لماذا تأتي العقوبات التي تفرضها الولايات المتحدة بنتائج عكسية؟

أحمد ليثي
العقوبات

عززت العقوبات الاقتصادية الواسعة التي فرضتها الولايات المتحدة على البلاد المناهضة للديمقراطية من انتشار الأسلحة النووية، في حين يعاني المواطنون العاديون في هذه البلدان من تدهور مستوى المعيشة وزيادة القمع الحكومي


تواصل الولايات المتحدة والدول الغربية فرض عقوبات اقتصادية واسعة النطاق على الأنظمة المعادية، مثل كوريا الشمالية وإيران.

وحسب تقرير نشرته الصحفية الأمريكية المتخصصة بالشؤون الإيرانية، باربرا سلافين، في موقع “ريسبونسبل ستيتكرافت“، لم تكن نتائج العقوبات الأمريكية إيجابية، بل زادت القادة الاستبداديين تمسكًا بمواقفهم.. فما الأسباب؟

العقوبات تأتي بنتائج عكسية

عززت العقوبات الاقتصادية الواسعة التي فرضتها الولايات المتحدة على البلاد المناهضة للديمقراطية من انتشار الأسلحة النووية، في حين يعاني المواطنون العاديون في هذه البلاد من تدهور مستوى المعيشة، وزيادة القمع الحكومي، حسب تقرير “ريسبونسبل ستيتكرافت” المنشور أمس الأول السبت 10 ديسمبر 2022.

وبدأت كوريا الشمالية تطوير واختبار الأسلحة النووية بعد انسحاب الرئيس الأمريكي الأسبق، جورج بوش، من معاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية، وتعرضت لموجة تلو الأخرى من العقوبات التي زادت من عزلتها، ما أدى إلى انعدام الأمن الغذائي، حتى إن العديد من الكوريين الشماليين يتناول وجبة واحدة فقط في اليوم.

إغلاق تام

رفضت حكومة كوريا الشمالية المساعدات من وكالات المعونة الدولية، مثل برنامج الغذاء العالمي، بحجة انتشار جائحة كوفيد-19، وأغلقت الحدود بينها وبين الصين التي كانت مليئة بالثغرات، ما جعل من الصعب على الكوريين الشماليين الهروب من بلادهم واللجوء إلى الصين.

وأجرت كوريا الشمالية عدة عمليات إطلاق صواريخ هذا العام، وأعادت تشغيل مفاعل نووي في مركز “يونجبيون” للأبحاث النووية العلمية، وهو ما يمكن أن يكون كارثة إشعاعية محتملة.

كيف تجمع كوريا الشمالية الأموال؟

تجمع كوريا الشمالية الأموال من خلال سرقة العملات المشفرة وغيرها من الجرائم، ولكن يبدو أن الرئيس الكوري الشمالي، كيم جونج أون، يجهز الجيل الرابع من عائلته لمواصلة السيطرة على الدولة، بدعم من الصين التي تفضل أن تكون لها جارة مارقة بدلًا من دولة ديمقراطية مزدهرة.

وذكر تقرير نشرته هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) في 6 فبراير الماضي، أن كوريا الشمالية سرقت عملات مشفرة تتجاوز قيمتها أكثر من 700 مليون دولار في 3 أعوام، مشيرًا إلى أن هذه الأموال غير المشروعة تعتبر مصدرًا مهمًّا لحكومة كوريا الشمالية، لتمويل برنامجها النووي والصاروخي.

العقوبات على إيران

لعبت العقوبات التي سبقت اتفاقية خطة العمل الشاملة المشتركة لعام 2015، دورًا في إنجاح المفاوضات النووية مع إيران، لكنها فقدت فاعليتها بعد انسحاب إدارة الرئيس الأمريكي السابق، دونالد ترامب، من جانب واحد من الاتفاقية، ومن ثم طوّرت إيران برنامجها النووي لإنتاج مواد انشطارية كافية لصنع سلاح نووي في غضون أيام.

وحسب التقرير، تواصل إيران دعم الميليشيات في العراق واليمن، ونظام بشار الأسد في سوريا، وتحافظ على علاقات وثيقة بـ”حزب الله” اللبناني المناهض للغرب وإسرائيل. وكذلك طورت طهران صواريخ ومسيّرات، رغم القيود التي تفرضها الولايات المتحدة على الأسلحة والتجارة الإيرانية.

الوضع الداخلي في إيران

أشار التقرير إلى أن الوضع السياسي الداخلي في إيران متدهور بسبب العقوبات، فقد تراجع الجناح الإصلاحي الذي دعم اتفاقية خطة العمل الشاملة المشتركة، وانتعشت جهود جناح المحافظين المتشدد داخل السلطة، الذي عزز القوانين التي تطالب النساء بارتداء الحجاب والملابس المحتشمة.

وزادت العقوبات من الفقر داخل إيران، مع انخفاض قيمة العملة وارتفاع التضخم، وتضاؤل التجارة والاستثمار. ويقبع أكثر من ثلث سكان البلاد الذي يتجاوز 80 مليون نسمة، تحت خط الفقر، وفقًا لمعايير الحكومة.

إضعاف الطبقة المتوسطة

قال الخبير الاقتصادي الإيراني، بيجان خاجيبور، إن مواصلة إضعاف الطبقة الوسطى سيزيد التدهور الاقتصادي المتوقع بفعل الافتقار إلى استثمارات البنية التحتية، وإن رفع العقوبات سيسبب مشكلات لأنه سيضع المزيد من الموارد في أيدي النظام.

ولم تتغير البلاد الأخرى التي واجهت مثل هذا الحظر، ومنها كوبا وسوريا وفنزويلا، إلى الأفضل، وهو ما جعل إدارة بايدن تخفف أخيرًا القيود المفروضة على الاستثمار الأمريكي في إنتاج النفط الفنزويلي، لتعويض الجهود المبذولة لخنق صادرات النفط في الأعوام السابقة.

ربما يعجبك أيضا