاثي على سحب قواتها من شمال البلاد، مشيرة إلى أن روسيا وتركيا وسوريا ناقشت أيضًا تنفيذ اتفاق توصل إليه الأطراف الثلاثة في مارس 2020، بشأن فتح الطريق السريع حلب – اللاذقية الدولي “إم 4”.

بسام البني

بسام البني

وقال الكاتب والمحلل السياسي السوري، بسام البني، في تصريح لشبكة رؤية الإخبارية، إن الاتفاق الكامل على سحب القوات التركية من الأراضي السورية لم يحدث حتى الآن، موضحًا أن الاجتماع الوزاري وضع مهام كل طرف على خارطة الطريق، التي تشمل إعادة بعض القوات السورية والتركية.

الجماعات المسلحة

أضاف المحلل السياسي السوري أن الاجتماع الثلاثي بموسكو شهد الاتفاق على فتح بعض الطرق وتسيير دوريات مشتركة، والاتفاق على عودة اللاجئين والنظر في وضع بعض الجماعات المسلحة وتفكيكها، أو ضمها للجيش السوري، على أن تكون هذه المساعي مشتركة على الأرض السورية، لإيجاد صيغة لتسوية أوضاعها.

وأوضح أنه يوجد تنظيمات مسلحة معارضة للنظام السوري تخشى من الملاحقة والمطالبة والاعتقال والقتل وغيره، لذلك يبدو أن تركيا بمعية روسيا تسعى لإعطاء ضمانات لحلحلة وتسوية أوضاع هؤلاء المسلحين، والاتفاق على الأجواء الأمنية على الحدود، وأن يستلم حرس الحدود السوري مهامه.

لقاء القادة

البني أضاف أن خارطة الطريق المتفق عليها شملت أيضًا تهيئة الأجواء الآمنة لبدء عمليات التبادل التجاري، من أجل إخراج سوريا من أزمتها الاقتصادية الخانقة، متابعًا أنه حتى الآن لم يصل الأطراف الثلاثة لتنفيذ أي خطوات، لكن يوجد رؤية لبحث هذه الأمور وتصريحات ايجابية وبنّاءة.

وأوضح أنه لا يمكن أن يكون الحل فوريًّا بين دمشق وأنقرة، لوجود تراكمات كبيرة على الحدود، وتراكمات على مدار 10 سنوات، على حد تعبيره، لذلك رجح المحلل السياسي التوصل إلى اتفاق بنهاية المطاف، عندما يعد قاء على مستوى القادة بوتين وأردوغان والأسد، بعد لقاء وزراء الخارجية، الذي عدّه بمثابة تحضير للقاء القمة.

صيغة جديدة

توقع البني الاتفاق على تفعيل اتفاقية أضنة لضمان الأمن الاستراتيجي التركي، وشرعنة العمليات العسكرية التركية على الحدود السورية، إن تمت،  ضمن اتفاقية جرى توقيعها عام 1998، وسيكون كل شيء مبني على قرار 2254، الذي يشمل الحل السياسي وتوافق عليه كل الأطراف.

وأقرّ بوجود تناقضات كبيرة بين النظامين التركي والسوري، مشيرًا في الوقت نفسه إلى أن ما يجمعهما هو محاربة المجموعات الإرهابية، ومن ناحية تركيا تعد وحدات الحماية الشعب وحزب العمال الكردستاني تنظيمات إرهابية، في حين ترى روسيا في قوات “الجيش الوطني”، المدعوم من أنقرة تنظيمًا إرهابيًّا أيضًا، لكنهما ستجدان صيغة وسط لتسوية الأوضاع.

وقال إن كل من يرفض الاتفاق سيواجه الأطراف الثلاث التركي والسوري والروسي، مضيفًا أنه من المبكر الحديث عن خروج القوات التركية بالكامل من الأراضي السورية، لأن أنقرة لا تريد الخروج حتى الآن، ولكن ستتشكل صيغة جديدة لحلحلة الأمور في شمال سوريا والمناطق الحدودية المتاخمة لها.

ربما يعجبك أيضا